-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المقر الجديد للبنك الخارجي يجرّ لوكال إلى السجن.. والقاضي يواجهه

عقارات وأملاك وأرصدة في الداخل والخارج.. من أين لك هذا؟

نوارة باشوش
  • 64453
  • 0
عقارات وأملاك وأرصدة في الداخل والخارج.. من أين لك هذا؟

حاول قاضي القطب الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، إزالة الستار عن كيفية شراء بناية “داتا سانتر” للبنك الخارجي الجزائري، إذ واجه وزيرَ المالية السابق محمد لوكال بصفته الرئيس المدير العام لـبنك الجزائر الخارجي، بقيامه بعملية شراء مشبوهة للبناية بمبلغ مالي مضخم لا يمثل قيمتها الحقيقية؛ فهي لم تكن جاهزة أصلا، ما كبد خزينة البنك قرابة 9 ملايير سنتيم، في حين شدد الوزير السابق على أن شراء العقار كان ضرورة ملحة، لأن مقر البنك بساحة الشهداء كان مهددا بالانهيار في كل لحظة مما سيسبب كارثة حقيقية للمعاملات المالية لأكبر مجمع نفطي في الجزائر وهو سوناطراك والعديد من المؤسسات والهيئات السيادية، نافيا جملة وتفصيلا التهم الموجه إليه.

 لوكال: لديّ شقة واحدة فقط بباريس واشتريتها بـ360 ألف أورو

وكان قاضي الفرع الثاني للقطب الاقتصادي والمالي، قد باشر الأربعاء محاكمة الوزير السابق للمالية ومن معه، من خلال استجواب المتهمين، ومواجهتهم بالوقائع التي أسفرت عنها التحقيقات القضائية وتقارير المفتشية العامة للمالية، إذ يتابَع محمد لوكال بصفته الرئيس المدير العام للبنك الخارجي الجزائري ومن معه بتهم ثقيلة تتمثل في استغلال الوظيفة، وتبديد أموال عمومية، وإبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير، إلى جانب تهم الحصول على فوائد بصفة غير قانونية من العقود التي تبرمها المؤسسات التي كان وقت ارتكاب الفعل مديرا لها، فضلا عن تهم استغلال النفوذ، وتعارض المصالح، وكذا جنحة تبييض الأموال عن طريق تحويل الممتلكات أو نقلها أو إخفائها أو تمويه مصدرها غير المشروع أو اكتسابها أو حيازتها أو استخدامها مع علم الفاعل بأنها تشكل عائدات إجرامية، وهي الأفعال المنصوص والمعاقب عليها بأحكام المواد 26 فقرة 1ـ 26 فقرة 6ـ 29ـ 32ـ 33ـ 35ـ 42 ـ 52ـ 9 من القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته 01/06 والمواد 389 مكرر 389 مكرر 1 من قانون العقوبات.

وكيل الجمهورية: أنت تملك قصرين اثنين بسحاولة وليس فيلا واحدة

وفي هذا السياق، التمست هيئة دفاع بطلان إجراءات المتابعة الجزائية بسبب تقادم الوقائع، مع الاستبعاد التام لخبرة المفتشية العامة للمالية وكذا طلب الطرف المدني المتمثل في الوكيل القضائي للخزينة العمومية، الذي اعتبر أن تأسيسها “باطل”، مادامت الجهة المهنية المتمثلة في البنك الخارجي الجزائري لم تتأسس كطرف مدني، بعد أن قدر أن شراء بناية جديدة لصالح البنك لم يسبِّب ضررا لخزينتها.

لوكال: قضيتُ في البنك 46 سنة

تأسف الوزير السابق للمالية، محمد لوكال، للطريقة التي حُبكت بها وقائع قضية الحال، التي أسفرت عن جرِّه إلى زنزانة السجن، ليُتابع بالعديد من التهم بعد 46 سنة كاملة قضاها في المؤسسات البنكية، قائلا: “البنك هو أمي” لأني “تربيت” وترعرت فيه، معبرا عن فخره بالمبنى “داتا سانتر” للبنك بعد أن أكد لهيئة المحكمة أنه فعلا يتمتع بمقاييس عالمية.

القاضي: أنت متابَع بجنح تبييض الأموال عن طريق تحويل الممتلكات أو نقلها أو إخفائها أو تمويه مصدرها غير المشروع أو اكتسابها أو حيازتها أو استخدامها مع علم الفاعل بأنها تشكل عائدات إجرامية، وإساءة استغلال الوظيفة، وجنحة تبديد أموال عمومية، وإبرام صفقة مخالفة للأحكام التشريعية والتنظيمية بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير، وأخذ فوائد بصفة غير قانونية من العقود التي تبرمها المؤسسات واستغلال النفوذ وتعارض المصالح.. هل تنكر أم تعترف؟

لوكال: أنكر التهم الموجهة لي سيدي الرئيس جميعها، ولو سمحتم سأقدِّم لكم ملخص اعن وقائع ملف الحال.

القاضي: تفضَّل.

لوكال: أنا شغلت منصب الرئيس المدير العام لبنك الجزائر الخارجي من تاريخ 5 ماي 2005 إلى غاية 31 ماي 2016، ثم محافظ بنك الجزائر إلى غاية 31 أوت 2019، ثم عيِّنتُ وزيرا المالية أيضا. إن حياتي المهنية قضيتها في بنك الجزائر الخارجي لفترة تجاوزت 46 سنة.

وأضاف المتهم: “في أواخر سنة 2006 ووفقا لتوصيات البنك المركزي فإنه كان من الواجب العمل على عصرنة البنوك العمومية والتوجُّه نحو الرقمنة وفي أواخر سنة 2009، تمكنَّا فعلا من إنشاء قطب تكنولوجي يشمل مديرية جهاز الإعلام الآلي والرقمنة والاتصال وتبادل المعلومات مع الخارج، وهي الأجهزة التي كانت موزعة على أماكن متعددة، غير أنَّ المقر الذي يحوي هذه الأجهزة الحساسة والتي تمّ شراؤها بأموال باهظة كان هشا ويعود تشييده إلى سنة 1900، ووجود هذه الأجهزة بمقر غير ملائم كهذا ومهدد بمختلف المخاطر كالفيضانات والزلازل وانقطاع التيار الكهربائي وعدم استقرار البناية من أصلها بالنظر إلى مكان بنائها”.

وتابع لوكال: ” هذه المخاطر سيدي الرئيس في حالة وقوعها قد تتسبب في توقف عمل البنك داخليا وخارجيا، ما يشكل كارثة حقيقية لأنه البنك الأول في الجزائر وفي المغرب العربي، ورابع بنك في إفريقيا، كما أنه يقوم بعمليات مالية حصرية لمجمَّع سوناطراك والهيئات السيادية في البلاد والمؤسسات الكبرى وعدم تسيير العمليات سيسبب كارثة بكل المقاييس، وتفاديا لكل هذا كان من الضروري التفكير في وضع هذه التجهيزات في حماية من خلال تجميعها بمقر ملائم من جميع النواحي، مع الإشارة إلى أن مسألة الخطر وكل مصالح الرقابة كانت تتحسس على هذه الوضعية، وعلى هذا الأساس قرر البنك السير نحو بحوث عملية لاقتناء مبني جديد.

القاضي: لكن التحقيق يُثبت عكس ذلك، هل جاءت الفكرة من عندك؟

لوكال: اشترينا “كابلات” في بئر مراد رايس، كما اشترينا أيضا من مرقي عقاري مركّبا عقاريا وكل ذلك تم بقرار حكومي، إذ تم تحويلهما إلى ملك عمومي لأن الحكومة آنذاك تعتبر أن البنك تجاري واقتصادي عنده إمكانات اللجوء إلى السوق.

القاضي: من المفروض أنكم عندما اتجهتم إلى السوق سوف تتلقون عدة عروض وليس واحدا فقط.. هل قمتم باستشارة أو القيام بإعلان؟

لوكال: سيدي الرئيس اشتغلت في البنك مدة 46 سنة، أنجزنا أكثر من 10 وكالات عبر القطر الجزائري، إلا أن المباني لم تكن تتوفر فيها شروط النشاط الملائم والمحيط الأنسب.

القاضي: كيف توصلتم إلى عدم الملاءمة؟

لوكال: عن طريق المراقبة التقنية التي أثبتت ذلك، فاللجوء إلى هذا المبنى تم بعد القيام بالزيارة الميدانية، كون هذا الأخير يتكوَّن من 7 طوابق وهو ما يساعدنا في إستراتيجية تحديد الموقع للجهاز المعلوماتي، كما أن المبنى يقع في منطقة مؤمَّنة محفوظة وكائنة في حي ولا يوجد فيها عوامل خارجية مؤثرة وخالية من السكن.

وأردف المتهم قائلا: “عندما أثبتت المصالح التقنية أنها ملائمة، قدمتُ الملف لمجلس الإدارة المتكون من 4 ممثلين ويرأسه عضو من مجلس الإدارة وممثل الخزينة العمومية، وهذه الهيئة تتمتع بالحوكمة في البنك، وكان هناك قرارٌ بشراء البناء مع القيام بخبرة تقنية قام بها مجلس الإدارة الذي كلف المصالح المعنية بذلك.

القاضي: في عرض الشراء.. هل مجلس الإدارة هو من طلب منكم ذلك؟ ومن كلف بهذا الإجراء؟

لوكال: المصالح المعنية سيدي الرئيس.

القاضي: كم عدد الخبرات التي قمتم بإنجازها؟

لوكال: مجلس الإدارة قام بإنجاز خبرتين، الأولى مرجعية قامت بها أملاك الدولة والتي تحوز على الخبرة والكفاءة في التحديد والتقييم، التي حددت المبلغ بـ102 مليار سنتيم، أما الثانية فقامت بها شركة التأمين العمومية “saa” وعندها خبرة أيضا في التقييم التي حددت المبلغ بـ 108 مليار سنتيم.

القاضي: بكم اشتريتم المبنى؟

لوكال: بـ110 مليار سنتيم، إذ أن مجلس الإدارة أخذ أدنى مبلغ، لأن البائع اشترط 140 مليار سنتيم وهو العرض الذي رفضه البنك.

القاضي: هل تعرف مالك البناية؟

لوكال: لا والله لا أعرفه سيدي الرئيس.

القاضي: التحقيق أكّد أنكم قمتم بطلب شراء العقار دون اللجوء إلى الصفقة العمومية التي ينص عليها القانون؟

لوكال: نحن مؤسسة اقتصادية عمومية، غير معنيين بقانون الصفقات العمومية في شراء المقر، كما أن العملية تكفّلت بها من بدايتها إلى نهايتها أعلى هيئة تتمتع بـ”الحوكمة” في البنك وهي مجلس الإدارة، وكان ذلك أمرا ضروريا وحتميا، ونظرا لطبيعة التجهيزات للنظام المعلوماتي من الصعب اللجوء إلى دفتر الشروط المناسب.

ويتابع المتهم تصريحاته قائلا: “سيدي الرئيس كان البنك الجزائري الخارجي سيفتح فروعا في أوروبا، فهو كان ولا يزال بنكا سياديا، فعندما تطلب أجهزة حساسة باهظة الثمن تمكنّا من اقتنائها فكيف لا يمكننا توفير مبنى لائق؟ سيدي القاضي أنا ضميري مرتاح، 46 سنة في البنك، البنك هو أمي، عملت بكفاءة ونزاهة ولم أكن أبدا ضد مصالح البنك ما كان يهمّ البنك كان يهمني كشخص وليس كمسؤول، وأنا اليوم فخور جدا، لما أمرّ على منطقة حيدرة أرى أنّ البنك أخذ قفزة نوعية وتطورا ملحوظا وأطمئن لأن العمال ومصالح الجزائر في مأمن، فعلى هذا الأساس يجب أن نفتخر ببنك “داتا سانتر” الذي يتمتع بمقاييس عالمية.

القاضي: ما هي قيمة المبالغ المالية التي تم صرفها؟

لوكال: 8 ملايين دينار وهو مبلغ تم صرفه في عملية التأمين وأجهزة المكاتب.

القاضي: ملف التحقيق الابتدائي أكد أن مبلغ الشراء مضخم جدا، الضبطية القضائية أكدت أنه 43 مليار دينار والضبطية القضائية أكدت أنه 30 مليار دينار؟

لوكال: اعتمدنا على خبرة أملاك الدولة.

القاضي: وماذا عن خبرة المفتشية العامة للمالية؟

لوكال: سيدي الرئيس المفتشية العامة للمالية “ماعندهمش خبرة”.

القاضي: التحقيق الابتدائي أثبت أن هناك اتفاقا مسبقا بينكم وبين البائع؟

لوكال: والله العظيم هذا كذبٌ وافتراء؛ لا يوجد أي اتفاق مسبق بيننا ولا أعرف لماذا سكتوا طيلة 8 سنوات ليحركوا الملف الآن بناء على شكوى مجهولة.

القاضي: ما هي الأملاك التي تحوزها في الخارج؟

لوكال: لديَّ حسابات بنكية وأنا صرَّحتُ بها. بخصوص العقارات، فأنا أملك شقة واحدة فقط في باريس، واشتريتها بعد 15 سنة نشاط دون توقف كممثل للبنك الخارجي الجزائري ومجالس الإدارة للمساهمات والبنوك بـ360 ألف أورو.

القاضي: وما هو مصدر هذه الأموال؟

لوكال: هي أموالي الخاصة الناتجة عن نشاطي منذ سنة 1995، فقد اشتريتُ شقة في باريس بعدما كرهت من التنقل بين الفنادق خلال تأدية مهامي.

القاضي: وماذا عن عقاراتك في الجزائر؟

لوكال: أنا أملك مسكنا عائليا واقعا في أولاد بلحاج بسحاولة، وهذا عن طريق الإرث من والدي وهو ملكٌ مشاع مع والدتي وأختي، وهو نفس المسكن الذي نقيم فيه جميعا حاليا، كما أملك شقة بالأبيار، وقد قمنا ببيع قطعة أرض واقعة ببوزريعة بالعاصمة ومحلين تجاريين وهم ملك للعائلة وهذا من أجل استكمال أشغال بناء الوقف مقر السكن الحالي لي وللعائلة.

وواصل المتهم تصريحاته: “سيدي الرئيس لم يعثروا بحوزتي على سيارة شخصية ولا نقود ولا صفائح ذهب.. بعد 46 سنة من العمل هذا كل ما أملكه”.

وفي هذا الأثناء يتدخل وكيل الجمهورية ويسأل محمد لوكال.

وكيل الجمهورية: نبدأ من حيث انتهت أسئلة المحكمة.. حسب تصريحاتك فأنت تملك سكنا عائليا بمنطقة سحاولة، مم يتكون؟

لوكال: هو عبارة عن فيلا.

وكيل الجمهورية: لا هو عبارة عن فيلتين اثنتين على شاكلة قصور “شاطو”. وبالرُّجوع إلى تصريحاتك بخصوص شراء مؤسسة البنك الجزائري الخارجي لمقر في حيدرة، فأنا صرّحت أن المقر الذي كان في ساحة الشهداء هشّ، وغير مؤمَّن، ومعرَّض للزلازل والفيضانات، عندما تمر حافلة ما، فإن المبنى يتحرك .. هل توجد خبرة تقنية تثبت ذلك؟ أين وجدت إعلان البيع كمدير عام؟

لوكال: بالقرب من فندق الجزائر “سان جورج سابقا”.

وكيل الجمهورية: هل هناك مداولة؟

لوكال: كان هناك ضرورة استعجالية وملّحة.

وكيل الجمهورية: هناك تقريرٌ تقني يؤكد أن مقر ساحة الشهداء لا يصلح؟

لوكال: نعم هناك تقارير دورية.

وكيل الجمهورية: هل الإجراء الذي قمت به يعود بالفائدة على البنك؟

لوكال: أكيد يعود بالفائدة على البنك لأنه يقوم بتخزين كل المعلومات الخاصة بالبنك.

وكيل الجمهورية: البائع، قال في تصريحاته إن “ص. م” هو من كان وسيطا لشراء المبنى؟

لوكال: لا، أبدا.. سيدي الرئيس. فأنا أنكر ذلك لأنني فعلا لا أعرف البائع ولا تربطني أي علاقة معه لا من بعيد ولا من قريب.

المتهمون: لا ناقة لنا ولا جمل في وقائع الحال

أنكر المتهمون المتابعون في ملف الوزير السابق للمالية محمد لوكال، التهم الموجهة إليهم جملة وتفصيلا، وأكد المدعو “ص. م” الذي توبع في الملف على أساس وسيط في عملية بيع وشراء بناية حيدرة، أنه لا يعرف تماما المتهم محمد لوكال ولا تربطه أي علاقة معه، وأن ما جاء في محاضر الضبطية القضائية لا أساس له من الصحة، مشددا على أن “مكيدة دبِّرت ضده”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!