-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

زلزال تركيا وسوريا.. عبرةٌ للجزائر

حسين لقرع
  • 3048
  • 0
زلزال تركيا وسوريا.. عبرةٌ للجزائر

إثر الزلزال العنيف الذي أحدث دمارا كبيرا في جنوب تركيا وشمال سوريا، وقتل عشراتِ الآلاف من مواطني البلدين، سارعت العديدُ من دول العالم إلى إرسال فرق إغاثةٍ إلى تركيا وبدرجةٍ أقلّ إلى سوريا التي لم تحظَ بتعاطفٍ عربيّ ودوليّ كبير بسبب الموقف الدولي السلبي من نظامها، وكان ذلك إحدى النقاط السلبية التي أعادت إلى الواجهة مسألة “التضامن الإنساني” الذي أضحى يتعرّض إلى انتقائيةٍ فجّة، مثلما حدث في مناسباتٍ سابقة كتمييز الأوروبيين بين اللاجئين الأوكرانيين ولاجئي سوريا والعراق وأفغانستان…

كان على دول الغرب أن تنسى نظام بشار الأسد وتسارع إلى نجدة الشعب السوري في محنته، ولكنّها فضّلت توجيه جلّ مساعداتها إلى تركيا، وتذرّعت بعدها الأممُ المتحدة بـ”تضرّر شبكة الطرق والمناخ الشتوي القاسي ونقص الوقود” لتبرير تأخّرها في إيصال المساعدات إلى آلاف المنكوبين في المحافظات السورية التي ضربها الزلزال.

أمّا الأدهى من ذلك والأمرّ، فقد جاء من الدول العربية التي أعلنت، بعد ساعات قليلة من وقوع الزلزال، بناء جسور جوية لإيصال المساعدات “الإنسانية” إلى تركيا، وسكتت عن منكوبي سوريا!

هذه الدولُ التي تتّخذ مواقفَ معادية للنظام الحاكم في دمشق منذ بداية الأزمة في 2011، كان عليها أن تتناسى كلّ ذلك الآن وهي ترى تداعياتِ الكارثة المهولة التي حلّت بسوريا التي دمّرتها الحرب الأهلية وتركتها الآن في وضع اقتصادي بائس جعل يد الحكومة عاجزة عن الوصول إلى آلاف المنكوبين ومدِّهم بما تيسَّر من المساعدة.. فهي بحاجة إلى فرق إغاثة إضافية ومُعدَّات تنقيب وخيمٍ وأدوية وأغذية وبطانيات للمنكوبين لمواجهة البرد الشديد الذي يقترب من درجة التجمّد في كل ليلة بفعل استمرار سقوط الثلوج والأمطار.. فلماذا يبخل عليها أشقاؤُها العرب بشتى أشكال المساعدة وهي تجتاز محنة أخرى شديدة بعد مأساة الحرب الأهلية؟ نأمل أن يتغيّر الوضعُ قريبا وتنهال المساعداتُ العربية والدولية على سوريا، كما تنهال على تركيا، من دون تفرقة بين مناطق النظام ومناطق سيطرة المعارضة.

خلال هذا الزلزال المدمِّر الذي محا الكثيرَ من الأحياء السكنية والعمارات وسوّاها بالأرض في تركيا وسوريا، تحدّث خبراء دوليون عن “البنايات السيّئة” في البلدين، وعدم احترام المعايير التقنية للبناء الحديث الذي ينبغي أن يكون مضادًّا للزلازل كما هو الحال في اليابان والدول الحديثة. وهذا ما يفسِّر الحصيلة المرعبة للزلزال بالبلدين معا. والواقع أنّ هذه المسألة المزعجة والمسكوت عنها قائمةٌ أيضا في الدول العربية كلّها؛ فهي لا تعاني قِدمَ مساكنها فحسب، بل إنّ المساكن الحديثة أيضا ليست مضادّة للزلازل ومثقَلة بالغشّ في الإنجاز، ما يجعل أزيد من 400 مليون عربي عرضة لخطر كبير إذا وقعت -لا سمح الله- زلازل مدمّرة في بلدانهم، بحجم زلزال تركيا وسوريا الذي شعرت به ثمانو دولٍ مجاورة.

في الجزائر، أثيرت هذه المسألة عقب زلزال بومرداس 2003 الذي أودى بحياة 2600 مواطن وجرح الآلاف، خصوصا أنّ العاصمة والمدن الكبرى تتميّز بكثرة البنايات القديمة التي تعود إلى العهد الاستعماري، فضلا عن تفاقم الغشّ في البناء كما تأكَّد خلال زلزال بومرداس. ولعلّ وقوع زلزال تركيا هو مناسبةٌ لمعالجة هذه المسألة قبل فوات الأوان؛ إذ ينبغي منذ الآن وضعُ مخططٍ عاجل لبناء أحياءٍ سكنية جديدة مُقاوِمة للزلازل وترحيلُ سكان العمارات القديمة إليها والتي ينبغي تهديمُها لاحقًا، تحجيمًا للخسائر وحفاظًا على الأرواح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!