من أجل بطن وطني!
الحملة من أجل “تشجيع استهلاك الإنتاج الجزائري”، لكثرة ما فيها من جدية مضحكة، فيها من الضحك الجدي! فاختيار نمط استهلاك، يتطلب أساسا تعدد الاختيارات! لكن وفي غياب الاختيارات، ماذا يمكن لك أن تختار إلا ما يختاره لك السوق الذي هو الآخر غير مخير، بل “مسير” من طرف من لا خيار لهم (ولا سلاطة)، إلا بصل الاستيراد!
من هذا المنطق، نشعر بأن الحملة، لما فيها من حسن نية وغيرة على الإنتاج الوطني ودفع نحو تشجيعه من خلال استهلاك وطني، فإن الديماغوجيا هي الأسمنت المحلي الذي يبدو على “سيماهم“. فالكل يعلم ما مدى محدودية السوق الوطنية من حيث الإنتاج، ليعلم أن دفع المستهلك إلى اختيار الإنتاج الوطني في ظل هذا الحاضر “المحلي المستورد“، إنما هو أضحوكة ونكتة محلية خالصة، الوحيدة التي يمكن استهلاكها والادعاء حقيقة لا زورا ولا نفاقا بأننا “استهلكنا شيئا مصنوعا محليا“. يضاف إلى ذلك أن هذه الديماغوجيا، إنما هي منتوج لفوبيا الجفاف النفطي ولأموال الخزينة من العملة! وعليه لجأنا إلى أساليب التقشف و“ترشيد الإنفاق” واستهلاك المحلي وهو غير موجود على أنه موجود! أليست هذه مفارقة؟
نمت لأجد نفسي أدخل الدكان الوحيد القريب من بيتي، وأنا متحمس لمقاطعة كل ما هو خارجي ومصمم على شراء إلا ما هو إنتاج جزائري! أول ما قمت به هو بيع سيارتي القديمة (السبب واضح). ثم نزعت الحذاء الإيطالي ولبست “شنقلة” بلاستيك ممزقة. وأردت الخروج إلى الحانوت! غير أني عدت من الطريق: السروال من تركيا! أقلع علي الزبل! عدت ولبست عباية، ثم تذكرت! العباءة أندنوسية! عندي أخرى، لبستها ثم نزعتها: هذه مغربية. الحاصل بحثت، فلم أجد غير عباءة زوجتي التي تشبه عباءة رجالية خاطتها لها جارة قبل 40 سنة من كتان سونيتكس! حلستها! أوف الحمد لله! كنت سأخرج عاريا! في الحانوت، لم أجد شيئا محليا يباع: التفاح، الكيوي، البنان: قلت للبائع: البنان نتاع الجزائر؟ (جا في خاطري!) ضحك وقال لي: “إذا الإكوادور ولاية جزائرية بالاك!” الحاصل لم أجد شيئا مصنوعا ولا خارجا من أرض الجزائر. قال لي: الحاج أنا نبيع غير “لامبورطاصيون“. قلت له: وعلاه ما تبيعش “ليكصبورطاصيون“؟ ضحك وقال لي: واش نبيع؟ نروح نرقد خير لي، ما كان ما تبيع! شوية خضرة وكملت! باقي غير البصل بـ 20 ألف. قلت له: وأنت وين مزيود؟ قال لي: في وجدة! قلت له: أعطيني حبة بصل. قال لي: بصح نتاع المغرب! قلت له: معناه كل ما في الحانوت “أمبورطاصيون“؟ حتى أنت؟
وأفيق وأنا أقول لزوجتي: ناكل التراب؟ باقي غير التراب اللي محلي!