-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ثاموغلي

ذكرى الشهيد من خلال الأغنية القبائلية

ذكرى  الشهيد  من  خلال  الأغنية  القبائلية

ذكرت المصادر التاريخية أن المرأة القبائلية كانت تشارك في الحروب الثأرية التي تندلع بين الصفوف (الأحلاف) المتحاربة، لمناصرة صفّها عن طريق إلهاب حماس المقاتلين بالكلمات المؤثرة، والصياح، ومداواة الجرحى. وكان وجودها في الخطوط الخلفية يحول دون تراجع المقاتلين خوفا من العار، لأن النسوة كنّ يؤشّرن بمادة الفحم على ظهور الهاربين من ساحة المعركة لفضحهم لدى أهل القرية

  •  وانتقلت هذه الثقافة إلى جيل الثورة، وكان تأليف الأناشيد الوطنية الحماسية، وتمجيد شهداء الوطن، أحد مظاهر مشاركة المرأة في الثورة التحريرية. وفي هذا السياق، جادت قرائح النسوة برصيد شعري إبداعي كبير، غير منسوب لأحد، يُتغنّى به في المناسبات، غطى جميع مجالات الحرب، كاحتضان الشعب لثورته المباركة، والتنويه بانتصارات المجاهدين، ورثاء الشهداء، والتشنيع بجرائم الاستدمار الفرنسي. وبعد الاستقلال احتلّ رثاء الشهداء حيّزا بارزا في إبداعات المغنّين الكبار من حجم، لونيس آيت منقلات، ومعطوب ألوناس، وغيرهما.
  •  ‬تصور‭ ‬القطعة‭ ‬الشعرية‭ ‬الأولى‭ ‬المستقاة‭ ‬من‭ ‬السيد‭ ‬حاج‭ ‬محند‭ ‬طيب‭ ‬اليستورغي،‭ ‬نفسية‭ ‬ابن‭ ‬شهيد،‭ ‬وهو‭ ‬يسائل‭ ‬أمّه‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬مختلفة،‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬رجوع‭ ‬والده‭ ‬مع‮ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬ميادين‭ ‬المعارك‭: 
  •  ‬يـَتسـْرُو‭ ‬أمِّيسْ‭ ‬أبَمْجَاهَذ‭ ‬ْ
  • ذامَغبُونْ‭ ‬يَجْرَحْ‭ ‬ثاسَا
  • يَندَهْ‭ ‬أيمَّا‭ ‬أعْزيزَنْ
  • إبَابَا‭ ‬مَا‭ ‬دْيَاسْ‭ ‬أسَّا
  • رَبِّي‭ ‬أكِصَبَّرْ‭ ‬أمِّيمِّي
  • بَابَاكْ‭ ‬ثـَنغاثْ‭ ‬أفرَنـْسَا
  • (‬بكى‭ ‬ابن‭ ‬المجاهد‭/ ‬مغبون‭ ‬يرثى‭ ‬لحاله‭/ ‬نادى‭ ‬لأمّه‭ ‬مستفسرا‭/ ‬هل‭ ‬سيأتي‭ ‬أبي‭ ‬اليوم؟‭/
  • صبرا‭ ‬جميلا‭ ‬يا‭ ‬ولدي‭/ ‬أبوك‭ ‬قتلته‭ ‬فرنسا‮)
  • *‬‮ ‬‭*‬‮ ‬‭*
  • يـَتسـْرُو‭ ‬أمِّيسْ‭ ‬أبَمْجَاهَذ‭ ‬ْ
  • مِي‭ ‬قـْزْرَا‭ ‬يَاوْكْ‭ ‬إمْسَبْـلنْ
  • يَندَهْ‭ ‬أيمَّا‭ ‬أعْزيزَنْ
  • بَابَا‭ ‬أورْ‭ ‬يَلِي‭ ?‬ـارَاسَنْ
  • رَبِّي‭ ‬أكِصَبَّرْ‭ ‬أمِّيمِّي
  • بَابَاكْ‭ ‬أنْغانـْتْ‭ ‬إرُومْـيَنْ
  • (‬بكى‭ ‬أبن‭ ‬المجاهد‭/‬‮ ‬حين‭ ‬عودة‭ ‬المسبلين‭/ ‬نادى‭ ‬لأمّه‭ ‬صارخا‭/ ‬أبي‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬بينهم‭/
  • صبرا‭ ‬جميلا‭ ‬يا‭ ‬ولدي‭/ ‬أبوك‭ ‬قتله‭ ‬الفرنسيون‮).
  •     *‬‮ ‬‭*‬‮ ‬‭*
  • يـَتسـْرُو‭ ‬أمِّيسْ‭ ‬أبَمْجَاهَذ‭
  • يُو‭?‬اذ‭ ‬ْ‭ ‬مِي‭ ‬قـَزْرَا‭ ‬أقومِي
  • يـَنـْدَهْ‭ ‬أيَمَّا‭ ‬أعْزيزَنْ
  • إبَابَا‭ ‬أيْغابَنْ‭ ‬أشِيمِي؟
  • رَبِّي‭ ‬أكِصَبَّرْ‭ ‬أمِّيمِّي
  • بَابَاكْ‭ ‬يَنـْغاثْ‭ ‬اُورُومِي
  • (‬بكى‭ ‬ابن‭ ‬المجاهد‭/ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬شبح‭ ‬الحركي‭/ ‬نادى‭ ‬لأمّه‭ ‬مستفسرا‭/ ‬لِمَ‭ ‬غياب‭ ‬أبي؟‭/
  •  ‬صبرا‭ ‬جميلا‭ ‬يا‭ ‬ولدي‭/ ‬أبوك‭ ‬قتله‭ ‬الرّومي‮).
  •  أما الفنان الحكيم لونيس آيت منقلات، فقد تناول قضية الشهيد، من خلال وصف معاناة المرأة (زوجة كانت أو أمّ شهيد) التي ظلت على أحرّ من الجمر، تنتظر عودة عزيزها من الجبل، لكنه لم يعد، وهذه ترجمة متواضعة لمرثية الشهيد:
  • رق‭ ‬حالي‭ ‬لقروية
  • وجدتها‭ ‬على‭ ‬صخرة
  • وبمثيلاتها‭ ‬عجت‭ ‬القرية
  • إنها‭ ‬منسية‭ ‬هناك
  • أمسكت‭ ‬صغيرها
  • والدموع‭ ‬تفيض‭ ‬من‭ ‬مقلتيها
  • مات‭ ‬زوجها
  • الذي‭ ‬كان‭ ‬سباقا‭ ‬إلى‭ ‬الرصاص
  • فنثرت‭ ‬الرياح‭ ‬هويته
  • صنعنا‭ ‬لك‭ ‬قبرا‭ ‬من‭ ‬النجمة‭ ‬والهلال
  • وشيّعناك‭ ‬بالتهليل‭ ‬والتصفيق‮.
  •            *‬‮ ‬‭*‬‮ ‬‭* 
  • سمعت‭ ‬قصف‭ ‬الرعود
  • معلنا‭ ‬قدوم‭ ‬الثلوج
  • تسمّرت‭ ‬العجوز‭ ‬أمام‭ ‬الباب
  • مهمومة‭ ‬بمصير‭ ‬ولدها
  • إنه‭ ‬اخترع‭ ‬الكفاح
  • وسيحجز‭ ‬لك‭ ‬قصرا‭ ‬في‭ ‬الجنة
  • صنعنا‭ ‬لك‭ ‬قبرا‭ ‬من‭ ‬النجمة‭ ‬والهلال
  • وشيّعناك‭ ‬بالتهليل‭ ‬والتصفيق‮.
  •            *‬‮ ‬‭*‬‮ ‬‭*
  • سمعت‭ ‬دويّ‭ ‬الرصاص
  • فتطاير‭ ‬الغبار‭ ‬في‭ ‬الرّبى
  • أسرعت‭ ‬العجوز‭ ‬إلى‭ ‬النافدة
  • تنتظر‭ ‬جثمان‭ ‬ولدها
  • بشّري‭ ‬أيتها‭ ‬الأم
  • إنه‭ ‬قائد‭ ‬المجاهدين‮.
  •            *‬‮ ‬‭*‬‮ ‬‭*
  • سمعت‭ ‬أزيز‭ ‬الطائرة‭
  • فانشق‭ ‬الجبل‭ ‬وانصهر
  • تساءلت‭ ‬العجوز
  • عن‭ ‬موقع‭ ‬استشهاد‭ ‬ولدها
  • بشّري،‭ ‬سيعود‭ ‬بالحرية‮.
  •            *‬‮ ‬‭*‬‮ ‬‭*
  • اهتزت‭ ‬الغابة‭
  • وبلغ‭ ‬صداها‭ ‬إلى‭ ‬الوادي
  • انشغلت‭ ‬العجوز
  • بموقع‭ ‬استشهاد‭ ‬ولدها
  • لقد‭ ‬دفن‭ ‬بين‭ ‬إخوانه
  • وكان‭ ‬أولى‭ ‬بك
  • أن‭ ‬تضعيه‭ ‬طي‭ ‬النسيان
  • يوم‭ ‬صعوده‭ ‬إلى‭ ‬الجبل‮.
  •            *‬‮ ‬‭*‬‮ ‬‭*
  • انطفأ‭ ‬الموقد‭ ‬في‭ ‬الدار
  • وأمست‭ ‬النار‭ ‬رمادا
  • سهرت‭ ‬العجوز‭ ‬في‭ ‬الظلام
  • تلهّفتْ‭ ‬لقدوم‭ ‬ابنها
  • بالصبر‭ ‬سيغمرها‭ ‬الإخوان
  • عندما‭ ‬يرجعون‭ ‬لها
  • جثمان‭ ‬ولدها‭ ‬مسجّى‮.
  •  أما الفنان البارز معطوب ألوناس، فقد وقع اختياره على قطعة شعرية من التراث، رصّع بها إحدى أغانيه، وهي تصور الحالة النفسية للمجاهد الذي دقت ساعة استشهاده، وحيدا منفردا، في غياب شاهد يدل على قبره، وما أكثر الشهداء الذين لم تُعرف قبورهم، وهل هناك كابوس أشد وطأة‭ ‬على‭ ‬الأحياء،‭ ‬من‭ ‬الشهيد‭ ‬المجهول‭ ‬قبره؟
  • أرُبْلانْ‭ ‬أثْ‭ ‬تـَزي
  • أمْ‭ ‬يَسغِي‭ ‬نِيـ‭?‬ـي
  • ثسْرَاحْ‭ ‬أسْوَاكـَا‭ ‬يَلانْ
  • سَلبَارُوذ‭ ‬ْ‭ ‬أدْ‭ ‬سِيسْثِي
  • أمْزُونْ‭  ‬ذابْرُوري
  • أذمْثاغ‭ ‬ْمَدَنْ‭ ‬اُورَزْرَانْ
  • (‬الطائرة‭ ‬حائمة‭/ ‬كالطائر‭ ‬حولي‭/ ‬راصدة‭ ‬حركاتي‭/ ‬طلقات‭ ‬رصاصها‭/ ‬كالبَرَد‭ ‬في‭ ‬كثافتها‭/ ‬قدري‭ ‬أن‭ ‬أموت‭ ‬مغمورا‮)
  • هل‭ ‬يعود‭ ‬الشهداء‭ ‬لتجريم‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسيّّ؟
  •  هذه هي الصورة المقدسة للشهداء في الذاكرة الجمعية الجزائرية، التي لم تقصّر في تمجيد الشهداء. لكن التقصير الذي كاد أن يلامس خط الخيانة، قد صدر عن حكامنا الذين تقاعسوا عن تجريم الاستدمار الفرنسي، الذي ارتكب من الجرائم الوحشية، ما يجعلنا نصنّفها ضمن الجرائم المرتكبة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬سنّ‭ ‬قانون‭ ‬تجريم‭ ‬الاستعمار‭ ‬الفرنسي،‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬لاستكمال‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭. 
  • ‬وعجبت‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬الأسرة‭ ‬الثورية‭ ‬التي‭ ‬تدّعي‭ ‬وصلاً‭ ‬بعهد‭ ‬الشهداء،‭ ‬ولا‭ ‬تسرع‭ ‬إلى‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استصدار‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭!
  •  وستبقى قيم ثورة نوفمبر مجرد قميص عثمان للمخادعة، ومجرد شعار لتنويم الرأي العام، ما لم تجرؤ السلطة السياسية على الإسراع بسنّ هذا القانون. وستبقى أرواح الشهداء معلقة بين السماء والأرض، طالما استمرّ حكّامنا في تكسير جميع المبادرات الرامية إلى سنّ هذا القانون‭.
  •  وعندما رُفض اقتراح القانون القاضي بتجريم فرنسا، الذي قدمته لمكتب المجلس الشعبي الوطني خلال العهدة البرلمانية (1997 – 2002) التي كنت عضوا فيها، أدركت أن البعض من ذوي القربى لم يهضم رحيل فرنسا سنة 1962، ولا يزال هذا »البعض« يقاوم بشراسة من أجل تبييض صحيفة فرنسا الاستعمارية، وقد بدت إسقاطاته حتى على مجال الإبداع الأدبي، الذي شهد ظهور نصوص تمجّد الاستدمار الفرنسي، دون أن يؤدي ذلك إلى ردّ فعل يقف بالمرصاد للردة السياسية. فما للجرح إذا أرضاكم الألم!
  •  وعليه، أولى بنا أن نمارس على أنفسنا جلد الذات، لأن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم. والعيب ـ في نظري ـ ليس بالدرجة الأولى، في فرنسا التي أسرعت إلى تمجيد جرائمها، لأن ذلك ينسجم مع فلسفتها ومنطقها ومصالحها، بل العيب والعجب العجاب أن تتماطل الدولة الجزائرية ذات السيادة عن إصدار قانون تجريم الاستعمار الفرنسي. وعلى أي حال، فبعد صدور قانون 23 فيفري 2005 الممجّد للاستعمار الفرنسي، سقطت جميع المبررات الوهمية التي كانت تحول دون تجريم الاستعمار الفرنسي.
  •  ولن تستوي ـ في نظري ـ العلاقات بيننا وبين فرنسا إلا بعد صدور هذا القانون، الذي يجب أن يتبع بتقديم فرنسا اعتذاراتها للشعب الجزائري الحر، مثلما فعلت مع اليهود عقب الحرب العالمية الثانية.
  •  ‬والشفيع‭ ‬للجزائر‭ ‬المخدوعة،‭ ‬والشهداء‭ ‬الأبرار،‭ ‬أننا‭ ‬لن‭ ‬نعدم‭ ‬مواطنين‭ ‬أخيارا‭ ‬لن‭ ‬يدخروا‭ ‬جهدا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬‮»‬الفرض‭ ‬الغائب‮«‬‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬الزمن‭ ‬طويلا،‭ ‬لأن‭ ‬الجرائم 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!