-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الباحث في العلاقات الدولية البشير الجويني لـ"الشروق":

طوفان الأقصى نقل القضية الفلسطينية لإحداثيات ومعايير جديدة

طوفان الأقصى نقل القضية الفلسطينية لإحداثيات ومعايير جديدة
أرشيف
الباحث التونسي في العلاقات الدولية، البشير الجويني

يؤكد الباحث التونسي في العلاقات الدولية، البشير الجويني، أن عملية طوفان الأقصى غيرت معادلة وغيرت إحداثيات النزاع والصراع مع العدو الصهيوني.
ويقدم الجويني في هذا الحوار مع “الشروق”، ملاحظات جد سلبية على الجامعة العربية، التي اجتمعت، السبت، في دورة طارئة بعد 35 يوما من التقتيل الهمجي الصهيوني، ويقول إنها “لا تصلح ولا تُصلح ولا يرجى منها خير”.

كيف تقرأ التحولات التي خلفتها عملية طوفان الأقصى على المستوى الفلسطيني والدولي؟
طبعا عملية طوفان الأقصى غيرت معادلة وغيرت إحداثيات النزاع والصراع مع العدو المحتل بعد أن كان في كل المحطات في موضع رد الفعل، اعتقد أن ما حصل في 7 أكتوبر الماضي، جعل من المقاومة في موضع الفعل وبقية الأطراف رد الفعل، هذا في تقديري العنصر الأول.
العنصر الثاني أن ما حصل بعد 7 أكتوبر أبان عن الوجه الحقيقي لهذه المجموعة الدولية والشرعية الدولية، والخمسة الكبار والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، وغيرها من المنظمات والهيئات التي ظهرت على الكاشف أنها فاقدة ليس للشرعية ولكن للمشروعية.

كيف تصف الجامعة العربية، العمل العربي المشترك، التضامن العربي، قياسا بما حدث منذ السابع أكتوبر؟
الحديث حول الأنظمة العربية المطبعة وأنظمة عربية تتقاطع مع العدو في عدائها للمقاومة بمختلف فصائلها، هي مسألة يعلمها القاصي والداني، وطبعا الحديث حول عمل عربي مشترك في ظل ارتهان جامعة الدول العربية لعدد من الدول سواء الخليجية أو المشرقية التي تدير هذه الجامعة كمنطلق ضيعة خاصة، اعتقد انه أصبح واضحا ومع التئام الجامعة العربية، السبت، في العاصمة السعودية الرياض، بعد أسابيع على الحرب الهمجية الصهيونية على غزة، ما هو إلا دليل أن الجامعة لا تصلُح ولا تُصلح ولا يرجى منها خير، واعتقد أن ما تبقى من نفس للمُمانعة في جامعة الدول العربية غير قادر على فعل أي شيء. واعتقد أن الأصوات التي تتعالى في بعض الدول العربية وتتساءل عن السبب في التواجد داخل أروقة الجامعة وإصباغ الشرعية على مثل هذه التجمعات والاجتماعات، وهنا نؤكد على مشروعية السؤال عن مبدأ العمل العربي المشترك، هل ما زال شيء اسمه عمل عربي مشترك؟ يجب التفكير في هذا الأمر وطرح الأسئلة المحرجة الحقيقية على النظام العربي الرسمي.

هل أظهرت الحرب التي دخلت شهرها الثاني الوجه المتوحش للغرب؟
المشهد الآن يحمل في طياته مأزقا أخلاقيا كبيرا ومأزقا هيكليا في جانب العلاقات الدولية وظهر بالكاشف أن هذه البيانات المتتالية لا تتحدث حتى من باب ذر الرماد على العيون على الحق الفلسطيني في الحياة والوجود، وهي تدور حول حق الجانب الصهيوني في الدفاع عن النفس، وكأن قتل الأطفال والنساء والمسنين واستهداف المنشآت الحيوية وجرائم التصفية والإبادة العرقية، عندما تُرتكب من العدو الصهيوني تصبح مسألة مقبولة ولا تؤخذ أمام الرأي العام فضلا عن المآخذ القانونية، وهذا أبان عن الوجه الحقيقي للقوة ومنطق القوة ومنطق النزاع المسلح العملة التي تصرف، وهذا ما فهمته المقاومة وأعدت له العدة.

كيف يمكن الاستثمار في مواقف بعض الدولة في أوروبا وخارجها التي عبرت عن رفض المجازر الصهيونية؟
بعد مرور أزيد من شهر، والحصيلة ورغم كل المئات من الشهداء والجرحى والمآسي، إلا أن الانتصار كان مبدئيا من ناحية المقاومة، لأنها أول شيء قد تمكنت من تحطيم الأسطورة الخيالية للجيش الذي لا يُقهر، وأعادت القضية الفلسطينية والحق الفلسطيني إلى صدارة اهتمام العالم والأحرار في العالم، وهذا ينقل الصراع إلى إحداثيات ومعايير جديدة، خاصة بعد ما حققته ميدانيا، من أسر لعاكس العدو وأثخنت من جراح في العدو، المسألة تحتاج إلى سنوات حتى يتم تجاوزها من طرف العدو.

هل فعَلت إيران واذرعها في المنطقة بالشكل المطلوب؟
الحديث عن معسكر الممانعة بمختلف وجوهه سواء الفاعل الإيراني أو اللبناني أو السوري والعراقي واليمني، وحتى الحلفاء التقليديين في المعسكر الشرقي، ولو أني لا أتقبل بشكل كبير هذه التصنيفات، كل هذه الأطراف تتصرف وفق مصالحها، وما ستجنيه من دعم هذه الحرب أو الصمت عليها، وهذا ما فهمته المقاومة فتعاملت مع ما يمكن أن يتم التعاون بغض النظر عن انتمائه الديني والإيديولوجي أو تموقعه الإيديولوجي شرقا أو غربا.
ومرة أخرى أقول إن هذه القوى يمكن أن يكون لها أدوار في دعم ومرافقة الممارسة المقاومة في فلسطين المحتلة، ولكن تبقى داخل أطر صنعتها المقاومة، والمقاومة هي التي صنعت الإطار لحركة الجميع، وأعتقد أن الأيام قد تحمل الجديد، ونأمل أن يكون في صالح المقاومة والشعب الفلسطيني.

المواثيق الدولية تكفل حق الشعوب في المقاومة ومواجهة الاحتلال، في الملف الفلسطيني، كيف يمكن دعم هذا الأمر ونسف دعاية أن المقاومة الفلسطينية إرهاب؟
لا بد من التذكير أن كل المشاريع الاستعمارية في كل دول العالم فشلت ولو بعد حين، وهذا جرى في أمريكا اللاتينية وجنوب آسيا وإفريقيا من جنوبها إلى شمالها.
كل التجارب أثبتت أن المشاريع الاستيطانية الإحلالية فشلت ومصيرها الخسران ولو طال، اعتقد، الزمان الآن في استدارته أمام الكيان، ما مر هو أكثر بكثير مما بقي من عمر الكيان لأسباب كثيرة لا يمكن الإيجاز فيها، ويمكن ذكر الجانب الديموغرافي والجانب الاقتصادي في ظل ما يحصل، زيادة على تخلخل البنية الاجتماعية لما يمكن أن يعتبر دولة، اعتقد انه مؤشر تنبئ يمستقبل أصعب بكثير مما مضى على عمر الكيان الصهيوني.
المقاومة الفلسطينية وحق الشعوب في المقاومة هو حق أصيل، الآن ما يعبر عنه في الدبلوماسية الشعبية والمظاهرات التي خرجت في كل أنحاء العالم تؤكد أن الشعوب الحرة بدأت تكتشف عددا من الحقائق، وتسأل، فدافعو الضرائب في أمريكا وأوروبا أصبحوا يتساءلون عن أموالهم التي تذهب لقاتلي الأطفال، وعن سبب هذا الدعم المخزي، هذا أمر مهم جدا.

هل نحن أمام تشكل مشهد دولي جديد؟
أعتقد أن هنالك لحظتين مهمتان في جانب التمثل لهؤلاء القوى الكبرى وعلاقتها بما دون اللحظة التي قال فيها بايدن إنه إذا لم تكن هنالك إسرائيل لأوجدنا إسرائيل، حتى وزير خارجيته بلينكن الذي أعلن أنه يزور الكيان الصهيوني بصفته يهوديا لا أمريكيا، ونختم بتصريح مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل أن أوروبا حديقة تحيطها الغابات والوحوش من كل مكان.
هذه التصريحات وغيرها تبين أن هنالك مأزقا أخلاقيا لهذه الدول التي تشدقت بالديموقراطية والتعايش السلمي وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات، وبين صمتها وتواطئها الفاضح والواضح، هذا الأمر ينقل علاقة شمال العالم مع جنوبه إلى إحداثيات جديدة اعتقد أنها لن تكون كما كانت قبل 7 أكتوبر 2023.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!