-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تونس وحدة شعب وتعدد الاتجاهات

متى تصبح الإيدولوجيا في صالح الوحدة؟

صالح عوض
  • 6765
  • 0
متى  تصبح  الإيدولوجيا  في  صالح  الوحدة؟

ما يجري في تونس من تداخل الأجزاء الفكرية والسياسية في الكل الوطني في حركته الدؤوبة خلال أكثر من شهر يعبر عن روعة الأداء الثوري بشكل غير مسبوق في كل ثورات العالم حتى الآن.. ويعتبر هذا ضمانة كبيرة من ضمانات قوة الدفع لاستمرار المسير نحو انجاز الأهداف الكبيرة للثورة المتمثلة في العدالة والكرامة والحرية .رغم هذا الرائع في ثورة الشعب التونسي، إلا أنه من الضروري الالتفات قليلا إلى المكون السياسي للخريطة السياسية التونسية والإشارة الى أداءاتها في ثورة الشعب، وذلك لإظهار أي نضج ساد في الشارع التونسي بكل أطيافه الاجتماعية والسياسية والثقافية.

  • في خضم حركة الشارع يمكن النظر إلى تيارين رئيسيين على المستوى الحزبي الإيديولوجي؛ التيار اليساري بتنوعاته والتيار الإسلامي بقيادة النهضة وبينهما التيار الوطني الليبرالي.. وعلى مستوى آخر قاعدة المجتمع المتمثلة في النقابات التي تغطي قطاعات الحيوية الاجتماعية للعمال  والطلبة  والمحاميين  والصحفيين  والأطباء  والقضاة  والمعلمين  وغيرها  من  النقابات  المنتشرة  بنضج  في  المجتمع  التونسي .
    هنا لابد ان نسرع في التأكيد على أن النظام التونسي لم يستطع أن يسقط مصداقية القوى السياسية الإيديولوجية التي ظلت متمترسة في مواقفها المبدئية حول مطالبها في الحرية والعدالة والكرامة والتعددية السياسية، وتعرضت الأحزاب اليسارية والإسلامية إلى أبشع حالات الملاحقة والتعذيب، كما همشت الشخصيات والفعاليات الوطنية التاريخية، ولم يبق في الساحة إلا الحزب الدستوري متحكما في كل دواليب الدولة، بل أصبحت الدولة كلها ملكا للحزب الدستوري وعصابة الحكم، وعلى هامشه قوى هزيلة بأحزاب لا وزن لها، هذا في ظل مطاردة الثقافة والمثقفين والمسألة  الفكرية  عامة،  حيث  المصادرات  والخنق  للحريات  العامة  الفكرية  والثقافية .
    وتعرضت تلك القوى السياسية إلى حالات من الضغط والتهجير والقتل في السجون والملاحقة في المجتمع، إلى درجة أصبح جهدها على صعيد الداخل التونسي شبه معدوم واضطر قادتها وكوادرها إلى الهجرة خارج البلاد في ظل ظروف قاتلة.. إلا أنها بقيت صامدة على ثوابتها الأمر الذي أكسبها  مصداقية  وان  نزع  منها  الحضور  العلني  في  الشارع .
    في ظل غياب أحزاب المعارضة تقدمت النقابات لتملأ الشاغر من المكان، ورغم أنها لم تنخرط في العمل السياسي الفاقع، إلا أنها ظلت أمينة على مصالح القطاعات التي تمثلها ومارست في داخلها عملية ديمقراطية واسعة دفعت إلى المقدمة جيلا من القادة النقابيين المتمرسين في العمل  الاجتماعي ..  واستطاعت  النقابات  أن  توجد  مساحة  خاصة  بها  لا  تخضع  إلى  توجيهات  السلطة  مباشرة  وكان  انحيازها  كاملا لمصالح  من  تمثل ..
    الآن عادت القوى المهاجرة الى الداخل وخرجت قوى أخرى من حالة التعتيم إلى العمل العلني وسيشهد القادم من الأيام شيئا من الحراك التنافسي على صعيد كسب الأنصار ونشر الأفكار واحتلال المواقع الاجتماعية والسياسية.. وهذا مايفسر التجمع الذي قاده اليساريون والقوى الديمقراطية وتوجيهها رسائل للشريك الوطني المتمثل في التيار الاسلامي والمرشح إلى انتشار واسع بعد أن أفرج عن مئات من معتقليه وعادت قياداته التاريخية من المنفى.. إلا أن النضج والمسؤولية التي يتسم بهما الخطاب الإسلامي، يعني أننا ازاء علاقات محترمة بين شركاء العملية  السياسية ..  وهذا  ضمان  رئيسي  لاستمرار  الثورة  وبناء  مجتمع  ودولة  عصريين  متقدمين .
     
     
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!