الرأي

فتشوا الفرنسيين أيضا‮!‬

عمار يزلي
  • 2657
  • 0

التكالب الفرنسي‮ ‬على الجزائر وعلى الجزائريين،‮ ‬لم‮ ‬يعد‮ ‬يقتصر على أمنها وعلى شعبها الأعزل،‮ ‬الهارب من النار إلى الرمضاء،‮ ‬برا،‮ ‬بحرا وجوا‮: ‬حرقا،‮ ‬وفيزة مزورة وطلب لجوء وسياحة للبقاء،‮ ‬بل وصل إلى حد المساس حتى بالمسؤولين السامين في‮ ‬الدولة،‮ ‬وكأن فرنسا الاستعمارية لا تزال ترى فينا جميعا،‮ ‬مجرد خدم لها هنا في‮ ‬هذه الضفة‮. ‬والخادم،‮ ‬كيفما كان،‮ ‬ولو كان أمينا ومطيعا،‮ ‬يبقى متهما بالغش والسرقة وكل الأفعال المنكرة،‮ ‬لهذا،‮ ‬فهي‮ ‬لا تكترث في‮ ‬مطاراتها أن تهين شرطتُها المسافرين ـ كيفما كانواـ بأن‮ ‬يفتشوهم بدقة ويطلبوا ملفا رغم الملف المعدّ‮ ‬للحصول على الفيزا التي‮ ‬دفعت لأجلها أكثر من مليون سنتيم‮ (‬وقد لا تحصل عليها ولا تردّ‮ ‬لك دراهمك‮). ‬

وصل الأمر مؤخرا إلى أن صار وزراؤنا أيضا‮ ‬يفتشون،‮ ‬وهذه ألعن مرحلة وصلنا إليها منذ الاستقلال‮.. ‬

نمتُ‮ ‬على هذا الحقد،‮ ‬لأجد نفسي‮ ‬وقد اختلطت عليّ‮ ‬المواعيد‮: ‬كأن اليوم العالمي‮ ‬للصحافة هو‮ ‬يوم‮ ‬1‮ ‬نوفمبر عيد الثورة،‮ ‬وأنا هو وزير الاتصال وقد خضعت لتفتيش دقيق في‮ ‬مطار أورلي‮ (‬أكبروا في‮ ‬الجزائر حتى مطار شارل ديغول‮). ‬قلت لهم‮: ‬أنا وزير الإعلام وهذا‮ ‬يوم الإعلام والثورة‮. ‬قالوا لي‮: ‬لهذا،‮ ‬نفتشك‮.. ‬ربما تكون سارقا مفتاح مقر تلفزيون”الوطن‮”‬،‮ ‬أو تهرّب شيئاً‮! ‬قلت لهم‮: ‬هذا هو جزاؤنا،‮ ‬نحن من نلهث لإرضائهم بتعلم لغتكم على حساب العربية،‮ ‬ونطمح في‮ ‬الدارجة التي‮ ‬أوصيتمونا بها خيرا قبل خروجكم‮.. ‬هذا هو جزاؤنا نحن من ندفع لكم الملايير في‮ ‬السياحة وسفريات مسؤولينا وأعمال رجالنا و”رجال أعمالنا”؟ لم‮ ‬يردوا عليّ‮ ‬وراحوا‮ ‬يفتّشون حتى جيوبي‮ ‬الداخلية،‮ ‬ولما رفضت،‮ ‬أعادوني‮ ‬إلى البلد‮. ‬ومن هنا،‮ ‬اتصلت برئيس الحكومة الذي‮ ‬اتصل بالعساس الذي‮ ‬اتصل بالحرس الذي‮ ‬اتصل بالكابيني‮ ‬الذي‮ ‬اتصل بالبيت،‮ ‬الذي‮ ‬اتصل بالرئيس،‮ ‬الذي‮ ‬قرر حالا أن‮ ‬يفتش كل فرنسي‮ ‬مهما كان مكانته عملا بحق التعامل بالمثل‮!‬

وغدا،‮ ‬كنت أنا من‮ ‬يشرف على التعليمة في‮ ‬المطار،‮ ‬وعُينت لأستقبل وفدا من الوزراء الفرنسيين على رأسهم رئيس الوزراء وبرفقة وفدٍ‮ ‬من رجال الأعمال من الأقدام السود واليهود،‮ ‬قلت لأمن المطار‮: ‬اليهود ما‮ ‬يدخلوش‮! ‬البقية فتشوا جدّ‮ ‬والديهم شعرة بشعرة والأقدام السود،‮ ‬لن‮ ‬يدخلوا الجزائر البيضاء،‮ ‬إلا بعد أن‮ ‬يغسلوا‮ “‬كرعيهم‮” ‬من الوسخ،‮ ‬ويتوضؤوا ويصلوا ركعتين‮.. ‬أنزعوا أحذيتهم وأحزمتهم والسراويل إن اقتضى الأمر،‮ ‬رجالنا‮ ‬يفتشون نساءهم،‮ ‬ونساؤنا‮ ‬يفتّشن‮ “‬رجالهم‮” ‬لأني‮ ‬أعرفهم‮: ‬ماهمش رجال‮!.‬

‭ ‬في‮ ‬مقرّ‮ ‬إقامتهم،‮ ‬قلت لهم‮: ‬استعدوا لكي‮ ‬ننقلكم إلى حمّام عربي،‮ ‬قبل أن‮ ‬يستقبلكم الرئيس‮. ‬أخذتهم للحمام وأخرجناهم منه بفوط الحمام،‮ ‬في‮ ‬ندوة صحفية شبه عرايا‮!‬

وأفيق وأنا أضحك من هولاند حتى هو ببشاكير الحمّام‮!‬

مقالات ذات صلة