-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ابتغاء وجه الله..

شباب خيرون يلبسون مآزر الرحمة لمساعدة المرضى

الشروق أونلاين
  • 6263
  • 5
شباب خيرون يلبسون مآزر الرحمة لمساعدة المرضى

مزر حال مشافينا، وصعبة هي أوضاع وأوجاع مرضانا خصوصا القادمين من ولايات بعيدة من الوطن لاسيما وإن كانت الظروف المادية دون المستوى المطلوب، إهمال ولامبالاة وفوضى.. تلك بعض من الصور الراسخة في أذهان الجزائريين عن حال مشافينا وقطاع صحة بحاجة إلى جراحة مستعجلة قصد إستئصال داء أدمى قلوب الكثير من المواطنين ولايزال مادام قطاع الصحة في وضعية استعجالية حرجة، غير أن بصيصا من الأمل لا بد منه في أحايين كثيرة لمواصلة الدرب، في هذا الروبورتاج رصدنا مجموعة من الشباب والكهول على حد سواء من اختاروا تقديم يد العون المادي والمعنوي لمرضى لا يجمعهم بهم سوى الدين والوطن أو الإنسانية، عزاؤهم الوحيد في ذلك مرضاة الله ونيل أجر، ودفع بلاء، فمن يدري ما تخبئه الأيام، فبين الأصحاء والمرضى شعرة رفيعة معرضة لأن تقطع في كل وقت.

هنا وعلى بعد خطوة واحدة فقط من ضوضاء الحياة ومشاغلها اليومية، هنا وبين أسوار مستشفى مصطفى باشا الجامعي بالعاصمة تجتمع حكايات وجع ومعاناة المواطنين مع المرض من الثماني وأربعين ولاية، وحدها نظرات ذلك الطفل الذي كان يغالب مرضه برسم إبتسامة على شفتيه وهو يطل علينا من شباك غرفته بمصلحة مرضى السرطان اختزلت معاناة فئة كبيرة من المرضى الذين جاءت بهم الأقدار إلى عاصمة البلاد بحثا عن جرعة دواء يمكنها أن تسكن أوجاعا أنات رجل في مقتبل العمر، عمت صرخاته المكان فرددتها جدران مصلحة بيار وماري كوري قبل أن تحجبها أصوات سيارات الإسعاف الداخلة أو الخارجة من وإلى المستشفى ذاته.

كانت خطوة واحدة فقط تلك التي خطتها مجلة الشروق العربي من خارج المستشفى إلى داخله، خطوة واحدة كانت فاصلة وكافية لرسم حدود عالمين غير متشابهين وإن كانت نقاط الإلتقاء أو الإنضمام بالنسبة للعالم الخارجي واردة جدا وفي أي لحظة، فوحدها الأقدار وما سطر في اللوح المحفوظ ما يملك تفاصيل قادم من الأيام ربما ينتهي بأي منا إلى داخل هذه الأسوار، وقد يكون هذا السبب أحد أبرز الدوافع التي جعلت الكثير من المواطنين الجزائريين يفكرون في دفع احتمال بلاء كان سيصيبهم سهمه النازل من السماء، من يدري، أوليست الصدقات ومحاسن الأعمال تدفع البلاء؟

شباب يستثمرون أوقاتهم في مساعدة المرضى ابتغاء وجه الله

“حسام” شاب جامعي يقطن بباب الزوار بالعاصمة، يداول بصفة دورية على مساعدة المرضى بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، حسام الذي رفض الخوض معنا كثيرا في الموضوع لما كشفنا له عن هويتنا، كان قد أخبرنا بأنه يعتبر مساعدة المرضى واجبا كان بوده لو استطاع أن يكرس له جهدا ووقتا أكبر لمساعدة المرضى “على الأقل لما أقوم بمد يد العون لمريض أكون متيقنا بأني سأؤجر، لأنه فعلا يحتاج تلك المساعدة”، غير أن حسام لم يشأ أن يواصل حديثه إلينا رغبة منه في إكتمال الأجر لإعتقاده أن ما يقوم به يجب أن يبقى سرا بيته وبين بارئه عسى يتقبله منه قبولا حسنا ويمحو عنه بعض هفواته حسب ما أخبرنا به.

تركنا حسام واتجهنا إلى قسم الإستعجالات لنجد حركية كبيرة هناك، فأصوات الأطباء وصراخ المرضى والجرحى وإنذارات  سيارات الإسعاف لا تكاد تتوقف، حاولنا الدخول قبل أن يصطدم بنا كهل يحمل بين ذراعيه صبيا شاحب اللون جرى به مخترقا الحشود نحو الداخل، تبين عند سؤالنا أن الفتى أصيب بكسور على مستوى رجله اليسرى ورقبته إثر حادث مرور، وأن الكهل الذي حمله كان يقف مستندا إلى حائط قسم الإستعجالات في إنتظار حالات مستعجلة بغرض تقديم يد العون، انتظرنا خروجه حتى نسأله فوجدنا مجموعة مكونة من أربعة شباب فهمنا من حديثهم أنهم يقومون بأعمال خيرية مماثلة.. لقد كانوا يتقاسمون المناوبة بينهم “أحمد أنت تبقى مع رؤوف إلى غاية المساء، ثم سنخلفكم أنا ومهدي ليلا”.

في طريقنا ونحن نهم بالخروج التقينا بـ”صوفيا”، الشابة ذات التاسعة والعشرين ربيعا، خريجة قسم علم النفس والتي ألفت مساعدة المرضى “خاصة القادمين من ولايات بعيدة والذين يتعذر على أهاليهم القدوم بإستمرار لزيارتهم”، وعن سبب قيامها بتلك الأعمال الخيرية، قالت صوفيا لمجلة الشروق العربي أنها لازمت والدها قبل وفاته بأحد مستشفيات العاصمة، وبعد ان وقفت على حالة الإهمال والتسيب التي يعانيها المرضى قررت أن تمد يد المساعدة بنفسها للمرضى لاحقا بعد وفاة والدها، “حاليا أمر كل ما سمح وقتي لأتفقد إحدى المريضات، أقوم بإطعامها وشؤون نظافتها وتلبية طلباتها، فأولادها وأسرتها في الجنوب، ونظرا لبعد المسافة وقلة ذات اليد يتعذر عليهم المجيء بإستمرار، لذا أحاول أن انوب عنهم عسى الله يتقبلها ويغفر لوالدي ويرحمه”.  

رزقها الله بمولود فنذرت نفسها لإطعام حديثات الولادة

بمستشفى بارني بحسين داي، إلتقينا بـ”فايزة”، سيدة في ربيعها الرابع، كانت تحمل بعض الأطعمة والفواكه ومتجهة إلى قسم النساء والتوليد، رافقناها قصد إرشادنا وسألناها فوجدنا بأنها نذرت أن تطعم الأمهات حديثات الولادة سواء وجدن من يتكفل بهن أم لم يجدن: “أنا أتردد على المصلحة هنا منذ قرابة السنتين، فقد نذرت أن أتصدق بإطعام نافس مادمت على قيد الحياة بعد أن رزقني الله بمولود كنت قد فقدت الأمل في أن أحمله في أحشائي يوما بعد أن إستنفدت كل طرق العلاج داخل الوطن وخارجه، غير أني اهتديت إلى سبيل آخر للتداوي وهو التصدق، وقد صدق نبينا الكريم حين أوصانا بأن نداوي مرضانا بالصدقات التي وجدت فيها الشفاء فعلا، ومنذ أن سمعت من طبيبي كلمة مبروك سيدتي أنت حامل وأنا أقوم بعملي هذا شكرا وحمدا لله”.


وعلى الرغم من أن قسم النساء والتوليد لا نجد به عادة من لا يرافق نزيلته، إلا أن عزاء السيدة فايزة في ذلك أن تصل قبل وصول أهل الأم لعلها تقيها بما يرم بدنها من مأكولات تعد خصيصا للنافس والمرضعات ولا نية لها في عملها هذا إلا إبتغاء مرضاة رب لم يبخل عليها بالإستجابة لدعائها الذي صنع المعجزة  أثبت مرة أخرى أن لا مستحيل من مع يقول للشيء كن فيكون مهما بدت العوائق الطبية والبشرية كبيرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • lq perle perdue

    جزاكم الله خير جزاء لكنني اتاسف ان مقالا كهذا ليس عليه سوى تعليق واحد واينكم يا ناس الخير

  • جزائرية

    وردت في المقال جملة شدت انتباهي ودفعتني للتعليق ألا وهي (لاعتقاده ان مايقوم به يجب ان يبق ىسرا حتى يكتمل الاجر ) هذا ليس اعتقاد وانما حقيقة فحتى يكتمل الاجر ينبغي على المسلم عدم المجاهرة والتفاخر باعماله الخيرية وانما التكتم عليها والقيام بها بينه وبين نفسه حتى ان اليد اليسرى لا تعلم ماقدمت اليمنى

  • REDJEM Khaled

    جزاكم الله خيرا ووفقكم الله لمزيد من أعمال الخير

  • yasmin ramdani

    جزاكم الله خيرا و شكرا على هذه الالتفاتة الجميلة و اتمنى ان تطبق على كامل القطر الجزائري لانها منفعة لنا لكي نكون شعبا واحدا متماسكا في الصراء و الضراء احييكم يا اخواني ؤ بارك الله فيكم

  • الاسم

    إغرورقت عيناي وأنا أقرأ هذا المقال الحمد لله مازال في بلدي ملائكة رحمة كهؤلاء... أمنيتي التي تلازمني هي أن أتبرع بدمي لمريض يحتاجه وأنا في سبيل ذلك أحاول كل مرة الى أن يسمح ضغطي ووزني بذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخلق عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لخلقه".