-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

صحافة‭… ‬صحافة‭!‬

الشروق أونلاين
  • 5996
  • 0
صحافة‭… ‬صحافة‭!‬

على الرغم من مرور عشرين سنة على ميلاد الصحافة الخاصة في الجزائر أو ما يسميه البعض جزافا الصحافة المستقلة، أو الصحافة الحرة، بناء على ما أصبح يسمى قانون حمروش، وعلى الرغم من كل صيحات النصر والانتصار التي يطلقها البعض في كل مرة حول المكاسب المزعومة لهذه الصحافة، إلا أن الأمر يظل محل تساؤلات حول مسار هذه المهنة ووضعها ومصيرها نتيجة ما يحيطها من رهانات وتناقضات وصراع مصالح ومحاولات احتواء لا تتوقف عند حد ولا تتوانى في استعمال أبشع أساليب الترغيب والترهيب.

وإذا كان ليس بالإمكان نكران تضحيات الصحافة الجزائرية الجديدة ونضالاتها من أجل ما حققته من هوامش ضيقة من الوجود في الساحة الاجتماعية والسياسية خاصة وأنها قد وجدت نفسها منذ ولادتها مضطرة إلى القيام مقام الأحزاب السياسية والمعارضة التي افتقدتها الجزائر على الرغم من الانفتاح السياسي والتعددية الحزبية، وما تطلب ويتطلب ذلك من ركوب المخاطر ودفع الأثمان، إلا أن الحقيقة الساطعة تبقى أن هذه الصحافة ولدت غير سوية وستظل تعاني من ذلك لفترة طويلة، لأنها في الغالب ولدت لتمثيل مصالح وسياسات متضاربة اجتماعية واقتصادية وثقافية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونها‭ ‬مؤسسة‭ ‬إعلامية‭ ‬تهتم‭ ‬بالوصول‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬الخبر‭ ‬وكشف‭ ‬الحقائق‭ ‬وإطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬طيعة‭ ‬في زحمة الأحداث وعدم الخبرة في يد مختلف القوى الظاهرة والخفية لتصفية الحسابات فيما بينها، بل أن غفلة هذه الصحافة ذهبت بها إلى الحد الذي تكون فيه أداة طيعة للنظام البالي المتهالك لرسكلة نفسه سياسيا واجتماعيا وانبعاثه من الرماد، هذا وكانت الصحافة تتمتع بالحرية المطلقة في خدمة مصالح الغير في حين المجتمع يظل يئن تحت وطأة الأساليب البالية من القيود السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، ولا أحد يدري كيف يمكن أن تكون الصحافة حرة بمعنى الكلمة في مجتمع مقيد ومكبل بمختلف الأغلال بمعنى الكلمة، ولا أحد يدري كيف يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الصحافة‭ ‬حرة‭ ‬أو‭ ‬الادعاء‭ ‬بأنها‭ ‬حرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬برمته‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬السياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬مقيد‮.‬

ويكفي للتدليل على وضعية الصحافة الجزائرية هذه التي تتميز بمظاهر مختلفة تماما عن البواطن، الإشارة إلى ما كشفه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في أول تصريح صحفي رسمي له للتلفزيون المصري في بداية عهدته الرئاسية الأولى عندما كشف أنه تعرض في بداية تسعينات القرن الماضي إلى اقتراح من السلطات آنذاك بتشكيل حزب سياسي، وعندما طرح صعوبة ذلك قيل له لا تقلق.. نحن نتدبر أمر توفير المناضلين وكل شيء، ثم عرض عليه إصدار صحيفة فطرح قضية التمويل والصعوبات المادية، فقيل له لا تقلق من هذه الناحية سنوفر لك كل شيء..!

ولا أحد بإمكانه أن ينكر أن التعددية السياسية والأحزاب كما الصحافة قد نشأت على هذا الأساس وبهذه الأساليب، وهي لا تزال تعاني من ذلك حتى الآن على الرغم من محاولات الاستقلال والتحرر التي يجب أن تستمر وتستمر بعيدا عن الحسابات والمصالح الضيقة من أجل خلق مؤسسة إعلامية‭ ‬حقيقية‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نذهب‭ ‬بعيدا‭ ‬ونقول‭ ‬سلطة‭ ‬رابعة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭!‬؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!