-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الاكتظاظ المروري بلغ مداه منذ بداية الدخول الاجتماعي

جزائريون يعيشون “الجحيم” على الطرقات

راضية مرباح
  • 1837
  • 0
جزائريون يعيشون “الجحيم” على الطرقات
أرشيف

عاد الازدحام المروري ليبلغ ذروته عبر مختلف طرقات عاصمة البلاد وبعض مدنها في مشاهد متكررة صباحا ومساء، حيث يتطلب قطع مسافة دقائق معدودة ساعات في أوقات الذروة، ما يخلّف آثارا وانعكاسات بليغة على كثير من المواطنين الذين يتأخرون في الالتحاق بعملهم ودراستهم وحتى بعض مواعيدهم الهامة، ناهيك عن التوتر والقلق الذي يعيشونه طيلة مسافة الطريق وهم يفكّرون في ما سينتظرهم أثناء طريق العودة مساء.
ورغم أن النقل عبر “الترامواي” أو “الميترو” قلّل نوعا ما من حدة الازدحام المروري، إلا أنها وسائل غير معمّمة على مختلف مناطق ومحاور العاصمة التي لم تعد الزحمة المرورية تفارقها إلا في شهر واحد في السنة وهو “أوت”، مقابل غياب مختلف الحلول التي بقيت مجرد حبر على الورق.

الجهة الغربية للعاصمة تستغيث..
ولعل مستخدمو الطريق الغربي للعاصمة الرابط بين الدار البيضاء باتجاه زرالدة، لهم ألف حكاية وحكاية مع الزحمة المرورية، فلا يخلو يوم من يوميات أصحاب المركبات من نرفزة وعصبية حادة، فالطريق السريع يعج يوميا بطوابير طويلة من السيارات قد تصل إلى كيلومترات عديدة حيث يبدأ الازدحام أحيانا وفي وقت الذروة أو المداومة، انطلاقا من مدخل سيدي فرج وصولا إلى بوشاوي ابتداء معاناة أخرى من الحاجز وصولا إلى سعيد حمدين أو أبعد، هو السيناريو الذي يتكرّر يوميا ويزيد من الحدة مع اقتراب الأعياد والمواسم لاسيما مع حلول كل دخول اجتماعي..
مشاهد تتكرر في الجهة العكسية للمنطقة، حيث تبدأ الزحمة من الجهة الشرقية وصولا إلى حي البهجة وأحيانا إلى غاية مدخل زرالدة مرورا بقاريدي وسعيد حمدين ثم بن عكنون وعين الله، في مسافة تقطع عاديا في أقل من 15 دقيقة، غير أنها تأخذ في مثل هذه الفترة أكثر من ساعة ونصف ساعة على الأقل في ظل افتقاد الجهة الغربية للعاصمة لمختلف وسائل النقل الجماعية كالمترو والترامواي اللذين قللا من الازدحام بشرقها وبشكل ملحوظ. ولعل عمليات الترحيل بالأحياء الجديدة التي عرفتها الجهة الغربية للعاصمة سواء باتجاه المدينة الجديدة أو المرحلين باتجاه بواسماعيل وفوكة بولاية تيبازة ضمن سكنات “عدل”، عبئا آخر للجهة ذاتها التي تعرف تدفقا للمواطنين سواء عمال أو زوّار.

النقل الجماعي.. حلّ من الحلول
ويرى الكثير من الخبراء في مجال السلامة المرورية، أن مشكل الازدحام المروري يتعدى مفهومه إلى كونه مشكلة اجتماعية تتطلب وضع استراتيجيات على المدى القصير والبعيد، لما تسببه من عصبية السائق، وهنا يكمن الخطر.
ويعتبر العارفون بهذا المجال أنه من الضروري التشجيع على استخدام النقل الجماعي لاسيما لفئة المتمدرسين والعمال بالمؤسسات التي يفرض عليها توفير هذا النوع من النقل، ضمانا لتخفيض الاختناق المروري كما يفرض الواقع ضرورة توسيع شبكات النقل عبر “الميترو” و”الترامواي” وحتى السكك الحديدية لتصل إلى مختلف المواقع الحدودية بالعاصمة وإرفاقها بأنظمة سلامة عصرية ضمانا لخفض الحوادث.

بلديات غائبة ومشاريع الحظائر الذكية في خبر كان
وإن كانت البلديات هي الأخرى من ضمن الحلقة التي ضاعفت من ازمة الازدحام، فيرى البعض أن رؤساء المجالس غير مهتمين بمداخل بلدياتهم التي تعرف يوميا اختناقا مريبا كاولاد فايت، والشراقة ودرارية وسطاوالي وغيرها، مرجعين السبب إلى الركن العشوائي للمركبات ومعها سد الطرقات بشكل يصعب مرور سيارتين في اتجاه واحد، وهنا يكمن فشل البلديات في تسيير ملف الحظائر كإصدار تعليمات ببنائها في الطابق الأرضي لأي مشروع سكني مع تنظيم حركة السير وإيجاد بدائل عن الحظائر العشوائية وهنا يذكر بعض المواطنين، نسبية تفكير “الأميار” الذين لا يمتلكون نظرة مستقبلية لاحتواء مشكل الركن بالاعتماد على الأنظمة الحديثة شأن الحظائر الذكية التي يمكن أن تنصب في مساحات صغيرة ويمكنها حمل أكبر عدد من السيارات، مشيرين إلى أن الازدحام المروري الذي نشاهده بالطرقات السريعة، تساهم فيه البلديات بنسبة معتبرة، فحين تزدحم المداخل يصل تأثيرها إلى الطرقات الكبيرة وهكذا..

تغيير ساعات الدوام.. وإخراج الإدارات والمؤسسات
ويقدّم بعض الخبراء والناشطون في مجال السلامة المرورية والمجتمع المدني وحتى أصحاب التعليقات عبر صفحات الفايسبوك، بعض المقترحات من أجل تجاوز الوضعية الحالية والتخفيف من حدة الازدحام المروري المشهود ومنها على سبيل المثال تطبيق نظام مداومة بتغيير أوقات الدخول والخروج بالمؤسسات العمومية لتفادي الوقوع في زحمة كبيرة في فترة واحدة، وكذا عدم مركزية الإدارات وبعض المؤسسات العمومية ونقلها خارج العاصمة، نظرا للعدد الهائل من المواطنين الذين تستقبلهم من مختلف ولايات الوطن، مع توفير فرص عمل لسكان الولايات المجاورة للعاصمة وتجنيبهم التنقل يوميا في غياب وسائل نقل خاصة لمؤسساتهم، فأغلب اليد العاملة المتوافدة على العاصمة تكون من ولايات تيبازة والبليدة وبومرداس وحتى تيزي وزو والمدية وعين الدفلى في ظل افتقاد مناطقهم لمؤسسات إنتاجية تستغل طاقاتهم.

الاختناق المروري.. توتر وأمراض وهدر للطاقة
وفي سياق ذي صلة أشار البروفيسور أحمد قوراية أستاذ وخبير في الصحة النفسية، أنّ ظاهرة الاختناق المروري في المدن الكبرى من أبرز الظواهر المنتشرة عبر العالم، بما فيها العاصمة الجزائرية التي بات من الضروري إيجاد حلول واقعية لا ترقيعية لها، مؤكدا على ضرورة أن يعي الجميع أن السائق يتعرض يوميا إلى ضغوطات نفسية حادة، جراء الأضرار المترتبة عن هذه المشكلة التي أضحت تؤرق السائقين وأيضا مستعملي النقل الجماعي الخاص والعام، مضيفا أنه يترتب عن الازدحام المروري عبر الطرقات خاصة في ساعات الذروة مع الساعات الأولى للنهار الذي من المفروض أن يكون فيه الشخص أو الموظف خاصة في حالة نفسية مرتاحة حتى يستطيع أداء مهامه على أكمل وجه بدل الخمول والكسل نتيجة الإرهاق والتعب الذي يتعرض إليه أثناء الطريق.
وأردف المتحدث بالقول إن الازدحام المروري آثاره سلبية على الجهاز العصبي للسائقين، وأيضا على الركاب لأن الاحتشاد المروري يسبّب عديد الأمراض الجسدية وفي مقدمتها الضغط الدموي، وتزيد حدة السكري لدى الفرد المصاب بداء السكري لأن توقف حركة المرور لساعات طويلة لا تزيد السائق ومن معه إلا تذمرا وحسرة وأسى وتوترا نفسيا، كما له أثر على سلوك الفرد، حيث يصبح يتفوّه بكلام غير لائق لأن في العموم –حسب المتحدث- لابد من أن تكون علاقة بين الإنسان والطبيعة علاقة انسجام وتناغم، والضغط الذي تسببه حركة المرور تخرج الفرد عن طبيعته عبر بوابة الشعور اللاواعي.
وأضاف قوارية الازدحام يؤثر سلبا أيضا على حالاتنا المزاجية والتي يطلق عليها بـ”النوبات الإنفعالية”، فيحدث فتور في الجسم وهذا ما يؤكد أن الحالة النفسية لها ارتباط بليغ بالذاكرة كذلك، ففي حالة الضغط على الوتر النفسي الحساس نتيجة الشعور بالارتباك وتعكّر المزاج أثناء الطريق نتيجة حشد السيارات عبر طرقاتنا طبعا سيضعف من مردود العامل لأنه هدر كل طاقته أثناء الطريق وهذا سيؤدي لا محالة إلى أثار وخيمة من الناحية الاقتصادية الناجمة عن تغير في مزاج ونفسية الموظف قبل التحاقه بمنصبه في العمل لأن أي تأخر في الوقت وفتور ووهن ومشقة الطريق سينعكس سلبا حتما على الاقتصاد وعلى نفسية الشخص، يضيف البروفيسور.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!