دور حضانة “تدوس” على الهويّة!

أحدثت تعليمة وزارة التضامن، التي تحذر دور الحضانة ورياض الأطفال، من تجاهل تلقين الأطفال القيم الدينية والأخلاقية، والاجتماعية والثوابت الوطنية “بلبلة” وسط المؤسسات المعتمدة، خاصة مع تهديدات الوزارة بعقوبات ردعية وغلق فوري للمؤسسة، والإشكال في الموضوع، أن مؤسسات رياض الأطفال المعتمدة، تقدم برنامجها المسطر للأطفال، ضمن ملف الحصول على اعتمادها، في وقت تنشط الدور غير المعتمدة منها بصفة عادية وعلنية..!!
وجهت وزارة التضامن الوطني، منذ أيام، تعليمة لدور الحضانة وكافة مؤسسات استقبال الطفولة، تحمل تحذيرات بشأن “تجاهل” هذه المؤسسات، تلقين الأطفال القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية، والثوابت الوطنية.
وجاء القرار، إثر رصد دوريات تفتيشية لرياض الأطفال، تجاوزات في هذا الشأن، اعتبرتها الوزارة في تعليمتها بتجاوزات “غير قانونية”.
وهددت الوصاية، المخالفين وغير الملتزمين بالقرار، بعقوبات ردعية، تصل إلى الغلق الفوري للمؤسسة والسحب النهائي لرخص الاعتماد.

دور حضانة تحتفل بـ “الكريسمس” و”الهالوين”..!
وتعليمة وزارة التضامن لم تأت من فراغ، إذ لطالما اشتكى أولياء الأمور من وجود تجاوزات داخل بعض دور الحضانة، فزيادة على أسعارها المرتفعة، البعض منها تتجاهل كلية تلقين القيم الدينية والوطنية للأطفال، لدرجة باتت تحتفل بأعياد رأس السنة الميلادية “الكريسمس” عن طريق إحضار شجرة الميلاد وتقديم الهدايا للأطفال، وعيد “الهلوين” أو عيد الرعب. وأخرى تعتمد على اللغة الفرنسية للتخاطب مع الأطفال.
وهذه السلوكات جعلت العائلات، تفضل مؤخرا تسجيل أطفالها قبل سن التمدرس بالمساجد، التي باتت وجهة مفضلة السنوات الأخيرة، في ظل ما تقدمه للأطفال من قيم دينية. والأكثر غرابة أن بعض دور الحضانة تنشط بطريقة غير شرعية ولا قانونية.

إطارات من الشؤون الدينية والتربية الوطنية تراقب البرامج
وفي هذا الصدد، برأت رئيسة الفدرالية الوطنية لمؤسسات استقبال الطفولة الصغيرة ودور الحضانة، المنضوية تحت لواء الإتحاد الوطني للتجار والحرفيين، نوارة بن خروف، دور الحضانة المعتمدة، من ممارسة السلوكات، التي ذكرتها تعليمة وزارة التضامن، مؤكدة في تصريح لـ “الشروق” أن مسيري دور الحضانة وحسب المادة 15 ملزمون بتسليم برنامجهم السنوي، إلى الوزارة الوصية، حسب ما ينص عليه دفتر الشروط، قبل حصولهم على الاعتماد.
وحسبها، البرنامج المسطر وقبل الموافقة عليه، تطلع عليه لجنة مختلطة تضم إطارات من وزارة الشؤون الدينية، ومن وزارة التربية الوطنية، “وبالتالي لا يمكننا التجاوز في هذا الأمر المهم” على حد قولها.
وتأسفت المتحدثة، كون التعليمة لم تذكر ماهية دور الحضانة المتورطة في تجاهل تلقين الأطفال للقيم الدينية والهوية الوطنية، ” إن كانت معتمدة أو غير معتمدة”. وقالت بن خروف، بأن كثيرا من دور الحضانة غير القانونية، لا تملك برنامجا مسطرا للطفولة، ومع ذلك تنشط علنا وتشهر للمؤسسة.

حليب الأكياس.. ممنوع في دور الحضانة
وتطرقت المتحدثة إلى “مزاحمة” دور الحضانة غير الشرعية لنظيرتها القانونية، فزيادة على انخفاض أسعارها “لأنها لا تقدم خدمات نوعية للأطفال، فهي تلقن أحيانا برامج غريبة للأطفال”.
وذكرت المتحدثة أيضا مثالا، متعلقا بتعليمة وزارة التجارة التي تلزم دور الحضانة، بعدم تقديم حليب الأكياس المدعم للأطفال، وتعويضه بحليب العلب، بحيث يتم مراقبة الأمر من لجان تفتيشية، ولكن رياض الأطفال غير المعتمدة تقدم حليب الأكياس وبصفة عادية، وهو ما يجعل أسعارها منخفضة، أما نحن فنقتني حليب العلب المرتفعة أسعاره، وهو ما ينعكس على أسعارنا التي يجدها الأولياء مرتفعة”.
وتؤكد، المتحدثة، توجيه فدراليتهم وفي عدة مناسبات مراسلات إلى وزارة التضامن الوطني، تتطرق إلى انشغالاتهم اليومية، التي تعيق إتمام مهامهم على أكمل وجه.
وقالت “الإشكال أيضا، أن دور الحضانة تابعة لهيئات متعددة، وهي وزارة التضامن الوطني، التي تمنح الاعتماد، ووزارة التجارة التي تراقب السجل التجاري، وأيضا الولاية. فهذه الهيئات الثلاث مجتمعة تراقب عملنا، ومع ذلك كثير من حقوقنا مهضومة”. وهو ما جعلها، تدعو إلى الأخذ بعين الاعتبار، مجهوداتهم اليومية، لتلقين الأطفال قيمهم الدينية والوطنية، “فنحن لا ننتظر مراقبة في هذه المواضيع، التي تعتبر خطا أحمر بالنسبة إلينا” على حد قولها.