-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفسـاد الدستـوري .. والإصــلاح

‬فوزي أوصديق
  • 4515
  • 0
الفسـاد الدستـوري .. والإصــلاح

استكمالا للسلسلة حول الإصلاح، وتبرئة للذمة، نرى أن الاصلاح الدستوري بعد الجلسات وما توصلت إليه الجولات المختلفة للحوار، البعض من المتحاوريين ينظر إلى أن طريق الإصلاح يبدأ بأبي القوانين (الدستور)، وأما البعض الآخر فيراه من خلال تحضير البيئة القانونية والدستورية لكي يتربع (الدستور) وهو مرتاح على عرش الديمقراطية..

  • أو تهيئة البيئة الشريعية، أما المتحاوريون الآخرون فالإشكالية عندهم ليس في الإصلاح بقدر ما هي في عدم تطبيق النصوص أو عدم الاعتياد على الاستنطاق اليومي لنصوص الدستور، مما جعل اللامبالاة والإهمال ينحران النظام الدستوري الجزائري، فالكل يملك جزءا من الحقيقة وليست الحقيقة المطلقة.. والكل أصبح يغني على ليلاه ويطالب بنظام برلماني، حتى الأحزاب غير الممثلة فيه، والتي اقصاها الشعب مرارا وتكرارا، كما أنه لم تحدد طبيعة هذا النظام البرلماني برأسين (غرفتين)، أو برأس واحد (غرفة واحدة)، والطبعة الحالية -المطبقة- هي مشوهه للنظام البرلماني الثنائي، واستنساخ سيء له، بحكم أنه خادم لأغراض سياسوية!!.. أهمها توقيف بعض التشريعات (المخالفة) للرغبات الرئاسية، وحتى الوصول إلى هذه الغرفة شكلا يتم من خلال نظام انتخابي أعوج ومتعفن، مما يسمح عدم التمثيل الحقيقي والنسبي لمختلف الشرائح والتوجهات السائدة في المجتمع، وأحيانا المجلس يشهر كفازعة للتخويف والترويج لبعض التيارات، لذلك فنظام المجلس داء، ودواء حسب الاستعمال…، داء بسوء الاستخدام أو تناقضه وفلسفة وجوده أصلا، فقد يكون خادما ومنقذا للسلطة الفعلية…، وأحيانا قد يكون دواء بالتوازن بين المجلسين -الأعلى والأسفل- أي الغرفتين، وإقرار الرزانة التشريعية.
  • فالفساد الدستوري لم يتوقف إلى هذا الحد، بل وصل وتغلغل في العديد من القوانين المساعدة على ترقية الديمقراطية الحقة، أو المساعدة على إفراز حقيقي للـتــداول على السلطـة، والتي تعرف لدى رجـــال القــانــون (بالقوانين العضوية) فمجالاتها اصبحت غير صالحة، أو تجاوزها الزمن، أو تحاول إرساء ديمقراطية شكلية يشوبها التزوير والتحوير من خلال العديد من الثغارات والتي لا اعددها هنا إذ يمكن أن يحتويها المقال.
  • ولست -شخصيا- مع أخذ بنظام المجلس أو المجلسين، وإن كنت أميل إلى نظام المجلس الواحد للعديد من الاعتبارات، أهمها أن نظام المجلس له مبرراته المنطقية والقانونية لإرسائه دون غيره بالجزائر، بحكم أن البعض في الجزائر بعيدا عن هذه التبريرات اراد ان يستعمله -مجلس الامة- للتقاعد السياسي، أو اكتساب نوع من العذرية السياسة، لعلها تشفع له ما يفسده الدهر، كما أن أعضاء مجلس الأمة لم يرتقوا للمستوى المرجو منهم والمتعارف عليه لدى العديد من المجالس المقارنة، مما جعل الكل ينظر إليه نظرة ريبة وتخوف، وأنه مخالف للديمقراطية الشعبية الحقيقية.
  • لذلك هذه القناعات والممارسات السيئة تحتم علينا بالضرورة التوجه للمجلس الواحد لعدم (خمور) فكرة المجلسين بالجزائر.
  • لذلك البعض ينظر إلى المسار الاصلاحي بالريبة للعديد من تصريحات الرسميين التي تتبنى طروقات دستورية قبل الحسم ورفع التوصيات، وذلك ما جعل الأزمة باقية والفساد الدستوري سيبقى…
  • كما أنه لا يجب أن ننسى أن الدساتير الجزائرية المتعاقبة منذ أعوام 1963، 1976، 1989 وترقيعاته المختلفة هي (دساتير أزمة) جاءت لحل وتصحيح بعض الممارسات الآنية وليس لبناء ممارسة وقاعدة ثابتة، مما خلق العديد من التناقضات، وجعل هذه الدساتير في متناول الرؤساء، ويغيرونها بدون ضوابط أو روادع تشريعية أو أخلاقية…
  • فالفساد الدستوري مستشر من خلال طبيعة التعاون بين مختلف المؤسسات واستقلالها، ظاهريا تبدو استقلاليتها ولكن بدون الضمانات الحقيقية لحماية هذه الاستقلالية!! وإنني لن أخرف بقدر ما استنطق بعض الممارسات السابقة وما أكثرها في جزائر ما بعد الاستقلال.
  • كما أنه من سمات هذا الفساد الدستوري، الاثراء في التعديلات مع كل رئيس، وذلك ليس مؤشرا على الثراء الفقه الدستوري الجزائري، بقدر ما هو مؤشر على التخبط في الهوية الدستورية وعدم الاستقرار في الخيارات السياسية والفلسفية للنظام السياسي الجزائري.
  • وأخيرا، يجب وضع حد لهذا الفساد الدستوري المتغلغل في آليات تسيير الدولة بإضفاء الشفافية وبالابتعاد عن الأوضاع الحالية، رغم أن العديد أو البعض من المدعوين الرسميين كانوا جزءا من الأزمة دون السماع للجزء الآخر، وهذا معرقل (لإرساء إصلاح شامل يرضي جميع الأطراف).
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!