-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فلسطين وتحدِّياتُ المقاومة

غازي عثمانين
  • 519
  • 0
فلسطين وتحدِّياتُ المقاومة

هناك مقولة للإمام الشافعي رحمة الله عليه ”ما حك جلدك مثل ظفرك” وهو جزء من بيتين شعريين له يقول فيهما:

ما حك جلدك مثل ظفرك  فتولّ أنت جميع أمـرك
وإذا قصـدت لـحاجــــة   فاقصُــد لمعترفٍ بقـدرك

هناك عديد المواقف التي تستدعي ذكر هذا المثل ولا يسمح لي المقام هنا لذكر هذه المواقف كلها.

وأعتقد أن المقولة واضحة تمام الوضوح والمقصود أنك أيها الإنسان لا تعتمد على الغير واعتمد على نفسك وكن قدر المسؤولية. وأعتقد أن القارئ الكريم يفهم ماذا أقصد.

تشهد حاليا كل من مدينة القدس وخاصة المسجد الأقصى المبارك اصطداما وعنفا بين المقدسيين للدخول إلي المسجد الأقصى للقيام بالصلاة فيه وتقوم سلطات بني صهيون بمنعهم من القيام بأداء فريضتهم والاعتكاف فيه، ولا يكفي هذا بل يقوم المتطرِّفون الصهاينة بالدخول إلى باحة المسجد من دون حياء ولا احترام للأماكن الدينية فيعيثون فسادا ويدنِّسون كل ما وجدوا أمامهم وهذا كله تحت الحراسة المشددة للجيش الصهيوني. الفلسطينيون المقدسيون -كما يعرفهم العالم- لا يملكون سلاحا إلا الحجارة يردّون ويصدّون بها عدوهم المدجج بالسلاح.

والغريب في الأمر أن كل المؤسسات العربية والإسلامية مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرهما تتبجح أثناء اجتماعاتها وتكرر جملتها المشهورة بدون خجل ولا حياء أن “فلسطين هي قضية العرب والمسلمين الأولى” ولا يبحثون عن شكل وكيفية دعمها. الأمة العربية والإسلامية ذات الملياري مسلم تقريبا، تتفرج ولا تستطيع عمل أي شيء حتى المظاهرات وهي أضعف الإيمان قامت بها بعض الشعوب فقط. ثم نسمع من حين إلى آخر بعض هذه الدول تندّد بالانتهاكات الصهيونية أو تتدخل لطلب التهدئة أو تدعو مجلسَ الأمن أو الأمم المتحدة للتدخل لوقف هذه المظاهرات وضبط النفس من الجهتين.

لقد مرت المقاومة الفلسطينية بعدة مراحل وتطورات وظهرت بأشكال مختلفة، فكانت في البداية على شكل فردي أو من خلال تنظيم فريق أو فصيل فلسطيني كما يسمونه يقوم من حين إلى آخر بعملية فدائية لقتل الصهاينة للمحافظة على أرضهم من جهة ولمنع دخول اليهود القادمين من مختلف بقاع العالم من جهة أخرى.

الخطاب الأخير ليحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة كان صريحا ووضع النقاط على الحروف وأرسل رسائل متعددة وترك العدو يرتبك ويفكر ألف مرة، إذ أكد أن مساراً وطنياً جديداً قد بدأ، وسينتهي بتشكيل جبهة مقاومة وطنية تضم كل الفصائل الداعية للمقاومة المسلحة وإنشاء جيش من الفدائيين يقومون بعمليات فدائية يوميا وفي كل ربوع فلسطين المحتلة وليس فقط الضفة الغربية.

ولكثرة عدد الفصائل وانتماء كل واحد منها إلى دولة عربية ما ولتنظيم المقاومة ولتكون هذه الفصائل أكثر تنظيما، تأسست ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية سنة 1965، وكان أول رئيس لها الفلسطيني أحمد الشقيري ثم ياسر عرفات فمحمود عباس. غير أن الخلافات الأيدلوجية والسياسية والاتهامات بين هذه الفصائل جعلت هذه الأطراف تنظر إلى المقاومة وفق منطقها؛ هناك من يدعو إلى العمل المسلح أو ما يسمى بالعمل الفدائي، والآخر يدعو الفلسطينيين إلى الانتفاضة في الشوارع أو ما يسمى بالمقاومة الشعبية كمقاومة غاندي السلمية ضد التاج البريطاني أو مقاومة المؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري، وآخر يدعو إلى الاستنجاد بالمنظمات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن ولمَ لا عن طريق المفاوضات المباشرة مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأميركية. ولم تنجح أيّ مبادرة من هذه المبادرات، بل بالعكس يزيد العدوُّ الصهيوني تعنتا وازدراءً. يجب أن نذكر في هذا الصدد أن هذه الخلافات جعلت القضية الفلسطينية تفقد الدعم الذي كان سائدا في الدول العربية وأصبح يتضاءل أكثر فأكثر بل زاد تفاقما وعمقا حتى وصل ببعض الدول العربية من الوقاحة والعار والخيانة وبدون خجل أن تعترف بالكيان الصهيوني كدولة وتطبِّع معه، بل أكثر من ذلك فهي توقع معه، ليس فقط اتفاقيات اقتصادية أو ثقافية، بل وحتى أمنية ودفاعية، وفي الوقت نفسه تدّعي بأنها تدعم القضية الفلسطينية، وكأن الأمة العربية والإسلامية وخاصة الشعب الفلسطيني ساذج وغبي. وهذا العمل الدنيء ينطبق عليه المقولة المشهورة “إذا لم تستح فافعل ما شئت”.

ولرأب الصدع ولم شمل هذه الفصائل ومن محبّة الجزائر لفلسطين ظالمة أو مظلومة ودعمها المطلق قام الرئيس الجزائري السيد عبد الجيد تبون بمبادرة وهي عبارة عن دعوة كل الأطراف الفلسطينية لإيجاد حل للمصالحة والاتفاق على برنامج سياسي مشترك وإنهاء الصراع بين الفصائل من خلال مؤتمر جامع، وأود من خلال التدخل السريع أن أعطي مثالين بسيطين للثورات التحريرية التي قامت في القرن الماضي وهما ثورة الجزائر وثورة الفيتنام. وكل من الثورتين قامتا بكفاح مسلح سقط فيهما ملايين الضحايا، ولم يكن لهما فصائل عديدة بل كان لهما منظمة واحدة وهي جبهة التحرير الوطني تتولى المسائل السياسية إلى جانب جيش التحرير الوطني الذي كان يقوم بالمقاومة العسكرية، وهناك أمثلة عديدة لمثل هده الثورات. للإشارة كانت أثناء فترة الاستعمار الفرنسي أحزابٌ متعددة في الجزائر ولما قامت الثورة التحريرية طُلب من الأحزاب والمنظمات الجزائرية الانضمام إلى جبهة التحرير بشكل فردي، والسؤال هو: لماذا لا يتبع الفلسطينيون هذا المنحى؟ أعتقد أن كل الداعمين الحقيقيين للقضية الفلسطينية يدعون في هذا الاتجاه. وأن مصطلحات المناشدات والدعوات للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات قد انتهت بلا رجعة وأن مقولة إنشاء دولة فلسطينية تضم بعض أراض الضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية لم تعد حقيقة واقعية حتى العدو الصهيوني لم يعبأ بها. هذه التنازلات من يوم إلى آخر تركت مجالا واسعا وسمحت للكيان الصهيوني بإنشاء مستوطنات كثيرة في الضفة والقدس واستدعاء يهود العالم للإقامة والسكن فيها بكل أريحية وأمن واطمئنان. للتذكير كان اليهود الصهاينة يعدّون على رؤوس الأصابع كما يقال والآن أصبحوا بالملايين.

الخطاب الأخير ليحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة كان صريحا ووضع النقاط على الحروف وأرسل رسائل متعددة وترك العدو يرتبك ويفكر ألف مرة، إذ أكد أن مساراً وطنياً جديداً قد بدأ، وسينتهي بتشكيل جبهة مقاومة وطنية تضم كل الفصائل الداعية للمقاومة المسلحة وإنشاء جيش من الفدائيين يقومون بعمليات فدائية يوميا وفي كل ربوع فلسطين المحتلة وليس فقط الضفة الغربية. وقد يكون الرد الصهيوني قويا ولكن كما يقال “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالـقوة” قال الله تعالى في كتابه الكريم “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ”.

وسترون أيها الفلسطينيون كيف يبدأ اليهود الصهاينة في الهروب من فلسطين كما غادر الفرنسيون الجزائر بالآلاف عندما تم وقف إطلاق النار بعد أن كان هؤلاء الفرنسيون يعتبرون الجزائر أرضا فرنسية وإلى الأبد وعرفوا أخيرا وتيقنوا أن موعد استقلال الجزائر وحريتها لا مفر منهما وقريبان جدا. وفي الأخير أود أن أرجع لمقولة الإمام الشافعي وأقول للفلسطينيين: لا تنتظروا من أحد أن يمنّ عليكم بأي معونة، توكلوا على الله أولا ثم على أنفسكم وسوف ترون المساعدات تأتيكم من كل الجهات، عربية وأجنبية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!