-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فتح الأندلس 2

فتح الأندلس 2

عندما يبلغ عدد الجزائريين، الذين اشتروا شققا وفيلات في بلاد إسبانيا، ألفي جزائري، في ظرف عامين، كما أكدت وثيقة رسمية حصلت عليها صحيفة “الشروق اليومي”، فهذا يعني أننا أمام ما يشبه الاحتلال أو الفتح، ولكن بطريقة جديدة، لا أحد يمكنه فك طلاسمها، بما في ذلك هذا الشعب الزاحف نحو بلاد الأندلس، ليس من أجل الاستثمار، لأن شراء العقار لا يمكنه أن يكون استثمارا إلا في الجزائر، التي تتضاعف أسعار الشقق فيها بمتتالية هندسية، ولا يمكنه أن يكون طلبا للهجرة لأن القانون الإسباني لا يمنح بطاقة الإقامة ولا يضمن حتى التأشيرة لمن يشتري عقارا في إسبانيا، ويبقى الرابح الأول هم الإسبان، الذين يجنون من ضرائب شراء هذه العقارات سنويا ما دفعه أصحابها، الذين أحرجتهم مبالغ مالية ضخمة، أتخمت حساباتهم البنكية في الجزائر، فحاولوا تبييضها في إسبانيا، فسوّدوا صورة الجزائري الذي لا يشتري مصنعا أو مساحة تجارية أو مزرعة في إسبانيا، برغم انهيار أسعارها لأنها ستجبره على العمل، وهو يريد هذه التجارة التي صارت مهنة الكثير من أثرياء الجزائر الذين جرفهم طوفان المال، فمارسوا شراء المساكن لأجل معاودة بيعها وأحيانا لغلقها مدى العمر، وهو ما جعل عدد الشقق المغلقة في الجزائر، يوازي عدد الشقق المسكونة، وقد تنتقل العدوى إلى إسبانيا لأن الاستثمار في نظر الكثير من الجزائريين هو شراء السلعة وتخزينها بعض الوقت حتى يتضاعف سعرها.

لم تكن إسبانيا إلى غاية سبعينات القرن الماضي، سوى ذيل، يحاول اللحاق بالبدن الأوروبي الراكض بسرعة البرق، ولكنها لحقت الآن بالرأس وكل شركاتها المتواجدة في الجزائر اختارت الاستثمار في المحروقات، وتسيطر مثل الأمريكان على حقول النفط الجزائرية، وتجني ملايير الدولارات، ولم تهتم أبدا بالاستثمارات الخفيفة التي مكنتها من أن تتحول إلى قوة اقتصادية، مثل الزراعة والسياحة، ورفضت نقل تجربتها في هذين المجالين إلى الجزائر، ولا يهمها طبعا أن تشتري عقارات، بينما تسري الأموال في جيوب بعض الجزائريين ليشتروا بها مساكن في مختلف أرجاء بلاد الأندلس، لا يتمتعون حتى بقضاء أيام سياحة فيها رفقة عائلاتهم.

الجزائريون تفوقوا في شراء العقار في إسبانيا على الصين، بلد المليار ونصف مليار نسمة، وهو العملاق الذي أدخل شراء العقار في مختلف البلدان ضمن سياسته الاقتصادية بعيدة المدى، تحضيرا لاستعمار اقتصادي منتظر للعالم، تكون فيه كل الظروف السياسية والاجتماعية متوفرة، ولكن شراء الجزائريين للعقار هو اجتهادات شخصية، تصدمنا بالكثير من الاستفهامات التي تبقى من دون إجابة، لأن الذي يشتري مسكنا في إسبانيا ثمنه 250 ألف أورو هو بالتأكيد يمتلك في الجزائر العديد من السكنات المُجمّدة، والملايير بالعملة الوطنية، وطبعا لا أحد فهم كيف تمكن هذا الشعب من المواطنين من تهريب هذه الثروة التي تساوي ميزانية بلدان بأكملها. وللأسف، فإن الزحف لم يخص إسبانيا فقط، وإنما طال العديد من البلاد، ضمن سياسة الأموال الجامدة وقطع الأيدي العاملة، لأن هذا الاستثمار الأبيض لا يمنح وظيفة واحدة، ولا يفتح الأندلس أصلا، بل يغلق مزيدا من الأبواب في الجزائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزااااااااااائررررية

    الله يهدينا ويهديهم والله يجيب الخير