-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رئيس جمهورية فقير زاهد

حسين لقرع
  • 2678
  • 1
رئيس جمهورية فقير زاهد

يُوصف رئيس الأورغواي خوزي موخيكا بأنه أفقرُ رئيس جمهورية في العالم، فهو يتقاضى 12500 دولار في الشهر، ولكنه لا يُبقي منها سوى 500 دولار فقط ويتبرع بالباقي لفقراء بلده. ويقول إن هذا المبلغ يكفيه ليعيش حياة كريمة، بل يجب أن يكفيه لأن عامة الشعب يتقاضون رواتبَ أقل، وهو لا يريد أن يتميّز عن شعبه.

ويرفض موخيكا وصف أفقر رئيسٍ في العالم؛ إذ يرى أن الفقير ليس ذلك الشخص الذي يتقاضى أجرا زهيدا، بل هو غير القََنوع الذي كلما حصل على أجر عال طالب بالمزيد…

وحدث أن فتح موخيكا، الذي انتخب رئيساً للأورغواي في 2010، جزءاً من قصره الرئاسي للمشرّدين، وأبقاهم هناك إلى غاية العثور لهم على مأوى يقيهم من برد الشتاء. وهو يعيش في بيت متواضع بمزرعة بسيطة، ويقول إن كل ما يريده بعد إكمال ولايته الرئاسية هو أن يعيش في مزرعته مطمئنا بقيَّة حياته، علماً أنه لا يملك سوى سيارة قديمة بالية يقلّ سعرُها عن ألفيْ دولار.

ولم يكن موخيكا زاهداً حينما تولى عدة وزارات، ولكنه ما إن انُتخب رئيساً حتى نفض عنه مظاهر البذخ والأبّهة كافة، وتخلى عن حياة الرفاهية وهي في يده، وعن الدنيا وهي مقبلة عليه، وزهد في كل شيء وتواضع لشعبه حتى لا يتميز عنهم، ما جعل متتبعين كثيرين يصفونه  تجاوزاً- بالخليفة الراشدي الخامس عمر بن عبد العزيز الذي كان أميراً أموياً يعيش حياة الرفاهية والبذخ، ولكن ما إن تولى خلافة المسلمين حتى ترك الدنيا وما فيها وزهد في خزينة الخلافة المليئة بالأموال وهي تحت يده، وفضل أن يعيش شظف العيش إلى أن فارق الحياة.

المؤسف أنه منذ عهد عمر بن عبد العزيز لم ينجب المسلمون حاكماً شبيهاً له في عدله وورعه وزهده، وامتدّ هذا القحطُ نحو 14 قرناً، ثم ظهر حاكمٌ زاهد آثر حياة الفقر والبساطة وهو يستطيع أن يعيش كما يريد، ولكنه لم يظهر للأسف في أيّ بلد إسلامي، بل في بلد أمريكي لاتيني يدين بالمسيحية.

لا أحد من الحكام العرب والمسلمين، من أصحاب الفخامة والمعالي والسموّ والجلالة، يشبه موخيكا في شيء ويرضى بأن يتنازل لشعبه ولو عن عُشر أجرته الضخمة، ومن السذاجة والمثالية مطالبتهم بذلك.. كلهم يعيشون حياة موغلة في الترف والرفاهية والبذخ، ويتقاضون أجوراً خيالية ويملكون ثرواتٍ هائلة، لا تكاد ثوراتُ الشعوب تُسقِط الواحد منهم، حتى يتبيّن أنه يملك وأبناؤه وحاشيته ملايير الدولارات المهرّبة والمودعة في البنوك الأجنبية، وهي أموالٌ منهوبة من شعوبهم التي تعيش الخصاصة والفقر، وتقضي حياتها في مطاردة لقمة العيش، ونسبة مهمة منها تحيا تحت خط الفقر بأقلّ من دولارين يومياً.

للتذكير أخيراً، فإن الأورغواي أصبحت تحت حكم موخيكا من بين البلدان الأقل فساداً في العالم، في حين تحتل مختلف البلدان العربية والإسلامية التي تحكمها أنظمة استبدادية فاسدة ناهبة لثروات الشعوب “مراتبَ متقدّمة” في قائمة شفافية دولية للبلدان الأكثر فساداً في العالم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بدون اسم

    لا يوجد في وطننا الاسلامي والعربي ياسيدي مازال الخير في امتي الى يوم الدين قالها من لاينطق على الهاء وانما وحي يوحى فلاتكن من اليائسين ................ شكرا .