-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

منتدياتُ العار في الإمارات والمغرب

حسين لقرع
  • 3492
  • 0
منتدياتُ العار في الإمارات والمغرب

بينما تدشّن حكومة نتنياهو العنصريةُ الفاشية عهدتها الجديدة بتكثيف الهجمات اليومية ضدّ الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس، وتتفنّن في قتلهم، واعتقال شبابهم، وهدم بيوتهم، وقطع أشجارهم، ويقوم الوزير المتطرّف إيتمار بن غفير باقتحام المسجد الأقصى المبارك ويُصدر أوامره بالتشديد على الأسرى الفلسطينيين وحرمانهم حتى من حقّهم في العلاج، في هذا الوقت تستقبل الإماراتُ العربية المتحدة وفدا من وزارة الخارجية الصهيونية ومسؤولين من الدول العربية المطبّعة مع الاحتلال قصد تنسيق المواقف بشأن “منتدى النقب” الذي تستعدّ المغربُ لاحتضان النسخة الثانية منه في مارس المقبل على الأرجح، بمشاركة وزراء خارجية الكيان والإمارات والبحرين ومصر والمغرب وبرعايةٍ أمريكية كما حدث في منتدى النقب في مارس 2022. ودرس المشاركون خلال يومين ملفاتٍ تمهيدية عديدة تتعلق بالصّحة والأمن الإقليمي والماء والغذاء والسياحة والطاقة، وحتى “التربية والتسامح”!

وبإلقاء نظرةٍ بسيطة على هذه المَحاور، يمكن لأيّ متابعٍ أن يستنتج بأنّ الاحتلال قد أحكم الطوق على دول الانبطاح هذه المرة، مستفيدا من تجربة التطبيع السطحي مع موريتانيا، التي أنهتها نواقشط بسهولة في جانفي 2009 احتجاجا على العدوان الصهيوني على غزة آنذاك. اليوم يحرص الاحتلالُ على ربط دول التطبيع الجديدة بمشاريع في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية وحتى التربوية لترسيخ التطبيع وتسويقه شعبيّا أيضا، حتى لا يسهُلَ على أيّ دولة عربية التراجعُ عنه في السنوات القادمة تحت وطأة الشعور بالذنب أو الحرج إزاء أيِّ مذابح سيرتكبها الاحتلالُ ضدّ الفلسطينيين، وإن كُنّا نستبعد أيَّ صحوة ضمير من هؤلاء الحكّام الذين فقدوا كلّ ذرّة من الشعور بالخجل والأنَفة والنخوة ولم يعودوا يرون ضيرا في الاجتماع مع سفاحي الاحتلال في أيّ وقتٍ وتحت أيّ ظرف، ما يعني أنهم حسموا خيارَهم نهائيا وقرّروا التخندق في صفّ الاحتلال والتعاون معه في المجالات كافة، من دون أدنى اكتراثٍ بمعاناة الفلسطينيين أو العبث بمقدّسات 1.7 مليار مسلم.

والمفارقة أنّ دائرة مقاطعة الاحتلال بدأت تتّسع في شتى دول العالم، وفي كلّ يوم يظهر شرفاء وأحرارٌ في دول الغرب نفسها يدعون إلى مقاطعة بضائع الكيان وفضح جرائمه في فلسطين والتنديد بها، وينتقدون بلدانهم على سكوتها وازدواجية معاييرها بين فلسطين وأوكرانيا، في حين يسارع عربُ الخيانة والردّة والهوان إلى مدّ طوق النجاة للحكومة العنصرية الفاشية التي لا يُخفي بعضُ وزرائها، كرهَهم للإسلام ووصفه بـ”دين الإرهاب” ومقتَهم للعرب والفلسطينيين، ولا يتورّعون عن فكّ العزلة عنها، والاجتماع بقادتها، ما يعني ببساطة أنهم يمنحونَ ضمنيّا حكومةَ الأبارتايد الضوءَ الأخضر لمواصلة جرائمها بحق الفلسطينيين.

بقي أن نشكر الأردن على موقفها الرافض لحضور منتديات الخيانة والعار، سواء في النقب الفلسطينية في مارس 2022، أو الآن في الاجتماعات التحضيرية بالإمارات ولاحقًا في مملكة “رئيس لجنة القدس”. ويبدو أنّ الأردن قد استخلصت الدرس من تجربة تطبيعها مع الاحتلال في 1994، من دون أن يحقّق لها ذلك أيَّ رخاءٍ اقتصاديٍّ ولا لمصر التي طبَّعت قبلها في 1979 وهي تختنق الآن اقتصاديًّا وبلغت ديونُها الخارجية 157 مليار دولار ونسبةُ الفقر في صفوف مواطنيها 70 بالمائة، وهو درسٌ للمغرب والسودان وكلّ من يتحدّث عن رخاء اقتصاديّ وشيك سيجلبه التعاونُ مع الاحتلال. إذا كانت الأردن تطبّع منذ 1994 ومع ذلك تُطرح الآن “وطناً بديلًا” للفلسطينيين الذين يريد بن غفير وسموتريتش تهجيرهم إلى هناك، فهل يطمع باقي المهرولين في أن يُخلص لهم الاحتلال المودّة؟!

الحقائقُ واضحةٌ للجميع ولكن يبدو أنّ على قلوبٍ أقفالَها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!