-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“تحلّف” استسلامي

عمار يزلي
  • 43
  • 0
“تحلّف” استسلامي

كما كان متوقعا، بقيت الجزائر على الحياد فيما سُمّي بـ”التحالف الإسلامي ضد الإرهاب”، الذي تتزعّمه السعودية، كما تزعمت سلفا التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، والتي لم تدخل الجزائر فيه ولا في غيره ومنه “القوة العربية المشتركة” التي اقترحها السيسي، الجزائر عوّدتنا على مثل هذه المواقف الموجّهة لأهدافٍ غير واضحة، رغم وضوحها: محاربة التطرّف، أي محاربة كل معارضة سياسة ضد الأنظمة القائمة، والتي قد تتحوّل إلى معارضة مسلحة كما في سوريا..

الجزائر، تعرف أن مثل هذه التكتلات التي تُبنى من حين إلى آخر حفاظا على النظام العربي المتهرئ القائم، وتلبية لدعواتٍ أمريكية لصدّ أي تهديد لمصالحها ومصالح إسرائيل بالمنطقة، لن تصمد وسرعان ما تنهار بفعل عدم الانسجام الداخلي لدول “التحلّف”. كما أنها تعرف أن ما يُبنى اليوم لهدفٍ معلن، قد يُستثمر غدا لهدفٍ غير معلن. هكذا، تحفظت الجزائر على كل مشاريع “التحلفات” في المنطقة العربية لأنها تعرف إنما هي صياغة جديدة لمسودة رديئة لتكتل دول المحور خلال الحربين العالميتين.. تكتلات إقليمية لضرب تكتلات إقليمية أخرى، فالهدف المعلن من هذه التكتلات، ليس “داعش” بالأساس، بل التخوف من التمدد الإيراني في المنطقة العربية على حساب نفوذ الدول النافذة سابقا من السعودية ومصر وبعض دويلات الخليج الممولة لهذه القوة بمال النفط.

 هذا التخوف من التغوّل الإيراني (وليس الإسرائيلي للأسف الشديد) هو ما يجعل الجزائر تنأى بنفسها عن مثل هذه التحالفات، بفضل سياستها الخارجية في هذا المجال، وبفضل عقيدة جيشها الوطني الرافض للعمل خارج حدود الجزائر، إلا لمحاربة عدوٍّ مشترك تاريخي وهو دولة الكيان الصهيوني، التي صارت لدى العرب “حليفا استراتيجيا” في محاربة “داعش” السنية وإيران الشيعية.. أو مصر الإخوانية.

نمتُ على هذا البلاء المزمن، لأجد نفسي ضمن لجنة المشاورات التي تمثل هيئة أركان الجيوش “الاستسلامية” الفاتحة (أفواهها)، وأرأس هذه الهيئة برتبة “موشار”.. (مشير) أحمل إحدى الجنسيات العربية من عائلة يهودية من القدس “أسلمتُ” قبل ثلاثين سنة واسمي “موسى إبراهيم عيسى” (لا رائحة لاسم محمد).. التحالف بطبيعة الحال كان تحت مظلة أمريكية إسرائيلية، والسلاح أيضا، إلا المال فهو مسلمٌ عربي “خالص” لوجه الله! لهذا حضر معنا اليوم منسّق القوات الجوية والبرية الجنرال “دافيد شيلوخيم” وها هو يلقي خطبة “تارك بن جياد” لفتح خراسان وطنز: شالوم آآليكم! أهدافنا كما ترون على الخريطة، ليست تنظيم داعش، بل القوة الشيعية الفارسية التي نجحت في الخروج من الحصار ومنعت إسرائيل من التدخل عسكريا لتدمير قوتها الاقتصادية والعسكرية. لهذا فداعش مجرد غطاء لنا، إيران تمثل تهديدا حقيقيا لنا كلنا، عربا وغير مسلمين من إسرائيل إلى برازافيل!

قام أحد شيوخ القبائل العربية وكان برتبة جنرال من فئة كابران وقال: يا قوم.. اتكلوا على الله واضربوا طهران والله المستعان! ردّ عليه آخر من نفس الفصيلة الدموية: والله يا عرب أحنا قادرين اليوم نسوي حرب ضد داعش إيران كما عملنا مع داعش الحوثي! قبيلة بني كُليب تغزو من الميمنة وثعلبة من الميسرة ونمير وحمير من الخلف.. إحنا قادرين والله ندكّ معاقلهم ونشرّد أولادهم ونرمّل نساءهم ونتزوج بناتهم، بس كونوا رجال وما تخافون!

تدخّل واحد لا أعرفه بلهجة جزائرية: أنتم تحاربوا إيران أنتم؟! والله تبللوا سراويلكم عند أول طلقة! أنا خارج.. تبقاو على شرّ!

 

وأفيق من نومة في خضمّ ملتقى حول بني قينقاع!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!