-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
اللهَ اللهَ في شباب هذا البلد!

لماذا يلجأ شبابنا إلى العنف في التعبير عن اليأس والإحباط؟!

سلطان بركاني
  • 17801
  • 0
لماذا يلجأ شبابنا إلى العنف في التعبير عن اليأس والإحباط؟!
الأرشيف
الشّباب يعانون من الواقع الذي يعيشونه فيلجأون إلى العنف

كثيرا ما يجنح الشّباب إلى التّعبير عن يأسهم وإحباطهم وسخطهم على الواقع الذي يعيشونه بمواقف وتصرّفات متهوّرة لا يقدّرون عواقبها، حين يلجأون إلى حرق وتخريب المرافق والممتلكات العامّة والخاصّة، فإذا ما سئلوا عن سبب لجوئهم إلى الفساد لتبليغ رسائلهم، قالوا إنّ هذه هي اللّغة الوحيدة التي يفهمها المسؤولون، وهي الحلّ الوحيد للفت انتباههم وإجبارهم على سماع مطالب الشّعب المطحون.

ما يقوم به هؤلاء الشّباب ليس مقبولا ولا يمكن تبريره بأيّ حال من الأحوال، لأنّ الغاية لا تبرّر الوسيلة، لكنّ الحقّ يقال إنّ اللّوم الأكبر يقع على المسؤولين الذين أوصدوا أبوابهم في وجوه شباب يبحثون عن أبسط ضروريات الحياة، ويتطلّعون إلى أيد حانية تُربت على أكتافهم وكلمات صادقة تبعث الأمل في نفوسهم، وإجراءات في الواقع تُشعرهم بأنّ لهم نصيبا في خيرات هذا البلد، وليس إلى خطابات تُلقى ووعود تبذل في المواعيد الانتخابية والمناسبات الوطنيّة، سرعان ما تذهب أدراج الرياح ولا يتحقّق منها شيء!

 

سياسة التأنيث التي قضت على أحلام شبابنا

لقد أصيب كثير من شبابنا باليأس والقنوط، وانحدر قطاع عريض منهم إلى أوحال الخمور والمخدّرات والشّهوات، وجنحوا إلى عالم الجرائم والموبقات، هروبا من واقع أورثهم الإحباط، بعد أن أوصدت في وجوههم كلّ الأبواب، وسحبت من بين أيديهم كلّ الفرص، وأصبح الظّفر بمنصب عمل يمنح الواحدَ منهم الأمل في الزواج وبناء أسرة مستقرة، حلما صعب المنال، في ظلّ سياسة التّأنيث التي انتهجتها الجهات المسؤولة عن سبق إصرار وترصّد، إرضاءً لجهات خارجية لا تهمّها مصلحة البلاد ولا العباد، ونزولا عند رغبات جمعيات نسائية لا همّ لها إلاّ أن تحقّق أهدافا إيديولوجية، وتنفّس عقدا مستحكمة ضدّ عناصر الهوية.

لم يتوقّف الأمر عند حدّ استحواذ النّساء على أكثر من 75% من المناصب في قطاع التّعليم، و70% في قطاع الصحة وقطاع الصّحافة المكتوبة، وأكثر من 65% في قطاع السّمعيّ البصريّ، وبعد أن أصبحت النّساء يمثّلن أكثر من 65% من المستفيدين من القروض وعقود ما قبل التشغيل. لم يتوقّف الأمر عند هذا الحدّ حتى بدأ الزّحف على قطاعات كانت إلى وقت قريب حكرا على الرّجال، كقطاع الأمن والجمارك والحماية المدنية، أمّا القشّة التي قصمت ظهور الشّباب، وجعلتهم يضربون أخماسا بأسداس، فهي زحف النّساء على وظائف لم يكن أحد يتوقّع أن يصل إليها الجنس اللّطيف، لأنّها تتعلّق بتخصّصات يمثّل الشّباب أكثر من 90% من دارسيها في الثّانويات والجامعات.

لا حديث للشّباب في المقاهي وعلى صفحات التواصل الاجتماعيّ، بل وفي أروقة الجامعات، إلا عن زحف الجنس اللّطيف على سوق العمل، واستحواذ النّساء على أغلب الوظائف في أغلب القطاعات، حتى أصبح قصارى همّ كثير من الشّباب أن يظفر الواحد منهم بامرأة عاملة تتزوّجه وتنفق عليه، مع ما يتبع ذلك من تنازل عن الرّجولة وضياع للقوامة، وتجرّع لغصص المذلّة والمهانة، مع زوجة لا تفتأ تمنّ على زوجها بمالها، وربّما تهدّده بالخلع بُكرة وعشيا، ولا غرابة بعد هذا أن تشير بعض الإحصاءات إلى أنّه يتمّ خلع رجل كلّ 12 دقيقة في الوطن العربيّ.

لقد سمعنا عن شباب أصبح قصارى همّ الواحد أن يظفر بعقد استخلاف لموظّفة خرجت في عطلة أمومة، وسمعنا عن شباب يتكفّفون شقيقاتهم كلّ صباح للظّفر بمصروف الجيب، ويريق الواحد منهم ماء وجهه لأجل أن يأخذ من أخته مفتاح سيارتها! وسمعنا عن شباب يلوم الواحد منهم أمّه مازحا عندما تتحسّر على تطاول سنين البطالة بعد تخرّجه، يلوم أمّه قائلا: “لو أنجبتِني فتاة لكنت حصلت على وظيفة بعد التخرّج مباشرة”!

 

المحاباة والرّشوة واشتراط الخبرة المهنية.. عقبات أخرى

ليست حملة التأنيث هي العقبة الوحيدة التي وضعت في طريق شبابنا، فهناك عقبة الخدمة الوطنية الإجبارية، وعقبة الخبرة المهنية التي تشترطها كثير من المصالح والمؤسسات، أمّا الرّشوة والمحاباة والحاجة إلى تدخّل وسائط من الوزن الثّقيل، فهي الثلاثي الذي أسال العرق البارد لخرّيجي الجامعات وأصحاب المؤهّلات، فضلا عن غيرهم.

عقبات اجتمعت مع ضعف الإيمان والوازع الدّيني، لتلقي بشابنا بعيدا عن عالم الجدّ، إلى كراسي المدرّجات في الملاعب، وطاولات اللّعب في المقاهي، ومخادع الخلوة في نوادي الإنترنت حيث المواقع الإباحية ومواقع الدّردشة والتّواصل غير المنضبط، وربّما إلى الزّوايا والأوكار المظلمة لتعاطي السّموم وممارسة الموبقات، لينتهي بهم الأمر في كثير من الأحيان إلى ولوج عالم الجرائم من أوسع أبوابه، والانتحار هو الملاذ الأخير في كثير من الحالات.

لقد أصيب كثير من شبابنا بالإحباط وفقدان الأمل، ولم يبق لهم من أمنية في ظلّ هذا الواقع إلا أن يحين دورهم لينالوا نصيبهم من الخيرات والبركات التي توزّع في نشرة الثّامنة، بل إنّ بعضهم يذهبون بعيدا في رحلة بحثٍ عن الكوكب الذي تتحدّث عنه وسائل الإعلام العمومية، ليكونوا من سكّانه.

لقد آن الأوان للمسؤولين الذين لا نشكّ في أنّ بينهم من تهمّه مصلحة البلد، وتهمّه مصلحة الشّباب، أن يراجعوا حساباتهم ويتّقوا الله في شباب هذا البلد، وينظروا إليه بعين الشّفقة والرّأفة، وآن الأوان للأئمّة والدّعاة والكتّاب والصّحفيين أن ينطقوا بهموم الشّباب ويضعوا اليد على الأسباب الحقيقية لجنوح كثير منهم إلى عوالم الخمور والمخدّرات والجريمة والموبقات. آن الأوان للإعلاميين أن يكفّوا عن النّظر إلى الشّباب على أنّهم سوق رائجة لجرائدهم ومجلاتهم وكتاباتهم، يشغلونهم بما يلهيهم عن معاناتهم بضروب من أخبار الرياضة والفنّ والغرائب والعجائب.

 

أيها الشّباب.. لا يأس مع الله ولا حياة مع اليأس

ليس المقصود من الكلام السّابق تبرير جنوح كثير من الشّباب إلى الانحراف، ففساد الواقع ليس مبررا للهروب من المواجهة إلى عوالم الخمور والمخدّرات التي لن يجد فيها الشّباب حلولا لمشاكلهم، بل مزيدا من المعاناة التي تقودهم إلى خسارة الدّنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.

الشباب إن لم يرحمهم المسؤولون، ولم ينطق بهمومهم الأئمّة والكتّاب والصحفيون، فلا يجوز لهم أبدا أن ينسوا من بيده خزائن السّماوات والأرض، فهو سبحانه ملاذ المضطرّين وسلوى المحزونين ((ففرّوا إلى الله)).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!