-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مهاجمة الشخص الخطأ

عمار يزلي
  • 1437
  • 0
مهاجمة الشخص الخطأ

عندما يتحدث بقوة وزير الخارجية الروسي عن ضغوط تتعرض لها الجزائر فيما يتعلق بتنويع تعاملاتها ومحاولات إرغامها على الخضوع لقانون “غاستا”، وترفض الانصياع للعقوبات “غير الأممية” على روسيا، وتمضي قدما في نهج التعاون الثنائي الإستراتيجي بين روسيا الاتحادية والجزائر، وبين الجزائر والصين، وبين الجزائر وباقي الدول الغربية والأمريكيتين، فإنّ ما قاله “لافروف”، هو نفس ما قاله رئيس الجمهورية شخصيا في لقائه الأخيرة مع ممثلي الصحافة الوطنية عندما أكد أن الجزائر تتعامل مع الجميع باعتبارهم أصدقاء إلا من أبى، وأنه لا أحد يفرض علينا أو يملي علينا طرق تنميتنا وسياستنا الداخلية التنموية وعلاقاتنا الخارجية.

على هذا الأساس يقول لافروف في تصريح لقناه “أر تي” الروسية الناطقة بالعربية: “من الخطأ ممارسة ضغوط غربية على الجزائر، فالجزائر ليست الدولة التي يمكن أن تُملى عليها التوجيهات”. لدينا مقولة شعبية تقول “لقد هاجمتم الشخص الخطأ”. بهذا، يكون لافروف قد أكد ما قاله رئيس الجمهورية بشأن الضغوط التي تواجهها الجزائر، التي خطّت لنفسها طريقا سياديا لا يعادي أحدا ولا يقاطع أحدا إلا من اعتدى وظلم، إذ أن هناك دولتين فقط في العالم لا توجد علاقاتٌ سياسية معهما، إما مقطوعة أصلا أو بشكل طارئ: الكيان الإسرائيلي والمغرب، والسبب الرئيس هو احتلالهما لدولتين وشعبين عربيين مسلمين، وليس عداء ضد اليهود ولا استعداء للشعب المغربي الشقيق.

في هذا الصدد، تقول مجلة “إيكونومست” إن الجزائر باتت تستعرض عضلاتها السياسية والاقتصادية، منذ سنتين على الأقل، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية بسبب زيادة الإقبال على الغاز الجزائري، ودور الجزائر الإقليمي المؤثر المتنوع والشامل في القارة الإفريقية وفي العالم العربي والإسلامي والفضاء المغاربي والمتوسطي، وإن فرنسا المتقربة من الجزائر أكثر فأكثر والمبتعدة شيئا فشيئا عن حليفها التقليدي “المغرب” بسبب ضعف المملكة والابتزاز والتجسس حتى على هاتف الرئيس ماكرون، كل هذا دفع بكثير من الدول الأوربية إلى الميل باتجاه التعامل مع القوة الإقليمية الجديدة على حساب المغرب.

عودة الجزائر القوية اقتصاديا وسياسيا، يعكسه طموح الجزائر لاستعادة دورها الريادي والقيادي في القارة الإفريقية والجامعة العربية ومجلس التعاون الإسلامي والفضاء المتوسطي. الحديث عن تسارع إنجاز أنبوب الغاز “نيجيريا الجزائر”، ومختلف المشاريع للتواصل الإفريقي التجاري والاتصالي من خلال ربط إفريقيا بشبكة الكهرباء والإنترنت عالي التدفُّق وفتح الطرق العابرة للقارَّة وتشجيع الاستثمارات والتبادل بين الدول الإفريقية وتطوير البنية التحتية، ينمُّ عن مشروع الجزائر الكبير في توحيد القارة وتوحيد العرب والمسلمين من أجل مصلحة بلدانهم عبر التنمية المستدامة وتطوير المنشآت والمؤسَّسات واستغلال الأراضي الزراعية وتطويرها تكنولوجيًّا، مما يسمع باستقلالية اقتصادية وسياسية تُبعد هذه الدول عن شبح المديونية، إذ أننا كنا أول من محا ديون 14 دولة إفريقية، ومنع التدخلات الأجنبية. كما من شأن ذلك، القضاء على الحروب والعنف والحركات الإرهابية والتطرف التي تتغذى على فقر التنمية.

تجربة الجزائر في مجال تطوير وتنويع الزراعة والاقتصاد وتطوير البنية التحية لاحتواء التجديد التنموي، يمكن أن تعممها كتجربة رائدة في الآجال القريبة.

يُتوقع أنه في سنة 2030، نكون في حدود 52 مليون ساكن، ولكننا سيكون أيضا بمقدورنا تصدير نحو 30 مليار دولار من خارج المحروقات، بما يعني أن قيمة الدينار سترتفع بشكل ملحوظ وأن حجم الاستثمارات سيتزايد كل سنة، وهذه كلُّها مؤشراتٌ على نجاح التجربة منذ بدايتها، رغم صعوبات ذلك وما يميزها من عراقيل وعقبات عبر مقاومات لوبيهات التخزين والمضاربة والترويج الدعائي المغرض.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!