-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“سيد الرايس”!

“سيد الرايس”!

أخيرا أصبح لـ1541 بلدية مترامية الأطراف في الجزائر، رؤساء يقودون قاطرتها، على أمل أن لا يكونوا مستنسَخين، من تجارب ماضية، كان فيها شيخ البلدية يتعنتر بلقب “سيد الرايس”، ويتأفف من كونه رئيسا للقمامة من دون أدنى صلاحيات.

رئاسة المجلس الشعبي البلدي وحتى الولائي هي مشروعٌ كبير، من المفروض أن يتحد لإنجاحه المواطنون والجماعات المحلية. وإذا كان بعض المنتخَبين أو ربما معظمهم لا يرون نجاحا لمهمتهم، من دون أن تهطل عليهم الأموال الطائلة من خزينة الدولة، وأحيانا يترددون ولا يعملون، خوفا من المتابعات القضائية التي جعلت شيوخ البلدية ينافسون بارونات الإجرام في الدخول إلى المحاكم، والإقامة في السجون، فلا أحد يوقف المشاريع الحضارية التي يمكن لأيّ شيخ بلدية أن يجسّدها من خلال بعث أنظف بلدية أو أجملها أو أكثرها خضرة، ولا أحد سيقف في وجه رئيس بلدية يحارب البناء الفوضوي أو الاعتداء على الغطاء الغابي، أو يؤسّس لبلدية فاضلة لا كلام فاحش فيها، ولا اعتداء على كبار السن والمعوقين والبؤساء، بل سيجبر الدولة على أن تساعده في مشروعه الحضاري إن أعطى أزهارا على أرض الواقع.

يقدِّم لنا التاريخُ الحديث العديد من الرّؤساء والزّعماء الكبار، الذين قفزوا ببلدانهم إلى القمّة من الذين نجحوا وأثاروا الإعجاب والاحترام، عندما كانوا رؤساء بلدية ومن بينهم الرئيس التركي الحالي رجب أردوغان، الذي قاد اسطنبول قبل أن يقود تركيا، لأجل ذلك أصبحت رئاسة البلدية في الكثير من البلدان هي الامتحان الحقيقي للرجال في عملهم السياسي والاجتماعي، بل أهمّ من قيادة المحافظات والولايات لدى العديد من الأمصار، ويكمن جمالُ المغامرة في البلدية مقارنة بمناصب أخرى، في كون شيخ البلدية هو في العادة ابنها، وأهلها هم أقرب الناس إليه، فيجد السند منهم، وإذا أثمرت أعمالُه وجد التشجيع والتقدير وتثمين جهده، ويمكنه بعدها الحصولُ على عهدات أخرى يُكمل بها مشاريعه الكبرى أو يرتقي بعدها إلى مناصب أخرى في الدولة.

لقد عجز شيوخ البلدية برغم تعدُّد انتماءاتهم الحزبية ومستوياتهم التعليمية وأعمارهم من أن يحقِّقوا نموذجا واحدا ناجحا، من بين أكثر من ألف وخمسمائة بلدية، يقتدى به، فساروا جميعا على نهج انتظار أموال الدولة لأجل صرفها في مشاريع سطحية، عجزت عن علاج المرض الذي نخر جسد الجماعات المحلية.

قرأنا منذ سبع سنوات خبرين صدرا في يوم واحد، ولكن في صحيفتين مختلفتين، إحداهما تدعى “الشروق” الصادرة في تونس، والثانية هي “الشروق” الصادرة في الجزائر. جاء في الخبر الأول بأن الحكومة التونسية جمعت رؤساء بلديات ساحلية مثل نابل والحمامات وسوسة وطبرقة، من أجل تذكيرها بما يجب أن تقدِّم للدولة من أموال خلال موسم السياحة الصيفي، بعد أن تستقبل مئات الآلاف من السياح الأجانب، وجاء في الخبر الثاني بأن رئيس حكومة الجزائر، وهو سابقٌ طبعا، قد التقى بولاة وشيوخ بلديات المدن الساحلية، ومنحهم غلافا ماليا ضخما من أجل إنجاح الموسم الصيفي. ولكم أن تعلقوا على الخبرين كيفما شئتم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!