عادة “حلقات تكرار” القرآن تأبى الاندثار بولاية ميلة

رغم مشاق الصيام، ورغم كثرة المشاغل اليومية، إلا أن قراء كتاب الله بولاية ميلة، لا يزالون يحافظون على عادة “تكرار” القرآن الكريم في شهر رمضان والإكثار من الذكر وقراءة ما تيسر من كتاب الله، وهي العادة التي يتقيد بها عشرات الشيوخ والشباب طوال أيام السنة، فيما لجأ عشرات الشيوخ والكهول وحتى الشباب بولاية ميلة إلى تنظيم حلقات كبيرة عبر مساجد البلديات، وهي الحلقات التي يلتقي فيها القراء والحفظة القادمين من مختلف البلديات والقرى والمشاتي في مسجد واحد، ثم يشرعون في قراءة ما تيسر من القرآن بصوت عال وبلحن مميز، وهو ما يطلق عليه في المنطقة اسم “التكرار”. وتضم حلقات التكرار حافظين لكتاب الله، وهناك من يحفظون نصفه، وآخرون يحفظون ما تيسر منه ومنهم من يقرأ من المصحف مباشرة.
هذه المبادرة لقيت استحسان الكثير من المواطنين لما لمسوه فيها من أشياء ايجابية، تجعل الشباب وحتى الأطفال يقتدون بالسلف الصالح في قراءة القرآن في جماعة بعدما لوحظ في الأعوام الأخيرة عزوف الشباب عن قراءة القرآن واقتصاره على فئة قليلة من الشيوخ الحافظين لكتاب الله، الأمر الذي جعل القائمين على هذه المبادرة يشجعون الشباب، وخاصة الأطفال على قراءة القرآن ومن ثم حفظ سور منه عن طريق “التكرار” اليومي للحزب الراتب داخل المسجد قبل صلاة المغرب في الشهور العادية وبعد صلاة العصر في شهر رمضان رفقة عدد من الحافظين لكتاب الله، وهي الحلقة التي استجاب لها عدد كبير من المصلين من كل حدب وصوب بعدة بلديات.
وحسب بعض الشيوخ، فإن الكثير من المساجد كانت تحتضن أكبر حلقات للتكرار تقام منذ عقود من الزمن، علما أن هذه الحلقة يشارك فيها أئمة أغلب المساجد المنتشرة عبر مختلف بلديات الولاية، كما يبادر عشرات المواطنين باستضافة إخوانهم القاطنين بالقرى البعيدة على مائدة الفطور، ومن ثم إعادتهم إلى بيوتهم بسياراتهم بعد صلاة التراويح في موقف تضامني أعاد الطمأنينة والراحة لنفوس أبناء البلدة الواحدة وعمق العلاقة بين الأفراد والجماعات، ما جعل الكثيرين يلحون على تعميم حلقات “التكرار”، وتطويرها لتصبح حلقة للحفظ وجعل الشباب قريبين أكثر من كتاب الله.