-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا فقط ما أغضب الإمارات في غزة!

حسين لقرع
  • 3406
  • 0
هذا فقط ما أغضب الإمارات في غزة!

كشفت قناة “آي 24 نيوز” العبرية، أنّ السلطات الإماراتية قد أوقفت “التنسيق الديبلوماسي” مع نظيرتها الصهيونية، احتجاجا على اغتيال عمال الإغاثة السبعة التابعين لـ”المطبخ المركزي العالمي”، ومنهم أربعة أجانب يحملون جنسيات غربية، ووبخت الإمارات السفير الصهيوني بأبو ظبي، أمير حايك، وأبلغته بـ”غضبها الشديد” إزاء عملية الاغتيال، في حين وصف السفير الإماراتي بتل أبيب، محمد آل خاجة، الوضع الحالي بأنه “الأسوأ في العلاقات بين البلدين”!

منذ ثلاثة أيام فقط، دخلت حرب الإبادة في غزة شهرها السابع، وخلالها ارتكب الاحتلال الصهيوني المئات من المجازر التي ذهب ضحيتها، إلى حدّ الساعة، أزيد من 41 ألف فلسطيني، باحتساب العالقين تحت أنقاض بيوتهم التي دمّرها الاحتلال فوق رؤوسهم، كما خلّفت الحرب قرابة 76 ألف جريح، ومليوني نازح، ودمارا مهولا بالبنية التحتية لم يسبق له مثيل في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، فضلا عن التجويع الممنهج لـ2.3 مليون فلسطيني بهدف تهجيرهم إلى مصر، وقد جاءت عملية استهداف عمال الإغاثة الأجانب في هذا السياق لحرمان الفلسطينيين من أيّ مورد للمساعدات الإنسانية، لكنّ ذلك كله لم تره الإمارات، ورأت فقط اغتيال متطوعي الإغاثة الأجانب!

نحن لا نهوّن من شأن الجريمة الصهيونية التي طالت عمدا هؤلاء الأجانب، فهي جريمة مدانة، وتهدف إلى تنفير الجمعيات الخيرية العالمية ودفعها إلى الهروب من غزة وترك الفلسطينيين ينهشهم الجوع إلى أن يقبلوا بالهجرة إلى سيناء وترك وطنهم للمستوطنين، كما أنّ هؤلاء الأجانب قد خاطروا بحياتهم من أجل جلب بعض الطعام لعدد من إخواننا الفلسطينيين المحاصرين المجوّعين، وهذا عمل محمود ويستحق التقدير والثناء في زمن نشهد فيه خذلانا عربيا وإسلاميا واسعا لأهلنا في غزة، لكنّنا نرى في إثارة ضجّة كبيرة بشأن مقتلهم وحدهم في غزة، والمسارعة إلى إدانة الجريمة بشدّة، واستدعاء السفراء الصهاينة بعواصم الدول التي ينتمي إليها الرعايا الأجانب المستهدفين، نوعا من التمييز بينهم وبين الفلسطينيين، وإلا كيف يسكت العالم عن تدمير غزة عن بكرة أبيها، وقتل 41 ألف فلسطيني في مجازر وحشية، منهم 13 ألف طفل و9 آلاف امرأة، ولا يصدر بين الفينة والأخرى إلا إدانات خجولة مليئة بالعبارات “الناعمة” الموجّهة للاحتلال، في حين يقيم الدنيا ولا يقعدها من أجل اغتيال أربعة أجانب؟

وإذا كان الأمر مفهوما لدى الغرب الذي عوّدنا على نظرته الاستعلائية حينما يتعلّق الأمر برعاياه في الخارج، فإنّ ما فعلته الإمارات هو أمر لافت للانتباه وينمّ عن عقدة نقص ودونية مستحكمة؛ إذ كيف تسكت بدورها عن استشهاد هذا العدد المهول من “أشقائها” الفلسطينيين، ولا تغضب لهم، ولا توجّه للسفير الصهيوني بأبو ظبي أدنى توبيخ، ثم تفعل ذلك فقط حينما يغتال أربعة عمّال أجانب؟

في الأيام الأخيرة فقط، رأينا كيف تحوّل مسيّرات الاحتلال المدنيين الفلسطينيين إلى أشلاء، وكيف يطلق عليهم جنوده الرصاص ثم تقوم جرّافاته بدفنهم مع القمامات، ونقلت الكاميرات كيف يتفنّن بعضهم في إطلاق النار مرارا على شاب فلسطيني يحمل لعائلته طعاما ألقته طائرة أمريكية من الجو ولا يتركه إلا جثة هامدة، وهناك صور كثيرة ستكشف عنها الأيام بعد أن تضع هذه الحرب الجهنّمية أوزارها… لكنّ هذه الجرائم كلّها لم تحرّك شعرة واحدة في رؤوس عرّابي “السلام الدافئ” مع الاحتلال، ولم تثر نقمتهم وسخطهم، ولم يوبّخوا السفير الصهيوني بشأنها، ولم تكن كافية لقطع العلاقات مع هذا الكيان النازي الوحشي الحاقد على الفلسطينيين، وكل ما حرّك حكام الإمارات وأغضبهم بشدّة، هو فقط قتل أربعة عمال إغاثة أجانب، مع تقديرنا لكلّ الأرواح البشرية التي تسقط ظلما وعدوانا بغض النظر عن جنسياتها ودياناتها وعرقياتها.

يقال إنّ حرب غزة هي الكاشفة الفاضحة؛ فقد كشفت وجه الاحتلال الفاشي الدموي، ووجه أمريكا الإجرامي الشريك في أعمال الإبادة، ووجه الغرب المنافق الذي يكيل بمكيالين فاضحين، وكشفت أيضا وجه بقيّة العرب العاجزين المتخاذلين الذين اكتفوا بالتفرج على غزة وهي تباد وتجوّع، وفضحت المطبّعين المتصهينين الخونة الذين آثروا التخندق صراحة مع الاحتلال ضدّ الفلسطينيين، وسارعوا إلى فكّ الحصار البحري اليمني عنه عبر فتح خط برّي ينقل إليه ما لذّ وطاب من الأغذية والمؤن، في وقت يموت فيه الفلسطينيون جوعا، ولو ألقى العدو على غزة قنابل نووية وأزالها من على وجه الأرض ما غيّر هؤلاء الأعراب الأذلّاء موقفهم منه مثقال ذرّة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!