-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

في مرمى “بركات ” و” دفاع السلطة “

سليمان باخليلي
  • 3759
  • 12
في مرمى “بركات ” و” دفاع السلطة “

أتوقع أن حركة “بركات ” الجزائرية التي توازي في معناها وأهدافها حركة “كفاية” المصرية، لن تُسقِط النظام بقدر ما ستكون مطية لحركات أخرى مماثلة ستنشأ بعدها، وسيكون من بينها أول الأمر حركات موازية يُنشِئها النظام نفسُه بهدف اختراق حركة “بركات” وتشويه نشاطها وتمييع أهدافها، وتبرير سياسته التي تقوم على مبدإ “بَوْلسَة الدولة”.

الحالة الوحيدة التي يمكن أن تجد فيها حركة “بركات” نفسَها في موقع قوة هي حالة انضمام التيار الإسلامي لنشاطها بالتجمهر ذي الطابع الديني العقائدي على الطريقة المصرية والسورية والليبية أيام الجمعة، من قبيل: “جمعة بركات”، و”جمعة مناهضة الرابعة ” و”جمعة إسقاط النظام” مثلا، وهذا مُستبعَـدٌ في الحالة الجزائرية نظراً لاختلاف الرؤى والإيديولوجيا بين حركة   “بركات” ذات التوجه اليساري، وبين التيار الإسلامي ذي التوجه العقائدي، بحيث يبدو من المستحيل أن يلتقي الطرفان في “شارع واحد” رغم ما يبدو من وحدة الهدف، فالإيديولوجيا تقوم على الشكليات أكثر من ارتكازها على المضامين والأهداف، وبالتالي فإن على حركة ” بركات ” أن تحقق التفافاً شعبياً من حولها حتى تتمكن من تحقيق أهدافها.

أما في مرمى النظام، فإن المسمار الذي تدقه في نعشها هو اختيارها منهج “بَوْلسَة الدولة L_état policier  ، حيث أصبح الناس يشاهدون بلادهم مطوقة بحواجز وسيارات وأعوان الشرطة أينما التفتوا، وهو ما لم يروْهُ حتى في عز سنوات الجمر التي مرت بها الجزائر، والأدهى أن تستخدِم أعوان القمع بلباس مدني، بما يخالف كل القوانين والنظم المعمول بها في العالم اليوم، حيث يستخدم الأعوان بلباس مدني في حالات الأمن والسلم، وليس في حالات التوتر واللا استقرار .

 وصحيح أن النظام يبرر خيار “بَوْلسة الدولة” بمسألة “الحفاظ على الأمن والاستقرار”، لكن المواطن اليوم يقدم لهذا المبرر قراءة أخرى ترتكز على أن مرشح العهدة الجديدة يرفع شعار “أنا، أو الإرهاب” بما يجعله يبدو بمظهر من يفرض نفسَه على الشعب بالقوة، وبالتالي فإنه من المتوقع في حال تفاقم الأوضاع لا قدر الله أن يتخلى أعوان الشرطة عن وظائفهم ومهامهم ـ كما جرى في سورية وليبيا ومصر ـ خشية أن تتم ملاحقتهم مستقبلا، وهو ما سيضع البلاد أمام وضع مماثل للوضع المصري في مسألة “المحاكمات العرفية” أو الوضع السوري في عودة التنظيمات الإرهابية إلى النشاط، خصوصا وأن لهذه التنظيمات في بلادنا من الخبرة ما يجعلها تتجاوز أخطاء نظيراتها في ليبيا وسورية.

وفي رأي من لا رأي له يُسمَع، فإنه انطلاقاً من صعوبة الظرف الذي تمر به البلاد، يتوجب على النظام في المقام الأول أن لا يراهن على استعمال القوة والعنف لحل مشاكله، وأن يعمد فوراً إلى توقيف خيار “بولسة الدولة” الذي يعتبر في كل الدول بداية النهاية لأي نظام قائم، وعليه في المقام الثاني أن يتجنب الإفراط في استعمال القوة تجاه المحتجين والمعارضين لسياساته، وأن يتجنب بالخصوص إخراج مظاهرات مؤيدة إلى الشارع تجنبا لاحتدام الأمور.

ويقع على عاتق حركة “بركات” والحركات التي يُتَوقع أن تنشأ مؤيدا لها أو مناقضا لتوجهاتها أن لا تدفع باتجاه تأزيم الأمور، وذلك بتنقية صفوفها ممن سيشوهون أهدافها، ويقدمون للسلطة مبرراً للاستمرار في منهج “بولسة الدولة” الذي لن تحمد عقباه، ولن يكون في مصلحة أي من الطرفين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • محمد رايس

    من الافضل ان تغلقوا شريط التعليقات ان كنتم لا تنوون نشرها . هل من المعقول ان يجتهد القارئ في كتابة تعليق او رد لا يريد من ورائه جزاءا و لا شكورا , اللهم الا ابداء وجهة نظره في قضايا تهمه و تهم القراء . نرجو من ادارة الشروق ان تاخذ تعليقات القراء بمزيد من الجدية . في احيان كثيرة تنشر تعليقات و ردود لا تليق بقامة الشروق و لكن في المقابل تهمل تعاليق نعتقد انها لا تخرج عن شروط النشر و الادب فلماذا الكيل بمكيالين . و نرجو تقبل راينا بما فيه من غيظ و خيبة امل , و دمتم فخرا للكلمة الحرة ....

  • وائل مراد

    هذ ه الإنتخابات ...برامج أغلب مرشحيها هو للمنصب فقط وتصفية حسابات شخصية لا برامج لا ارقام بل اجترار لكلام غبر واقعي لكسب الأصوات من المواطنين. وستبقى هذه الوجوه التي خرجت من صلب النظام تتجمل بقناع جديد اسمه المعارضة حتى لواستعملوا العنف لفرض ذاتهم دون مراعاة لمصلحة البلد والعباد. العقلاء والمحنكين في السياسية هم في الخفاء لأنالمتطفلين على السياسة لم يتركوا لهم مكانا. والكل يظن ان الرئاسة في متناول الجميع.

  • عبد الرحمان

    عجبا يختفي المترشح ويظهر مدير حملته الانتخابية و يخوف الناس بما جرى في مصر عوض ان يدعوهم للتعقل و تجنب ما يخرب البلاد كم كنت احترمك لكن للاسف

  • نذير ـ زربية الوادي

    عجيب أمر بعض الجزائريين الذين لا يفقهون تاريخ الجزائر وعجيب أمر المتجالهين للواقع الذي عاشته الجزائر من بداية تسعينيات القرن العشرين الى يومنا هذا وعجيب لأمر الإنتهازيين الذين يتحينون فرص الأزمات التي تمر بها البلاد ليركبوها من أجل الوصول الى الكرسي وهو سبب كل الأزمات التي مرت بها البلاد وها هي الإنتخاببات الرئاسية ليوم 17 أبريل 2014 تثير بعض من الجزائريين الذين يظنون أن الجزائر هي ساحة أودان ...فمن حقهم التعبير عن آرائهم ولكن طبقا لقوانين الجمهورية حفاظا على الجزائر الت لا اصبحت لا تتحمل .

  • بدون اسم

    إني أتعجب من هؤلاء اليساريين الذين كانوا ينادون ذات يوم بمعاقبة الشعب هندما لم يخترهم في انتخابات 91 الملغاة؟ كيف يتحولون اليوم إلى مدافعين عن الحرية و الديمقراطية و يتباكون على الشعب؟ إذا الشعب ساندهم و مشى في طريقهم يكون من أغبى شعوب العالم؟ لأنه سيمشي إلى حتفه بظلفه كما يقال؟

  • طرايش

    في عهده الأول، والا كنا كمن ينفخ في الريح.

    المشكلة في الجزائر أن الانتخابات أصبحت هدفا في حد ذاته، تبذل من أجلها كل الجهود. و ماهي في الحقيقة الا آداة لاختيار البرامج الصلحة النافعة للمجتمع.
    فرأيي أن تحل المشاكل من جذورها، و اعادة التفكير في كل شيء.
    و المشكل الأول في الجزائر هو مشكل أخلاقي.
    و شكرا.

  • طرايش

    رأيي يا أستاذ سليمان، أن يكون التغيير في الجزائر، يجب أن يكون بطريقة سلسة، و يشارك فيه كل فرد من أفراد الأمة.
    المطلوب أولا هو اصلاح الذات، مصداقا لقوله تعالى "ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، و يا حبذا لو ينتهج الأسلوب الذي انتهجته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بقيادة الشيخين، عبد الحميد ابن باديس و محمد البشير الإبراهيمي، و الذي كان يرمي الى التربية و التعليم الاسلاميين و بث الأخلاق في المجتمع الجزائري.
    فشئنا أم أبينا، لن نتقدم بغير أخلقة المجتمع و الرجوع الى الإسلام

  • قيس

    مقال فيه بعد نظر وتحليل سليم .....اكثر ما يعجبني فيك ؛عقلك الحصيف وقلمك النظيف ولسانك العفيف أتشرف بالتواصل معك.

  • سليمان بخليلي

    عذرا رقم 3
    المقام لا يتسع هنا لإلقاء محاضرة في الفرق بين التحليل الصحفي والموقف الشخصي ، ولا أعتقد أن جريدة محترمة تسخر صفحاتها للناس للترويج لمواقفهم سواء بقصد التأثير على الرأي العام أو بدونه .

  • بدون اسم

    تحليل لواحد جاء سائحا للجزائر
    نريد أن نعرف أيها السائح المثقف أنت ما هو لونك
    أو أنت من الذين ينتظرون انتهاء المعركة و تتخذ موقف
    بمعنى أنك تأكلها طايبة على الكوك كما يقال بالعامية

  • بدون اسم

    تحليل و تفسير و تعليل محايد لا تهمه القضية ...

  • رسالة الى

    تظنون كل مرة في كل بلاد انكم استثناء و لن يحصل لكم ما حصل لغيركم و ان خروجكم سلمي و ان و ان.. ستنفجر الاوضاع دائما في اي بلاد من العالم حتى غير المسلمين الثورة لاتأتي بخير لكن الظاهر كل ما حولكم و في بلادكم من قبل من خراب لم يزدكم الا ضلالة و تظنون انفسكم اعقل الناس و نخبة المجتمع و انكم ترون ما لا نراه، الظاهر اننا في زمان الفتن التي امرنا فيها النبي صلى الله عليه و سلم بقصد الجبال بعيدا عن المدن و ترك اهلها يقتلون بعضهم بعضا لانهم سكارى و مطموسي الاعين