-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بنت “الفاميلا”

نورهان بليدي
  • 1901
  • 0
بنت “الفاميلا”
ح.م

ترددت كثيرا في التطرق لهذا الموضوع الحساس، لكن تعدد الحالات لشباب تائهين لاقيتهم، يبحثون من دون جدوى عمن يسمونها “بنت الفاميلا” بغرض الزواج وإقامة أسرة متماسكة، يدفعني دفعا لكي أقدم على هذا النوع من النقاش الملغم، مع علمي أن الكثيرات من بنات جيلي، سيقرأن الموضوع من زاوية سيئة، وربما يسارعن إلى اتهامي بإهانة البنت الجزائرية، والله يعلم أني لا أريد إلا اصلاحا، ومحاولة للتنبيه إلى مخاطر حقيقية يعيشها المجتمع في سرية تامة.

الشباب اليائس الذين لاقيتهم، وقد تعبوا من رحلة البحث عن “بنت الفاميلا” التي يمكنها أن تكون شريكة حياة حقيقية، يكاد يجمعون أن البحث عن تلك النوعية في هذا الزمن، يشبه البحث عن إبرة وسط أكوام من التبن، إنهم يتحدثون بحسرة مثيرة للاستغراب، عن تجارب مريعة في أثناء محاولاتهم طرق أبواب عائلات تبدو في الظاهر محترمة، و”ناس ملاح”  وربما كانت عائلات متدينة، ومشهود لها بالحسب والنسب وبالأخلاق والصرامة، إلا أنه مع أول عملية بحث وتحر، في تاريخ البنت المعنية أو المرشحة  لتكون زوجة المستقبل، تكون الصدمة كبيرة جدا، بسبب ظهور ما يسمى بـ”التاريخ الأسود” لتلك المرأة، من خلال إما تعدد علاقاتها العاطفية، أو اكتشاف أمر حساباتها السرية عبر الفيسبوك أو الواتساب أو السناب شات وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي.

يقول هؤلاء المفجوعون، أنهم ليسوا ملائكة، وأنهم هم أيضا وبدورهم، كانوا أصحاب سوابق، ولطالما لعبوا ببنات الناس، عبر لعبة الحب ووعود الزواج الزائفة، وأنهم لطالما ظلوا الليالي الطويلة يسترقون لحظات الشهوة المحرمة في الشوارع وعبر مواقع التواصل خفية عن أهلهم وأهل الفتيات المغفلات، لكنهم حينما قرروا التوقف عن هذه اللعبة، وعندما قرروا التوبة والعدول عن الحرام، والبحث عن سبيل للحلال يرضي الله، أغلقت جميع الأبواب في وجوههم تقريبا، واتضح أن اللعبة التي كانوا يلعبونها خفية، لعبها كثيرون غيرهم، مع كثيرات أخريات، إلى درجة لم يعد ممكنا معها العثور على فتاة من دون سوابق، بعض تلك السوابق يندى لها جبين الانسانية.

ورغم أني كنت في كل مرة، أصر على ضرورة عدم التعميم، و”أن الخير ما زال كاين”، وأن بنات الفاميلا، موجودات بكثرة، ولا يتطلب الأمر إلا بعض الصبر والتحري والتوكل على الله، إلا أن الإجابات في الغالب تكون صادمة، من قبيل أن كل قطة مغمضة، فتحت عينيها في زمن الأنترنيت، وأن لعبة الجوال في اليد، قد حولت الكثيرات عن المسار المحترم لعائلاتهن، فصارت هناك عائلات أو فاميلات محترمة وبناتها للأسف غير ذلك، بدليل أن الأولياء، هم في العادة آخر من يعلم بما يجري في غرف بناتهم من انتهاك لقواعد الشرف والحشمة.

كنت وأنا أستمع لتلك الكلمات، أشعر بألم قاتل، لأني أعلم أن الأمر وصل بالفعل إلى حدود غير معقولة، ورغم غيرتي على بنات جنسي، إلا أن الكارثة أكبر من أن نغطيها بالصراخ أو الرفض أو توزيع الاتهامات الفارغة.

لقد كان ابن البلد في الماضي، حتى وهو في بلد الغربة، عندما يقرر الزواج يعود إلى البلد لينتقي عروسا (فيارج)، لم تلوثها ثقافة عصر الاستهلاك والانحلال في الغرب، وها هي المعادلة تبدو وكأنها تنقلب اليوم رأسا على عقب، وقد حدثني هؤلاء الشباب عن رغبتهم في الذهاب إلى أوروبا والزواج بأجنبيات، بالنسبة إليهم، فإن الأجنبية التي تضمن له أوراق الإقامة، لن تلعب معه لعبة الشرف الزائد، بل تكون أكثر صدقا ووفاء.

ومع ذلك، فإني أصر على حقيقة أن بنات “الفاميلا” موجودات وبكثرة، لكن لأنهن يمشين مع الحيط كما يقال، فإنهن يمضين في صمت، بعكس الأخريات ممن يملأن الدنيا ضجيجا حتى ظهر أنهن أغلبية، لكن هذا لا يعني عدم دق نواقيس الخطر، والتحذير من خطورة ما يجري اليوم، ضمن هذا التسونامي الجارف لكل ما تبقى من أخلاق وقيم وحشمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!