-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

معادلة العرض و..”الطب”

معادلة العرض و..”الطب”

تفصلنا ساعات فقط عن ظهور نتائج بكالوريا 2023، لتبدأ رحلة اختيار شُعب الدراسة الجامعية، من أجل اختيار مهنة المستقبل، وبالرغم من ظهور تحديات جديدة في الجزائر، بسبب التغيرات العالمية ومنها المعارك الاقتصادية والمالية والمناخية والمنجمية والمائية، التي قد تقود قاطرة النمو الجزائري في المستقبل القريب، إلا أن الجامعة مازالت تتعامل مع الطلبة بعقلية الجامعات “الاشتراكية” التي كانت قائمة منذ نصف قرن، مع الاهتمام بتوفير الإطعام والسكن والنقل بشكل شبه مجاني، وتسيير جحافل الطلبة الذين قارب تعدادهم المليونين، ومازال الطلبة وأولياؤُهم يختصرون العلم في طب وهندسة تمنح العائلة الفخر والاعتزاز، والابنَ مناورة مستقبلية بين افتتاح عيادة خاصة أو مكتب دراسات، أو الهجرة المريحة إلى الخارج.
يتجلى هذا في ما أقدمت عليه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، في تحديد المعدلات الدنيا للالتحاق بالعديد من التخصصات التي كانت ومازالت مطلوبة ومنها الطب، إذ لا يقل المعدل الموزون لأجل كسب صفة طالب طب أو جراحة أسنان أو صيدلة عن 15 من عشرين، والحقيقة أن وزارة التعليم العالي ما كانت لتبقى رهينة ضغط معاهد الطب، لولا الزحف الطلابي على طلب المئزر الأبيض، الذي يزداد من موسم إلى آخر.
تعرف الجزائر في السنوات الأخيرة، ظهور كنوز جديدة وثمينة بإمكانها أن تقود قاطرة التنمية، مثل تحلية مياه البحر والعمل المنجمي في الحديد والذهب والفوسفات والطاقات المتجددة وتصنيع السيارات والسياحة وعلوم البحر وتهيئة الساحل… ومع ذلك لا نرى اهتماما مركّزا، أو على الأقل، علنيا، بمثل هذه الفروع التي ستمنح البلاد ولمن يشارك في معاركها الثروة، ولولا المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي والمدرسة العليا للرياضيات والإعلام الآلي، والتي يشترط الالتحاق بها معدلا يفوق 16 من عشرين، لبصمنا بأن دار لقمان الجامعة بقيت وستبقى على حالها، من زمن الثورة الزراعية وأغاني الراحل درياسة، إلى زمن تحدي تحقيق الأمن الغذائي والتصحيح المالي والاقتصادي.
خلال الموسم الجامعي المنقضي، قامت الكثير من الجامعات والمؤسسات الاقتصادية بإبرام اتفاقيات شراكة من أجل ربط العلم بالعمل، ولكنها في غالبيتها سجنت نفسها في نظريات إما غير قابلة للتطبيق، أو أنها في غير محلها، فمازالت البيطرة مثلا بالرغم من أنها تمنح لصاحبها الدكتوراه، دون بعض الشُّعب التي ربما لا يحتاجها المجتمع الجزائري، ومازالت الفلاحة آخر اهتمامات المتفوقين في شهادة البكالوريا، بينما لم تقم الجامعات إلى حد الآن بالإشهار للتخصصات المرتبطة بالمشاريع الكبرى في الجزائر مثل تحلية مياه البحر وزراعة عبَّاد الشمس وقصب السكر والأرز، أو المدرسة العليا للفلاحة الصحراوية في وادي سوف وأدرار التي يمكن الانضمام إليهما بمعدل، لا يزيد عن 11 من عشرين بالرغم من أنها مصدرٌ للذهب الأخضر، الذي هو أهم أنواع الذهب على الإطلاق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!