-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حقيبة تراث في كيان بلا تراث

حقيبة تراث في كيان بلا تراث

هناك من وصف حديث وزير ما يسمى “التراث الإسرائيلي”، عن اقتراحه أو أمنيته بإنهاء غزة وأهلها من الوجود بقنبلةٍ نووية لا تُبقي منهم نفَسا ولا تذر، بالصادم والخطير، وكأن حامل حقيبة التراث المتفجرة في حكومة الاحتلال، قال أمرا جديدا أو استثنائيا.

وللّذين لا يعرفون أو ربما نسوا، فإن الكيان الإسرائيلي يسمي هذه الوزارة اللقيطة “وزارة شؤون القدس والتراث”، وهي الوزارة الساهرة على تهويد القدس بالكامل، وخطتها التي طرحتها دائما هي إزالة كل ما هو عربي وإسلامي ومسيحي من القدس، بقنبلة تهويد، نراها أشد من أي قنبلة نووية، لأن ما بعد القنابل، مهما كانت شدّتها، حياة.
من النقاط الإيجابية في هذه الحرب الدامية والوحشية على قطاع غزة، أن اللون الرمادي زال نهائيا، ويمكننا الآن أن نسمي الأفراد والجماعات والحكومات والدول بأسمائها الحقيقية، والواقع أن أطنان القنابل وأودية الدم وهتافات التكبير، جعلت كل فرد على وجه الأرض، يخرج عن صمته، بين مُرتم في الحضن الأمريكي، وراقص على أشلاء الشهداء وحامل لشعارات الاستئساد وفي الحروب نعامة، فاتضحت الصورة ولم يعد بمقدور أي كان أن يغالط الناس.
لا نفهم كيف يبصم العالم على إرهابية مجموعة مقاوِمة، أسرت بعض الجنود، ولا يعلقون حتى على وزير في حكومة يستشرف أو يتمنَّى إلقاء قنبلة نووية على قطاع يقطنه 2.3 مليون نسمة؟ ولا نفهم كيف لليونيسكو أن تصمت حيال ما يدمَّر من متاحف ومعالم بل أمام هذا التصريح من وزير هو عضو في هذه المنظمة التي تقول إنها تدافع عن التراث؟
لم تعد كلمة “إرهاب” مناسبة لوصف ما يقوم به الصهاينة تجاه الفلسطينيين، ولم تعد صفة “سفّاح” تليق بنتانياهو وأمثاله، ولم تعد حتى كلمة “الانبطاح” تصلح للشياطين الخُرّس، من الذين يتابعون هذه المشاهد المنقولة بالصوت والصورة وبالنار والدم على مدار النهار والليل، فقد حان الوقت لاستعمال مفردات جديدة بعد أن شاهدنا مجازر جديدة وخيانات جديدة.
لم تختر أمريكا في حروبها الجديدة على بلاد جمال الدين الأفغاني والمعتصم بالله وعمر بن عبد العزيز في أفغانستان وعاصمتي الخلافتين العباسية والأموية، عبثا، وإنما كانت تختار التاريخ والتراث، قبل الجغرافيا والثروات، لأجل ذلك نجدها الآن تؤيد ومن دون أي حدود الأعمال الوحشية التي تقوم بها ربيبتها إسرائيل، وتقود رفقتها كل العمليات الإجرامية من غرفة، لا تعلو فيها كلمة على “اقصف ودمِّر”.
أمريكا هي البلاد الوحيدة في العالم، التي تفتخر بما تقوم به من دمار، ففي السادس من أوت من سنة 1945 عندما ألقى الطيار الأمريكي بول تيبيتس القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما اليابانية، وقتل أكثر من مئة وأربعين ألف شخص، عاد مبتهجا إلى بلاده، وهو يصيح: “أبشروا لقد شاهدتُ المدينة ودمّرتها”، وواضح أن الذين دمروا مستشفى المعمداني، ومدارس غزة ومساجدها وكنائسها، يعودون إلى غرفة العمليات، حيث نتانياهو وبايدن ليبشّروهما بتدمير التراث، لأجل من لا تراث له.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!