-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الروائية اللبنانية رانيا محيو الخليلي:

هل كان يجدر بي أن أكتشف سرقتي وأسكت عنها؟

صالح عزوز
  • 4787
  • 0
هل كان يجدر بي أن أكتشف سرقتي وأسكت عنها؟

تتحدث الروائية، رانيا محيو الخليلي، عن السرقات الأدبية التي أصبحت تؤرق الكثير من الأدباء والمبدعين، حيث اختار الكثير من الكسالى النائمين في مجال الأدب، الصيد في عرق المبدعين الحقيقيين.

 يقال إن سرقة الأفكار أضر على الفرد من سرقة الأموال، وبما أنك عشت هذه التجربة كيف تتعايشين معها إلى حد الساعة؟

كتبت هذه العبارة ورددتها عدّة مرات في كل لحظة استذكرتُ فيها واقعة عشتها ولا أزال أعيشها ولم أتوقعها في حياتي. لم أستطع التعايش مع الموضوع على الرغم من مرور سبعة أشهر عليه، لأن الأمر تعدى السرقة الأدبية لمحاولات دؤوب لأذيتي، وبشتى الوسائل التي أصبح يعرفها المُتابع للقضية. كلما اقتربت القضية من خواتيمها افتعلوا قصة واهية دون إثباتات، وأجد نفسي في كل مرة أدحض أكاذيبهم بالدليل. وها قد انقضت سبعة أشهر على الواقعة بين أخذ وردّ.

لماذا سرقة الفكر أضر على النفس من سرقة الأموال؟

لأن سرقة الفكر هي دخول لأعماق الروح التي تخيّلت وعاشت الحالة الأدبية والفنية، الإنسان لا يتقبل سرقة عضو من جسده فكيف به أن يتقبّل سرقة عقله وفكره؟

ومن هذا المُنطلق، كان قانون المُلكية الفكرية الذي يحمي روح الأديب أو الفنان من أذى سرقتها المعنوي والنفسي.

بداية اكتشافي للسرقة عشتُ فترة صعبة نفسيا، انعكست عليّ صحيا، وفي أحد الأيام اقترب مني ابني وقال لي: لا نريدُ أن نخسرك بسبب ما حصل. فتنبهت لما أنا فيه واستجمعت قوتي.

أن تشعر بأنّ هناك من استغفلك ليسرق اختلاجاتك أمر فظيع، وبما أن القضاء عندنا غير معتاد على قضايا السرقة الأدبية، لأن قلة تتجرأ على رفعها، توجب علي البحث بنفسي واكتشاف أماكن السرقة وتفنيدها.الوسيلة التي استخدمتها لكشف مكامن السرقة، أني كنت أقرأ الرواية المُنتحلة ومجرد ما أجد نفسي بين سطورها أعود لروايتي لأني أعلم جيدًا أين كتبت ذلك وفي أي سياق وأي صفحة.

كيف ترين الإجراءات القانونية في التعامل مع هكذا قضايا، وخاصة أن بعض السرقات تطال ملكيات لها الحماية القانونية بالطرق المعروفة؟

كانت قضيتي الأولى من نوعها لدى النيابة العامة في بيروت. من مدة غير بعيدة حصلت سرقة أدبية لكاتب صحفي وروائي لبناني معروف من قبل أحد رجال الدين، وعند ثبوت السرقة تدخلت دار النشر وأثبتت عدم تواطئها فعالجت الموضوع بالاعتذار من الكاتب وسحب النسخ من التداول وإتلافها، وبذلك لم تصل القضية للنيابة ومن بعدها المحكمة. لكن ما حصل معي، أن كلا من الناشر والكاتبة المنتحلة من لحظة إرسالنا الإنذار لهما وهما يحرصان على تحويل التهمة ضدي دون دليل، سعيا للإساءة إلي لتبرئة أنفسهما. ادعاءاتهم عدا عن كونها متناقضة، إلا أنها تفتقر لأي دليل قانوني لأخذها على محمل الجد. لا مانع عندهم من التلفيق والتزوير وتشويه صورتي في سبيل الفرار من العقاب. مؤخرا، أنكر الناشر علاقته بالسرقة بعد الاعتراف في التحقيق بحصولها، لكنه بالمقابل لم يتخذ أي إجراء على غرار الناشر الذي تحدثت عنه منذ قليل. هو لم يعتذر ولم يعلن توقفه عن نشرها وتوزيعها، لا بل سخر من فكرة الاعتذار وذهب أبعد من ذلك بالقيام بالتركيز على «تناص العنوان» لتحوير القضية ضدي. أما المنتحلة، فمصرة على أنها بريئة وأنها كاتبة فذة تعرضت لمظلومية وتوجهت بأسلوب عنصري لتثبيت مظلوميتها، لكونها من وطن عربي شقيق أقدره وأحترمه. كثير من علامات الاستفهام تُطرح حول الكثير من الحيثيات وحول ردود أفعال الناشر والكاتبة المُنتحلة، التي لم نجد لها منهما إجابة شافية. يسعيان للمماطلة وللرهان على الوقت لإقفال القضية.

بالأمس القريب، اكتُشِفت سرقة للوحات فنان روسي، والسارقة اتهمت الرسام الأصلي بسرقة الفن التكعيبي من بيكاسو، تخيّل حجم المهزلة التي نعيشها. فوق سرقتهم يتمادون بأذية المسروق.

السيدة المُنتحلة، لا تمتلك الحد الأدنى من مقومات الكتابة الأدبية ولا من الأخلاقيات الأدبية، للتعاطي مع الموضوع، تأخذ الأمر على محمل شخصي بيننا، وتسعى جاهدة للانتقام مني بأمور لا علاقة لها بالرواية موضوع النزاع، كالشكوى ضدي عن موضوع ما كتبته، أو فكرة تحدثت عنها، وتتهمني بأني أستخدم كلمات بذيئة لأني قلت عن سرقتها «وقحة». فظاعة القضية أني أتعاطى مع أشخاص بعيدين كل البعد عن أجواء الأدب والفكر والثقافة، ويريدون فرض أنفسهم بالقوة وبأساليب ملتوية.كيف بمقدورها أن تعيش كل حالة الإنكار هذه، وهي تعلم جيدًا ما فعلت؟

 ساهمت الوسائط الاجتماعية بكل أنواعها في توسع ظاهرة هذه السرقات الأدبية هل توافقين الطرح؟

هذه الوسائط الاجتماعية طلبت إقفال القضية بذريعة أني غير «معروفة» لرد اعتباري. فوقية وتعجرف بأبشع صورهما. وعلى الرغم من أنّ هذا المرجع نفسه «يعرفني»، ولكن أزعجه اعتزازي بنفسي بمراحل سابقة، كما آذاه تمكني من إيصال فكري وأدبي دون الانضمام إلى قطعيهم المهيمن. إنهم بعيدون عن مفهوم الأدب وقانون الملكية الفكرية الذي لا يوجد فيه تمييز ولا استثناء. كما أنه في القانون سرقة سوار من ذهب لا تختلف عن سرقة سوار من فضة، لأنّ واقعة السرقة مثبتة.

أمثاله من المحسوبين على الفكر والأدب والصحافة هم الذين أوصلونا لنعيش هذه المأساة وهذا الانحطاط الأدبي والفكري والثقافي. يهاجمونني ويحاربوني لأنني سُرقت وأطالب بحقي!

هل كان يجدر بي أن أكتشف سرقتي وأسكت عنها؟ أليس موقفهم هذا بداعم لكل السرقات السابقة واللاحقة؟

أن يكون في عالم الفكر محسوبيات ووسائط، أمر خطير جدا، ومهما كانت صعوبة الأمر وما سأتعرض له من أذى، قررت المواجهة. وباتخاذي قرار المواجهة القانوني، أنا لا أدافع عن حقي في روايتي فقط، وإنما أجعل كل دخيل على المشهدية الأدبية يحسب ألف حساب قبل تعديه على فكر وجهد الآخرين. وقد قال لي أحدهم، وهو يعلم الحيثيات التي حصلت فيها سرقة روايتي جيدًا: برد فعلك وتوجهك للقضاء أنقذتِ باقي رواياتك وروايات ومؤلفات أخرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!