الرأي

الكرة للفقراء والذهب للأغنياء!

محمد سليم قلالة
  • 3318
  • 9

هناك مفارقة عجيبة بين لعبة كرة القدم التي يُطلق عليها لعبة الفقراء والأموال الطائلة التي يجنيها الأغنياء من هذه اللعبة، وهناك مفارقة كبيرة أخرى بين السعادة التي يحصل عليها الفقراء جراء هذه اللعبة والقدر الكبير من المال الذي ينفقونه لأجل تحقيق ذلك من غير إرغام ولا قهر مباشرين، من شراء التذاكر التي تراوح سعرها في مونديال البرازيل 2014 بين 135 دولار في مقابلات الدور الأول و990 دولار في المقابلة الختامية (دون الحديث عن أسعار السوق الموازية)، إلى شراء وسائل الاتصال الرقمية أو الملابس الرياضية أوكل تلك السلع التي يتم الترويج لها أثناء المقابلات بما يدر على أصحابها ملايير الدولارات…

هل هو سحر العصر الذي يجعل الفقير يزيد الغني غنى وهو سعيد بذلك؟ أم أن فيه دلالة أخرى أن الفقراء لا يهمهم أن يصبح الأغنياء أغنياء ولا يحقدون عليهم إنما يهمهم فقط أن لا يمنعوهم من الشعور بالسعادة وألا يمارسوا عليهم الظلم إلى حد القهر، وأن لا يمنعوهم من الأمل في أن يصبح أحد أبنائهم يوما من أغنى الأغنياء… عندما يتحول إلى أحد كبار النجوم التي تباع وتشترى بملايين الدولارات؟

أسئلة محيرة حقا جراء ارتباط كرة القدم اليوم بالمال أكثر منها بالفن وروعة المراوغة واللعب.

ألم يصبح الحديث عن جدوى المتعة من خلال المراوغة وتلك الفنيات الاستعراضية الرائعة من قبيل الحديث عن شيء من الماضي باسم كرة القدم الحديثة التي أصبح  كل شيء محسوبا فيها، وأحيانا بالكمبيوتر، لأجل تسجيل الأهداف وتحقيق الانتصارات ليس فقط لإمتاع الجمهور  إنما لملء جيوب من هم خلف الستار من رجال مال وأصحاب شركات رهان كبرى وصيادي لاعبين لأجل المتاجرة وتحقيق مزيد من الربح.

ألم تعد تفوح من كرة القدم اليوم رائحة الاستعباد الجديد للعقول والعباد بدل رائحة المتعة والفرجة والفرح؟

كل هذه حقائق، نشعر بها ونعيشها، ولكنها لم تصمد أمام حقيقة ثابتة وأزلية تقول إن هناك اتفاقا غير مرئي بين الفقراء والأغنياء، ينطبق على كرة القدم كما ينطبق على كل مناحي الحياة.. يصلح في البرازيل كما يصلح في الجزائر يقول هذا الاتفاق خذوا الأموال التي شئتم، قوموا ببيع وشراء ما شئتم، فقط هو طلب وحيد منا، أن تبقوا لنا الحق في ترتيب حروف المال الذي تمتلكون بالطريقة التي نريد… أوليست حروف  المال الذي به تعيشون هي ذاتها حروف الأمل الذي لأجله نعيش؟

ماذا لو أخذتم كل المال حيثما كنتم دون أن تقتلوا فينا الأمل..على الأقل كما تفعلوا اليوم في كرة القدم؟

مقالات ذات صلة