-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن الانتخابات الرئاسية المسبقة

عمار يزلي
  • 741
  • 0
عن الانتخابات الرئاسية المسبقة

لاشك أن إعلان الرئاسة عن انتخابات رئاسية مسبقة في 7 سبتمبر 2024، قد فاجأ الكثير من الأوساط وعامة الشعب الجزائري، لاسيما وأن بيان رئاسة الجمهورية لم يوضِّح أسباب ذلك.

هذا الإعلان فتح شهية النقاش حول الدوافع والأسباب، كما فتح شهية الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، التي ستبدأ قريبا في التحرُّك تحضيرا لهذا الموعد.

الرئيس عبد المجيد تبون لم يتخذ القرار من دون سبب ولا علة، ولكنه يكون قد أشرك الجميع في قراره هذا، وغير مستبعد أن يكون قد لمَّح أو حتى صرَّح لقيادات الأحزاب والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التي التقاها مؤخرا بضرورة بداية التحضير للانتخابات الرئاسية “التي باتت قريبة”، حتى ولو لم يصرِّح لهم بتاريخ ذلك.

هذا ما نتصوره شخصيا، إذ رأينا السيد بن قرينة، الذي كان آخر من التقاهم، يصرِّح قبل صدور البيان الرئاسي، أن حزبه سيشرع قريبا في تحضير وإعادة هيكلة وتنظيم نفسه تحسُّبا لهذا الموعد.

بغضِّ النظر عن وجهات النظر حول التعاطي مع البيان والخبر في حد ذاته، وبين التجاذب بين وجهات النظر التي تتباين بحسب الهوى والرغبات، لا بحسب التحليل المبني على المعطيات، فإن الأمور ستتضح أكثر مع الوقت، لكن التحليل الشخصي يبقى الطاغي على المشهد في غياب معطيات رسمية يُبنى عليها.

ما هو جليٌّ، هو أن رغبة رئيس الجمهورية في تقليص عهدته بنحو 3 أشهر، أو لنقل 65 يوما بالتحديد، على اعتبار أن قانون الانتخابات يحدد وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية 30 يوما قبل انتهاء العهدة الرئاسية، وبالتالي، فقد كان من المفروض أن تجرى الانتخابات الرئاسية العادية في حدود 12 نوفمبر 2024. لكن ما الهدف وما سبب تقليص مدة عهدة الرئيس بنفسه بنحو شهرين؟ نتصوّر هنا، وهذا مجرد تخمين ذاتي، أن الرئيس أراد أن يردَّ على الأبواق الخارجية التي تحدّثت قبل أشهر عن احتمال أن “تؤجَّل الانتخابات الرئاسية”. هذا الخطاب نابعٌ من حقد ومناورات وتسميم لم يعُد ينطلي على أي متذوق ويعرف مصادره ولا يبالي بها، ولا أعتقد حتى أن الرئيس يعطيها أهمية بحدِّ ذاتها، طبقا للمقولة “القافلة تسير والكلاب تنبح”، لكن أيضا المثل الشعبي يقول “الذباب لا يقتل، لكن يعيّف القلب”. يبدو، وهذا مجرّد رأي أيضا، أن الرئيس أراد أن يوضِّح للمرجفين منهم في المدينة وخارجها، بأنه ليس من طينة من يستهويهم الكرسيّ وتأسره السلطة، وأنه أزهد فيها من زهد أبي العتاهية أمام الرشيد، لذا أراد أن يقول للجميع، وأيضا لعامة الشعب، إنَّ الشعب هو من سيقول كلمته، وأنه يرمي بالمسألة للشارع لكي يتلقَّف الموقف: الرئيس غير طامع في السلطة، ولا مستميت لأجلها ومستعدّ لترك المسؤولية وتركها للتداول الديمقراطي الشفاف. لهذا، رمزية تسبيق الانتخابات، تدلّ على أن الرئيس غير متمسك بالسلطة وبالكرسي كما يروِّج له بعض الأزلام وبعض الأفواه الذبابية. معنى هذا، أن الرئيس لن يعلن ترشحه سريعا، وسيترك المنافسين يتقدّمون لتكون الانتخابات شفافة وقوية وعادلة ونزيهة وذات مصداقية، ولن يقبل الترشح إلا تحت إلحاح الشارع والمجتمع المدني الذي يمثل القاعدة الوحيدة له كمرشح مستقلّ: بهذا المعنى، وفي حالة طلب الشعب منه الترشح سيفعل من أجل عهدة أخرى أخيرة، لتكملة منجزاته التي يجب أن لا تتوقّف، باعتبارها ورشة تتطلب مزيدا من التطوير والإنجازات حتى ولو أكمل الرئيس عهده وأوفى بوعده ووعوده وتعهداته الـ54.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!