-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية للشروق أونلاين:

عمر بوساحة: بقاء الفلسفة في قاعات الدروس جعلها “مادة مدرسية جامدة ففقدت روحها الحوارية وحيويتها”

حاوره ماجيد صرّاح
  • 361
  • 0
عمر بوساحة: بقاء الفلسفة في قاعات الدروس جعلها “مادة مدرسية جامدة ففقدت روحها الحوارية وحيويتها”
ح. م
رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، عمر بوساحة.

تحتفل الجزائر سنويا يوم الـ26 أفريل باليوم الوطني للفلسفة، هذا النشاط الفكري، الذي وبالرغم من أهميته، إلا أنه حاضر بشكل محتشم في المجتمع الجزائري.

للوقوف على واقع الفلسفة في الجزائر حاورت الشروق أونلاين، رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية والأستاذ بجامعة الجزائر، عمر بوساحة.

الشروق أونلاين: بداية، ما الذي يجعل من الفلسفة ضرورية؟

عمر بوساحة: تكمن ضرورة الفلسفة الحضارية في أنها تعتبر المحرك الذي لا يمكن الاستغناء عنه للثقافة العالمة منها أو ثقافة المجتمع. فالنقد الذي لا يمكن أن تؤدي الفلسفة وظيفتها من دونه يفتح لها الطريق في تصحيح الأفكار والمعلومات وتجديدها والتصدي لكل الهويات والعقائد المغلقة التي تقوم على التمويه والتبرير وادعاء امتلاك الحقيقة واليقين النهائيين، وهي تلك الادعاءات والعقائد التي للأسف كبَّلت العقل الجزائري والعربي عموما وجعلته لا يغادر عصور الانحطاط.

فالفلسفة بمنهجها النقدي هي التي بمقدورها تفكيك أصنام الثقافة والتاريخ ليتسنى للنخب إعادة بنائها على أرض جديدة تفتح الطريق أمام العقل للحرية والإبداع. وهي في عملها هذا تستفيد من انجازات العلم والآداب والفنون عبر كل التاريخ البشري، خاصة ونحن نعيش في هذا العصر انفجارات من الانجازات العلمية والتكنولوجية. من هذا جاءت ضرورة الفلسفة للعملية التعليمية أولا وللثقافة والحضارة بشكل عام بكونها تساعد على امتلاك مناهج التفكير الفعال، السليم والمجدي.

كيف يمكن إخراج الفلسفة التي هي اليوم عندنا أسيرة مدرجات الجامعات إلى المجتمع لتلعب هذا الدور؟

لم تكن الفلسفة في كل تاريخها مادة تقدم في المدارس والجامعات فقط بل كانت إبان نشأتها الأولى عند اليونانيين مادة حوارية تقام في الساحات، و”الأغورا” التي كانت النخبة اليونانية تلتقي فيها مع جمهورها في أثينا تشهد على ذلك. فالفلسفة لا يستقيم لها الحال إلا بالحوار والنقاش وكلما انتشر النقاش وتعمق زاد حضور الفلسفة وزاد ألقها وانتشارها.

فالخطأ إذن هو في بقاء الفلسفة في المدرجات وقاعات الدروس ولا تغادرها، وهو ما جعلها في بلدنا مثلا مادة مدرسية جامدة ففقدت روحها الحوارية وحيويتها وجعلتها هذه العزلة مادة غريبة ومجهولة في المجتمع. لقد جعلت الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية هدفها الأول إعادة الفلسفة لحاضنتها الاجتماعية، فخرجت إلى الناس موظفة القاعات العامة ودور الثقافة وغيرها من المؤسسات ذات الصلة واختيار موضوعات يستسيغها الجمهور وتلقى صدى في عقولهم الجمهور الذي يتشكل في الغالب من الطبقات الوسطى والمثقفين والمهتمين، من دون أن ننسى بطبيعة الحال مهمتها التعليمية الخاصة بتدريسها في المدارس والجامعات.

بمعنى أننا أضفنا نحن أساتذة الفلسفة إلى وظيفتنا الرسمية وظيفة تثقيفية اجتماعية تقوم على تنظيم ندوات وتقديم محاضرات وهي في الحقيقة من صلب الاشتغال الفلسفي نعمل فيها على اكتساب مناهج التفكير العقلاني والسعي إلى عقلنة الحياة الثقافية التي نخرتها الخرافات والأساطير.

تنظم الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية لقاءات مفتوحة للجمهور. كيف يتفاعل الجمهور مع نشاطاتكم؟

جمهور الجمعية من الفئات الوسطى أقصد معلمين، أساتذة، صحفيين، والكثير من المهتمين بالشأن الثقافي، لذلك هم الغالب يستقبلون بشكل جيد ما يقدم في الندوات والمحاضرات، ويتفاعلون ايجابيا معها. ويحصل أن النقاش الذي يدور في قاعات اللقاءات يكون مهما جدا ويضيف الكثير إلى ما يقدمه منشطي تلك المداخلات، والشيء الذي يجدر ذكره والذي نعتقد أن ندواتنا تنفرد به هو الهدوء وعدم التعصب للرأي وقبول الرأي الآخر واحترامه وهو ما يضفي جمالية خاصة لتلك الندوات ويحقق هدفا ساميا هو تعلم استعمال العقل عوض العاطفة والانفعالات التي تتميز بهما ثقافتنا الشعبية.

جمهورنا جمهور نوعي ونحن لا نركز البتة على عدد الحضور لذلك لا يأتي في الغالب إلى ندوات الجمعية إلا المهتمون حقيقة بالشأن الثقافي الذين يبحثون على المعرفة ومناقشة قضايانا الثقافية التي تمثل لهم هما عاما مشتركا يسعون إلى المشاركة في تقديم الحلول لإشكالاتها.

كيف ترون مستقبل الفلسفة في الجزائر؟

المجتمع الجزائري مجتمع ديناميكي يسعى إلى تغيير الأوضاع المحيطة به، لذلك، خاصة الشباب منه هم يسعون إلى امتلاك الأدوات اللازمة لتحقيق غاياتهم حتى وان كانت بعض مساعيهم في الراهن يشوبها التسرع وعدم امتلاك الثقافة الضرورية لتحقيق ذلك.

وفي مجتمع كمجتمعنا نحتاج إلى ترسيخ ثقافة عقلانية تساعدنا على الذهاب إلى أهدافنا بشكل متزن، دون أخطاء كثيرة ولا منزلقات تعوق طريقنا. وهنا يأتي دور الفلسفة التي كما سبق وان قلت بمنهجها النقدي ستساعد على تصحيح الأخطاء بعقلنة الحياة الثقافية، شريطة أن تقوم الفلسفة نفسها بمواكبة تطلعات المجتمع ومحايثة الحياة فيه، وتقوم بتجديد موضوعاتها وفقا لذلك، لتقاوم التحديات الكبيرة التي يواجها الإنسان في مجتمعاتنا وتقوم بمناهجها بتوجيه العقول والإرادات نحو القضايا المصيرية التي تواجهنا في الواقع. أعتقد أنه إذا سارت الأمور على هذه الشاكلة فسيكون للفلسفة حضور نوعي وهام في الثقافة الجزائرية والمجتمع بعامة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!