-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشيخ في شرم الشيخ

الشروق أونلاين
  • 1538
  • 0
الشيخ في شرم الشيخ

ما يحدث في العالم العربي والإسلامي، أهون مما يحاط بالمسجد الأقصى هذه الأيام في عز ذل ومهانة العرب والمسلمين! المقدسيون وسكان الأرض المحتلة والمحاصرة يدفعون الدم لتحرير الأمة العربية كلها وليس فقط بيت المقدس وفلسطين المسلوبة! إنهم يحررون الضمير العربي ويحررون الأنفس السلطوية الخائفة والمباعة في الأسواق النفطية العالمية. الشعب الفلسطيني الأعزل، في انتفاضة الأقصى، يدفع الدم الأبيض في مواجهة النار الحمراء على مرأى من عيوننا جميعا وعلى مسمع من آذاننا الخرساء التي لا تسمع إلا ما يأتيها من على طول الأيام البيض والليالي السود من البيت الأبيض ومن عواصم دول الجنس الأصفر! لقد بعنا نفطنا وأرضنا وعرضنا وأبناءنا ونساءنا مقابل أن يرضى علينا هؤلاء العلوج! وهؤلاء المقدسيون هم من سينقذون الشعب العربي والإسلامي كله من هذه المهانة الآسنة التي زكمت روائحها النتنة أنوفنا أكثر مما زكمت من نتانة “النتن ياهو”.

عندما تصبح مصر حليفة لإسرائيل ـ العدو المركزي ـ ضد أبناء الأرض والعرض والتاريخ الواحد والمصير المشترك، وتغرق القطاع بلا انقطاع بماء البحرـ كما لو كان الغزاويون جيش فرعون المتعقب لأتباع موسى في عرض اليم، تنقلب الموازين وتتغير المعادلات بطريق مشينة، ليصبح المصري العربي ـ المسلم والمسيحي ـ يخنق ابن أرضه وجلده (فغزة، تاريخا كانت تابعة لمصر وجزء لا يتجزأ من أرض الكنانة!) ويغرقه بماء اليم، تبدو المعادلة واضحة وضوح الشمس! فرعون الجديد يغرق أتباع موسى الجدد بمياه اليم القديم، قدم المعاجلة التاريخية بين الحق والباطل! الفرق أن سكان غزة لم يقطعوا البحر هربا من فرعون مع موسى وهارون، وإنما قطعوا العهد القديم الجديد، على أن يقطعوا العلاقة مع الخذلان والانصياع لدولة الظلم ولسلطة مظلومة تقبل المظالم!. كما أن أتباع غزة، الذي رفضوا مهانة مصر لهم وحصارها لهم، إنما فعلوا ذلك لأيمانهم أن الحرية مطلب لا يناله إلى من ارتضى الشهادة مسلكا والثورة مطلبا، لا من بدل الدين بالدنيا والحق بالباطل والحياة ذلا بالشهادة كرامة! وهذا ما أجن جنون فرعون مصر وجنوده ودفعهم إلى التنسيق الأمني من العدو في الشمال لضرب إخوتهم في الجنوب ووصل بهم الأمر بعد كل أشكال الحصار والتجويع إلى الإغراق الممنهج لأرض غزة الحدودية وتمليح تربتها حتى لا تنجب الأرض وحتى لا تنجب المرأة الغزاوية غزاويا قادرا على أن يغزو! أليست هذه لعنة الفراعنة على الفراعنة؟

نمت على هذا الكمد، لأجد نفسي أحضر قمة في شرم الشيخ وقد حضرها وفود من كل الأقطار العربية تحت “راية” منكسة للجامعة “العربية” تعلوها راية الجماعة العبرية! الوفود يرأسها إما وزراء الخارجية وإما الممثلون الدائمون للجماعة في مصر!

لست أدري كيف وجدت نفسي أتسلل إلى قاعة الاجتماع، إنما أتذكر أني تسللت بطريقة غير مرأية! فقد لبست طاقية إخفائي التي أتعمد وضعها على رأسي 

فهي شاشية تشبه شاشية اليهود، لكنها من الشيشان! أعطاها في شيخ مسن وجدتها في إحدى مهامي المهنية في جبل  “بلولودج” بالمنطقة! شيخ في 120 سنة من العمر! لما دخلت عليه، عرفني كما لو كان ينتظرني: قال لي: أجئت أخيرا؟ قلت له: هل كنت تنظرني؟ تعرفني؟ قال لي: أعرفك منذ ولدت كنت أعرف وأتابع سفرك منذ أن خرجت من بيتك وأنا من طلبتك في المنام! أوليس صحيحا أنك رأيتنى أطلبك في النوم قبل أربعين يوما؟ قلت له: تماما! وما السر أيها الشيخ الجليل؟ قال لي: أنت المترقب أن تذهب للجليل، لتعاين هناك الوضع العليل وتنذر الشعب الذليل بما سيأتي به القليل سيفتح به السبيل فتحا ليس له مثيل!” ثم ناولني طاقية قال لي: هذه طاقية إخفاء، تقول بسم الله العلي الجليل، لتجد نفسك تختفي عن الأنظار وتخترق الأميال كما لو كانت مجرد ميل، وتصل مختفيا إلى حيثما تريد كما لو كنت تبعث بـ”إي ميل”!

كان هذا قبل 3 أشهر، إلى أن وجدت نفسي أحضر من حيث لا أرغب ولا أردي إلى هذه القاعة المليئة بالوفود القعود! سمعت كل مما كانوا “يلوكونه” ورأيت كل ما كانوا فيما بعد وما قبل يأكلونه!: استدعوا بعد القيل والقال والكلام الفارغ من كل مقال، والمضغ والشرب إلى حفل استمضاغ ونهش وهمش وخمش إلى قاعة إماراتية المال والدعم المحال ووجدوا ما علموا حاضرا: خروف مشوي لكل كائن حي غير ذب بال! محاطا بعشر دجاجات وحمام وطيور نادرة مع أهرامات من فواكه مما يشتهون وعاملات آسيويات كأنهن الجبن المطحون!

تذكرت ما قاله لي الشيخ وكان علي أن أفعل شيئا بعدما رأيت الأفاعيل تفعل في الشعب الفلسطيني في هذه القمـ(ا)مة..! فقلد أجمع الجميع على الضغط على المقدسيين لكي يتفاوضوا من أجل أن يفرض عليهم اليهود قيودا جديدة وتصويرهم حتى في بتوت نومهم! وهذا لصالح الشعب الفلسطيني البطل! الذي سيؤمن اليهود حمايتهم من أعدائهم في غزة وفي الضفة أيضا!

أخذت عصاي التي أتوكأ بها وأهش بها على الوزراء والأمراء والكبراء .. ولي فيها أيضا مكارب كثيرة أخرى! فهي ليست كعصا سيدنا موسى، فهي لا تتحول إلى أفعى، ولكن تفعل الأفاعيل بدون تحول، لأنها لا ترى بالعين المجردة: لا أنا ولا هي، إذا ما كنت أضع الطاقية على رأسي!

رحت أمر عليهم واحدا واحدة وأن أضرب الرؤوس على رؤوس الأصابع والأرجل والمؤخرات وهم يحسون ولا يسمعون: تااكلوا الخرفان. آآه؟ المشوي.. الدجااج. آآآه. كليتوا القضية؟ كليتوا الشعب آآه؟ الرشاوي والمشاوي؟؟

ثم أشرع مرة على مرة أدفع بعصاي زجاجات المشروبات الحلال والحرام وما بينهما!: تشربوا الرهج! تشربوا لاركول؟ آآه.. المشروبات الروحية؟ روحي يا فلسطين روحي! أنتم تحرروا القدس أنتم؟ أنتم تخرجوا اليهود أنتم؟ تاكلوا الغلة في الليل وتسبوا الملة في النهار! كلامكم في العلن حاجة وفي السر حوايج! تاكلوا الكافيار نتاع الكفار؟ آآآه… قل عليكم الدجاج ولحم العنزي ياوجوه عنيزة نتاع امرئ القيس؟ يا عوالج بلا علاج؟؟ ياكروش البقراج.!

بدأت الموائد تهتز والأطباق ترتز، والأكواب تنبز، وبدأ الأكالون في حيص بيص..أيستمرون في الرهج وتذوق الركز واللكز، أم يخرجون خارج المركز! كان التململ واضحا وانتقامي صار جامحا، فتركت عصاي تحقق ما كنت إليه طامحا!

ويبدأ “المطرق يشرشف”! العصا تهوي على الرؤوس وفي النفوس ولم يسلم حتى سفير الروس! كل أكل المطرق حتى قال “فيكس”، والكل هرب في السيارة أو البيس أو راجلا أو في الأكسبريس!

وأفيق وأنا أضحك بعدما أشبعت ضربا زوجتي المسكينة التي كانت تنام غير مطمئنة، بعدما نمت وخيزانتي عند رأسي!..وأنا معروف بعلاقة “بحمار الليل”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!