-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مختصون دعوا إلى اعتمادها لحماية المستهلك والفلاح

“الفلاحة التعاقدية” لحماية السوق من الندرة والغلاء

نادية سليماني
  • 1537
  • 0
“الفلاحة التعاقدية” لحماية السوق من الندرة والغلاء
أرشيف

ينادي خبراء الفلاحة، بالتوجه نحو “الفلاحة التعاقدية”، التي تعتبر مفتاح استقرار السوق، وآلية لحفظ مجهود الفلاح على طول السنة، ووسيلة لتطوير قطاع الفلاحة في البلاد.
يشهد الموسم الفلاحي مؤخرا انتعاشا ملحوظا في منتج البطاطا التي دخلت الأسواق بكميات وفيرة وبأسعار تنافسية، بحيث وصل سعر الكلغ 20 دج لدى الفلاح، ومثلها الطماطم التي انتعشت من حيث الكم والسعر المناسب.
والإشكال المطروح بحسب الخبراء، أن المحاصيل الزراعية والتي نجدها متوفرة وبكثرة في موسم معين، تشهد ندرة وغلاء في الموسم المقبل، وهو ما عايشه الجزائريون في ندرة البصل مؤخرا. وبالتالي، قد تعاني كثير من المحاصيل ذات الاستهلاك الواسع، من هذه الأزمة مستقبلا.
فالفلاح الذي لا تتوفر أمامه مستودعات التخزين والتبريد ولا المصانع التحويلية، يضطر للاستغناء عن زرع محصول معين، تفاديا للخسارة، وهو ما يتسبب في أزمة تموين بالسوق.
وتعالت أصوات مهنيي شعبة الخضر والفواكه، مطالبين بما يسمى “الفلاحة التعاقدية”، التي تعتبر أنسب حل بحسبهم لضبط الأسواق والتحكم في الأسعار، وتوفير هامش ربح مناسب للمنتجين.

حلول مربحة للفلاح والمستهلك
وهذه الصيغة، بحسب تعريف رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين الزراعيين، منيب اوبيري، عبارة عن تعاقد دواوين الفلاحة مع الفلاحين، بحيث يتم مناقشة نوعية المحصول الذي سيزرع الموسم المقبل، وكميته، ويتكفل الديوان بشرائه وتوجيهه للمستهلك، والعملية تسمح بتوفر المحاصيل الزراعية على طول السنة، مع تفادي حصول ندرة وغلاء.
وذكر اوبيري لـ” للشروق”، أن المنتجات الزراعية متوفرة بالجزائر، ولكن الإشكال المطروح هو كيفية الحفاظ على السوق وضمان هامش ربح مناسب للفلاح، وخاصة بالنسبة للمحاصيل ذات الاستهلاك الواسع. وقال: “عندما يشهد المحصول وفرة في الجني، تنخفض أسعاره منطقيا، وقد لا يجني منها الفلاح أي ربح أحيانا، ولعدم وجود مخازن وقلة المصانع التحويلية، يقرر الفلاح “انفردايا” تجنب زرع هذا المحصول الموسم المقبل.
وأضاف محدثنا أنه في حال عدم اتخاذ إجراءات مناسبة مثل التخزين والتعاقد مع الفلاحين ودواوين الخضر والفواكه، لشراء المنتج عبر صيغة تعاقدية لها شروطها، لا نضمن استقرار الأسواق على طول السنة.

بإمكان المصدرين التعاقد مع الفلاحين
وقال مصدرنا: “الفلاحة التعاقدية” هي المخرج الوحيد لاستقرار السوق، وخاصة بعد أمر رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بإنشاء ديوان يتولى شراء كل منتجات الفلاحين ذات الاستهلاك الواسع، مشددا في الوقت نفسه على أن “جهد الفلاح خط أحمر”.
“ومهمة هذا الديوان هي شراء كل منتجات الفلاحين ذات الاستهلاك الواسع، من خضر وفواكه قابلة للتخزين، مثل البصل والثوم والبطاطا، بهدف تحقيق توازن في السوق الوطنية”، وأشار محدثنا، إلى إمكانية تعاقد المصدرين مع الفلاحين.
“والفلاحة التعاقدية، لابد أن تكون وفق خطة مدروسة، وقبل الانطلاق في موسم الإنتاج، مع اختيار نوع المحصول والكميات المطلوبة منه، وبطريقة مضبوطة، حتى يتمكن كل متدخل من نيل حقوقه”.

رقمنة الفلاحة.. ضرورة
ومن جهته، اعتبر رئيس المنظمة الوطنية للفلاحة والأمن الغذائي، كريم حسن، على أن السياسة الزراعية في الجزائر، بحاجة لنظام إنتاج وتسويق معتمد على قاعدة معلوماتية، لعصرنة الإنتاج الفلاحي وتأمين الطلب المتزايد للمنتج الزراعي، وقال لـ” الشروق” بأن العصرنة تعتمد أساسا على الرقمنة، “وهذا لم يجسد ميدانيا تعليمات رئيس الجمهورية حول ذلك “.
“فالملاحظ في الأسواق من تذبذب في الأسعار وانخفاض في أسعار، هو مؤشر على سوء التسيير الذي سيؤدي إلى نفور الفلاح من القطاع، وكذلك عدم وجود التعاقد مابين مؤسسات التخزين الدواوين والتصنيع والتصدير”.
وذكر: ” موسم الصيف هي فرصة لا تعوض في وفرة الإنتاج، وإذا لم يستغل هذا الموسم في الإطار الصحيح، يتكرر سيناريو الغلاء، وأشار أن الإنتاج في مواسم الشتاء يتطلب استثمار زراعي حقيقي بالبيوت البلاستيكية متعددة القبب، والزراعة العمودية لسد الطلب الفائض ومنه الحفاظ على القدرة الشرائية.
وأردف، على أن الآلية التعاقدية موجودة منذ القرن 19 في الولايات المتحدة الأمريكية، “ونحن كمنظمة نادينا بتعميمها في الجزائر، لكن لم تطبق نظرا لغياب الكفاءة والفعالية والقوانين التنظيمية والنصوص التطبيقية”.
ومن أسباب التأخر في تطبيقها بحسبه، نقص مؤسسات الصناعات الغذائية والتخزين، وحتى التخطيط في مواقع إنشاء المستثمرات، وعدم وجود إدارة للإنتاج عن طريق إتباع تقنية دقيقة وإرشادات حول كيفية الإنتاج، وهذا يتطلب إدماج المهندسين والتقنيين الزراعيين، “إضافة إلى عدم معرفة سمات المنتج والجودة والالتزامات بالبيع المستقبلي، من توقيت وموقع وسعر المنتجات الفلاحية، وهو ما يتطلب مخابر مختصة ودراسات دقيقة لضمان نجاعة المشروع بحسب الطلب”.

علينا مواجهة الكوارث الفلاحية بطرق علمية
وتأسف محدثنا، لغياب دراسة الخطورة في المشاريع الزراعية كاستثمار في الإنتاج والتسويق، وقال: “التأمين ليس حلا وحيدا، إذ يجب الوقاية من الكوارث بطرق علمية، كالحماية من الفيضانات والصرف الزراعي وتعقيم التربة بيولوجيا والمكافحة البيولوجية للأمراض النباتية، والتسميد العضوي. لأن المواد الكميائية تؤثر تأثيرا بليغا في جودة المنتج، ومنها يتأثر الإنتاج الحيواني.
ودعا إلى وجوب توحيد دفتر شروط خاص بالفلاحة التعاقدية من طرف الديوان، بمقاييس علمية، حيث يتم إنجازه من طرف المختصين على مستوى الوزارة المختصة، مع رد الاعتبار لمكاتب الدراسات الفلاحية، وإنشاء عمادة المهندسين الزراعيين والمجلس الوطني الأعلى للفلاحة والأمن الغذائي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!