-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ذاك العنف من ذاك الأنف

عمار يزلي
  • 1018
  • 2
ذاك العنف من ذاك الأنف
الأرشيف

ظاهرة العنف في الملاعب، يراها البعض من السياسيين البعيدين عن “الغوغاء”، عودة! فيما نراه “عدوى”! السبب، هو أن العنف لم يتلاش، بل يتناشى! لم يتمدد، ولم يتعدد، لكنه يتجدد! لهذا، فالكثير من المحللين والسياسيين يرون في التخريب والعنف الذي قام به “أنصار” بعض المهاجرين، أو مهاجري بعض الأنصار، في كل من وهران وقسنطينة قبل أسبوعين، هو انتكاسة، وعودة للعنف باسم الرياضة! مع أن العنف في الرياضة، لم ينته ولن ينتهي. أعتقد انه ماض ويتمدد ومستقبل ويتجدد وحاضر ويتعدد! العنف صار ثقافة شعبية عامة من المدرسة الابتدائية وقبلها في الحضانة، إلى الجامعة، إلى العمل! المشكل، يراه البعض مطروحا على مستوى الأجهزة الأمنية ومعادلة الحل الأمني، وهذا غير صحيح: المسألة لن يحلها الأمن وحده ولو كرس له حلف أطلسي! نحن نتعامل مع واقع متحول، متغير منقلب رأسا على عقب في مرحلة انتقالية قد تطول: انتقالنا من مجتمع هادئ، مستقر نسبيا، “اشتراكي”، شعبي اجتماعي، حتى 1990،، حيث الكل يعمل ولو على حساب فلسفة العمل نفسها. الكل يذهب للعمل وله راتب محترم يكفي قدرته الشرائية، ولم يكن هناك ما يتهافت عليه الناس للشراء، لقلة المعروض وندرة الشراء! لم نكن نعرف معنى الاستهلاك الواسع، لأننا كنا نستهلك ما هو معروض والمعروض كان قليلا! لذلك، كن المال موجودا، ولكن ما تشتريه لم يكن موجودا إلا بقدر الكفاية! فمفهوم “الحاجة” كان يقتصر على الضروري لا على الكمالي! بعد التسعينات، عشنا حالة انفلات اجتماعي أمني وسياسي: رأسمالية منفتحة على المجهول! من لا يسرق ولا يناور ولا يشفط ولا يتملق لا يمكنه أن يعيش، فضلا على أن يصبح ذا مال! هكذا صار الكثير منا يلهث وراء المال والربح السريع ولو في المحرمات! والأفيرات والتملق السياسي والبحث عن الكراسي! وكل من سار على الدرب وصل والقليل.. حصل!! أبناء 1990، وجدوا أنفسهم في فوهة المدفع: في حرب لا قبل لهم بها! فكان التفكير في الحرقة أو في البقاء، لكن عن طريق سلوك مسالك أخرى للثراء أو للعيش أنتيك!: سرقة، عنف، تحايل، اختطاف، إرهاب! هذا المجتمع كيف له أن يكون عنيفا وهو يتحول بشكل قهري وسريع ومريع في دوامة لا يعرف مخرجا منها ويبحث عنها بكل السبل والطرق! العنف يصبح ثقافة وسلوكا من حيث لا يدري صاحبه لماذا هو هكذا!
العنف في الرياضة، سببه أيضا الوضع في المؤسسات الرياضية البائسة المتصارعة المتناحرة، في المنتخب الوطني، في النوادي، في الفدرالية، الذي ينعكس حتما على الجمهور وعلى الأنصار! إننا نتخندق في الشوفينية المحلية، وهويات جماعية وكأنها فرديات قبيلة! إنها العودة إلى الذهنية القبيلة، حيث كل واحد يحارب لأجل دواره وقبيلته وعشيرته وجيبه! هذه الفردنة ـ الجماعية للمجتمع، السبب في مآلها هذا، هو هذه التحولات غير المتحكم فيها وما نجم عنها من تشكل فوارق طبقية أساسها ليس الكفاءة ولا العلم ولا العمل، بل “الشطارة” والـ”القفازة”.. السيئة السمعة.
والحل، هو إصلاح جذري وشفاف وأخلاقي وانفتاح على الشباب ومآلات الجزائر 2030، لأنه بعد 12 سنة فقط، سيكون الجيل الماسك بمقاليد الوصاية قد انتهى، وسنجد نفسنا أمام بوابة موصدة أمام الأماني والآمال.. آمال 75 في المائة من الشباب الباحث عن الحلم.. حتى لا تتحول هذه الطاقة البانية إلى طاقة هدامة، مخربة لكل ما بنيناه وشيدناه وأنفقنا عليه الأموال والأنفس والثمرات والعرق والدم.. والنفط!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • الجزائر

    صح الكلام.المضاربة والجشع وعدم إقتسام الأرباح مع العمال.
    الرأسمالية ، والدارونية الإجتماعية شيء واحد..كلاهما مستمد من التلمود. يظن من يملك المال بطرق ملتوية أن الله قد إختاره لحمل تلك المهمة. (شعب الله المختار) ..أما عامة الشعب فهم عبيد سخرهم الله لخدمته وخدمة (المختارين) الآخرين.
    المشكل أن البعض يقابل التخلي عن الرأسمالية بالعودة إلى الإشتراكية ، لكن ذلك خطأ ..فهناك العديد من النظريات الإقتصادية التي تشجع على توزيع الثروة بشكل عادل ولاتتسبب بالآفات الإجتماعية الخطيرة التي تنشأ عن الرأسمالية.
    كما أن الإشتراكية نفسها أنواع..قد تكون الإشتراكية قسرية (غير محبذة) ..أو تكون إشتراكية طوعية.

  • الطيب / الجزائر

    العنف في أصله كان شجيرة و لكن الشجيرة أصبحت شجرة جذورها غزيرة التفرع ، كلما تمددت هذه الجذور مست منحى من مناحي حياتنا ( الأسرة ، المدرسة ، الشارع ، الإدارة ، النقل ، الجامعة ، المصحة ، الملعب ، ...... ) لتتفرع عنها أشجار أخرى محولة مجتمعنا كله إلى غابة !! .....كم كان العنف سهلاً لاجتثاثه من جذوره و هو شجرة و كم هو صعب عندما تحول إلى غابة !!!