-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نصف شهر من "المعارك"..

عائلات تحرض كباش العيد على التناطح للتمتع بها فقط!

الشروق أونلاين
  • 73526
  • 0
عائلات تحرض كباش العيد على التناطح للتمتع بها فقط!

انتشرت بعض السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا بشكل رهيب، وأصبحت سنة يتبعها الأفراد في كل عام حتى ولو كانت هذه الأخيرة منافية للشرع والدين، على غرار تحريض الكباش أو التناطح فيما بينها، انتشرت هذه العادة بشكل واسع وملفت للأنظار في الكثير من المدن الجزائرية حتى عمت، فلا تمر الأسابيع الأولى قبيل عيد الأضحى إلا ونحضر بطولات في فن التناطح إن صح القول، بين أضاح تنتظر الذبح وهي تصارع في الساحات العمومية.

“تربصات مغلقة من أجل إتقان فن التناطح” 

يتخذ الكثير من المربين الأقوياء من هذه الأضاحي من أجل هذه المنافسة، ذات القرون الصلبة والأجساد المرتفعة، لذا فهي تلقى العناية الخاصة، لا من أجل الأضحية التي شرعها الله وعظمها، لكن من أجل المبارزة قبيل الذبح، يستغل الكثير من الشباب المناسبة من أجل الظفر بأقواها فترى العديد منهم يتباهى بها عبر الطرق والشوارع، متنقلين بين الأحياء من أجل حضور المبارزات التي لا تنتهي إلا في أوقات متأخرة حتى تحت الأضواء الكاشفة، لذا فهي تلقى العناية والاهتمام الخاص في تربصات مغلقة من أجل الوقوف على تحضيرات مميزة، مادامت أنها مقبلة على مصارعة في الساحات العمومية قبيل الذبح بأسابيع. يقضي العديد الناس ساعات طويلة في تعليمها كيفية التصادم مع الخصم وكذا الصمود أمام الضربات المتتالية والموجعة، وتكتيكات محترفة لا يعرفها إلا من اتخذوا من هذه البهائم مصدرا للفرجة والتفاخر أمام الغير والبحث عن النصر في مختلف الأحياء التي يجوبونها رفقتها، والغريب في الأمر أن مثل هذا السلوك أو عادة التناطح بين أضاحي العيد أصبحت تشد الأنظار وتستقطب الآلاف من المواطنين، خاصة الشباب منهم، في غياب الرادع والناهي عن هذا الضرر الذي بلحق هذه المخلوقات جراء هذا السلوك المنحرف، من أجل التسلية وهي تتبارز لا عن غيظ بينها، لكن يد الإنسان صنعت بينها عداوة بهدف الفرجة والمرح حتى على حساب الرأفة بها، فهي تتنافس من أجل لاشيء وحياتها قصيرة حتى وإن فاز طرف دون الآخر مادامت شفرة حادة تنتظرها بعد أيام معدودات، من أجل هذا أصبحت للكبش الجزائري “المصارع ” شهرة واسعة في الكثير من البلدان المجاورة وأصبح ذو سمعة طيبة لا لسمنة أو لزينة، لكن لقوته على بساط المبارزة إن صح القول.

لا يقف الحد عنالمصارعة بل يتجاوزه إلى المقامرة

يتجاوز هذا السلوك في الكثير من الأحيان التسلية، فقد ظهرت إلى جانب المصارعة بين هذه الأضاحي المراهنة أو القمار عليها بين المالكين لها، بالرغم من أن جمع المال بهذه الطريقة هو حرام وسحت، غير أن من الشباب، خاصة من استعمل هذه المصارعة بين أضاحي العيد من أجل الانتفاع بجمع القليل من الدراهم في كل مرة يفوز على خصمه، لذا افتقدت هذه الأضاحي للأساس في شرائها وهي التقرب بها إلى الله عز وجل من أجل خير ينتفع به الفرد، وكذا عامة المسلمين، وأصبحت لمجرد اللهو واللعب بمثل هذه السلوكيات، خاصة أن الكثير منها وجراء هذا التصادم طيلة أيام وأسابيع مع أضاح أخرى يفقدها الشرعية، فمنها من يصيبها جرح أو عمى فتصبح بذلك غير جائزة شرعا للأضحية، فتصير من أجل الاكل والانتفاع الدنيوي لا لإحياء سنة سيدنا ابراهيم، وشعيرة تنمي حس التعاطف والمودة بين المسلمين أينما كانوا.

سلوك يمرر رسالات خاطئة عن الدين الإسلامي للجيل الصاعد من المجتمع ولغير المسلمين

إن مثل هذا السلوك الذي نمى في المجتمع بشكل رهيب قدم وللأسف إلى حد الساعة نظرة خاطئة عن الهدف من إحياء هذه السنة، سواء للأجيال الصاعدة في مجتمعنا، والتي أصبحت ترى أن العيد هو بمثابة شراء كبش أقرن قوي البنية عالي الجسد، قادر على التصدي للخصم في ساحات المبارزة، بينما الأصح فيها هو إحياء شعيرة من شعائر الدين الاسلامي الحنيف، يتخذ المسلمون في كامل المعمورة هذا اليوم الموحد من أجل الالتفاف والتآزر فيما بينهم من أجل إعلاء كلمة الحق التي باتت تتدحرج تحت سحاب التضليل والتشويه، وللأسف كنا نحن طرفا فيها بمثل هذه السلوكيات التي يتبرأ منها الدين الإسلامي براءة الذئب من دم يوسف.

بالإضافة إلى هذا، فإن هذه الطبائع المشينة التي أصبحت وللأسف سنة في مجتمعنا، أعطت صورة خاطئة للمجتمعات غير المسلمة عن حقيقة هذا الدين، فهم يرون أن ذبح هذه الأضاحي هو إخلال بقانون الطبيعة وجريمة في حق الحيوان، بالرغم من أنها إقرار من الله عز وجل ونحن نؤمن بهذا كمسلمين والله أعلم بشؤون الخلق، فما هي نظرتهم إلنا حينما يرونا أننا تقذف بالبهائم إلى بعضها في الساحات العمومية والأحياء من أجل التسلية والتباهي، فهل وصل بنا الحال إلى التلذذ بتضرر البهائم، وهل لم تبق لنا غير هذه الطرق من أجل التمتع وإمتاع الغير، وكذا لجمع دراهم معدودات لا تسمن ولا تغني من جوع ولو على حساب سلامة أضاحينا، وضرر هذه البهائم.

أضاح في ساحات المبارزة بأسماء زعماء دول وأبطال العالم

لكي يزيد الكثير من الشباب متعة بهذا السلوك فإنهم في الغالب يتخذون لها أسماء مستعارة من أجل التشجيع والمناداة، فقد سقط الكثير من رؤساء العالم في مثل هذه الساحات حتى ولو لم يسقطوا واقعا، فقد انكسر أنف “جورج بوش” أمام ضربة موجعة من صدام حسين رحمه الله، وفاز “ارلوند” أمام “بويكا” برغم فارق السن، وخرج “ميسي” في الدور الأول بالرغم من أنه أحسن لاعب للعالم في عدة مرات متتالية أمام غريمه “رونالدو”، هي إذا أسماء مصطنعة لأضاحي العيد، فما لم يتحقق واقعا تحقق في مثل هذه الساحات من شباب الجزائر، وتحولت الكثير من المهام الرسمية للعديد من الزعماء والرؤساء إلى المبارزة في الطرقات والأحياء الشعبية، لكن على الطريقة الجزائرية، وهو الأمر الذي لم يكن يخطر على بال الكثير منهم.

من الدعوة للرفق بها إلى التمتع والإمتاع بتعنيفها

 وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على ضرورة الرفق بالحيوانات كيفما كان جنسها، وخصت أضاحي العيد بهذا، بل أوجبت ضرورة الرفق بها، لأنها هي الدلالة على إقرار شعيرة من شعائر الدين الاسلامي، حتى أن شحذ السكين أمام الأضحية غير مقبول، فقد مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يُحِدُّ شَفْرَتَهُ وَهِيَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصَرِهَا، فَقَالَ: «أَفَلَا قَبْلَ هَذَا تُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ» رواه الطبراني في الأوسط. كما أن من الإحسان اليها هو شحذ الشفرة جيدا من أجل الذبح السريع والمريح، وقد جاء في قول رسولنا الكريم صلى الله عليه «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ، فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه مسلم.

 لكن للأسف اليوم وما نراه في شوارعنا فقد ذهبت خصلة الإحسان هذه للذبيحة، بل تعدت الى أكثر من هذا وهي إلحاق الضرر بها. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!