-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل نفعكم “أميرُ المؤمنين” اليوم؟!

حسين لقرع
  • 5170
  • 2
هل نفعكم “أميرُ المؤمنين” اليوم؟!

لا شكّ أنّ هناك أسبابا عديدة، اقتصادية واجتماعية، ساهمت في انهيار حزب “العدالة والتنمية” الإسلامي المغربي في الانتخابات التشريعية التي جرت الأربعاء الماضي، وحلّ فيها ثامناً بـ13 مقعدا فقط مقابل الريادة في تشريعيات 2016 بـ125 مقعدا.

لكنّ السبب الرئيس لهذه الهزيمة المدوّية يظلّ سياسيًّا بامتياز، ويكمن في إقدام رئيسِ الحكومة ورئيس “العدالة والتنمية” سعد الدين العثماني على توقيع اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني في ديسمبر 2020، بدل أن يتّخذ الخطوة الصحيحة أنذاك؛ وهي التضحية بالحكومة، والعودة إلى المعارضة، ورفض هرولة المخزن وانبطاحه وتخلّيه عن القضية الفلسطينية.

انتهازيةُ “العدالة والتنمية” صدمت الشعبَ المغربي أنذاك؛ فهو حزبٌ إسلاميّ معروف بمواقفه المعارِضة للتطبيع، وطالما صرخ العثماني أمام حشود الجماهير بأنّه ضدّ الهرولة، والقضية الفلسطينية خطّ أحمر بالنسبة إليه ولن يفرّط فيها أبدا، وطالما ردّد حزبُه الإخواني عباراتٍ تدعو إلى تحرير فلسطين من النهر إلى البحر وطردِ الصهاينة من القدس والأقصى.. وصدّقته الجماهير ووثقت في مرجعيته الإسلامية ومنحته أصواتها في تشريعيات 2011 و2016.. ولكن حينما حصحص الحقّ وقرّر “أميرُ المؤمنين” و”رئيسُ لجنة القدس” الهرولةَ باتجاه الاحتلال ومقايضة فلسطين بالصحراء الغربية، تخلّى إسلاميو “العدالة والتنمية” الذين يقودون الحكومة ببساطة عن مواقفهم السابقة كلّها، وسقطت عنترياتُهم الفارغة، وقبِلوا هذه المقايضة الخاسرة، فتورّط الحزب في التطبيع وأصبح يبرِّره، ما أوقعه في تناقض واضح مع مبادئه الإسلامية، فانهارت شعبيتُه؛ لأنَّ الشعب المغربي المعروف –على غرار شقيقه الجزائري- بحرارتِه ودعمه غير المشروط للقضيّة الفلسطينية ورفضِه القاطع للتطبيع، لم يقبل الرَّبط الأهوج بين القضيتين، ولم يغفر للحزب الإسلامي الذي يقود الحكومة، هذه السَّقطة المدوِّية، ولم يتجرَّع عدم انسحابه منها ولا نفاقَه وخطابَه المزدوج الذي يزعم من خلاله إمكانية التطبيع والاستمرار في دعم القضيّة الفلسطينية في الوقت نفسه، ورأته مجرّد سفسطةٍ فارغة.. وما إن حلّ موعدُ الانتخابات التشريعية حتى عاقبه الشعبُ بشدّة من خلال الانفضاض عنه، والتصويت لغيره من الأحزاب، لينهار “العدالة والتنمية” فجأة، ويصبح من الأحزاب الصغيرة المعرَّضة للاندثار بعد أن كان يتسيّد المشهدَ الحزبي والسياسي طيلة 10 سنوات.

اليوم خسر الحزبُ شعبيتَه الجارفة حينما تخلّى عن مبادئه وفضّل عليها مصالحه الآنية، وآثر أن ينجرف وراء تيَّار الهرولة والانبطاح للعدوِّ الصهيوني مغتصِب الأرض والمقدَّسات بمبرِّراتٍ واهية، مجاراةً للملك محمَّد السادس، بدل أن ينسحب من الحكومة نُصرةً لمبادئه، فكان الشعب له بالمرصاد، وقد يؤثر هذا التصويت العقابي في مستقبله السياسي سنواتٍ طويلة، سيحتاج فيها إلى تغيير قيادتِه وخطابِه مجددا، والعودة إلى الاصطفاف إلى جانب الشعب في تعاطفه مع قضايا الأمَّة، ولكنّ من يصدِّقه بعد اليوم؟

ختاما نقول لقيادات “العدالة والتنمية” المستقيلين حديثا من الحزب: كان عليكم أن تفعلوها وتستقيلوا فور إقدام العثماني على توقيعِ اتفاق التطبيع الذليل ورفعِه عاليا أمام الكاميرات وهو يقف جنبا إلى جنب مع كوشنير ومائير شابات، لكنّكم أحجمتُم وآثرتم البقاء طمعا في ريوع السلطة ومكاسبِها وحتى لا تتعرّضوا لغضب الملك، فهل نفعكم “أميرُ المؤمنين” اليوم؟ لو انسحبتم أنذاك لكنتم قد حفظتم مستقبلَكم السياسي وحافظتم على احترام المغاربة لكم، لكنّ بيع فلسطين لم يكن كافيا لإعلان انسحابكم وفعلتموها الآن فقط حينما خسرتم كلّ شيء بجُبنكم وتفضيلكم السلطان على مبادئكم، فاذهبوا إلى مزبلة التاريخ غير مأسوفٍ عليكم، ولتكُن هزيمتُكم المهينة درسا وعبرة لمن يعتبر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • بومدين

    تحيا الجزائر المجد و الخلود لشهدائنا الابرار و لا عزاء للخونة و المطعبين .

  • انك شارد

    راك غالط يا صاحب المقال ..حزب العدالة و التنمية حكموا المغرب لمرحلتين و اوصلتهم صناديق الاقتراع و الان تم اسقاطهم لأنهم فشلوا في عدة مجالات و المغاربة ارادوا التغيير نحو الاحسن ...و النظام المغربي سمح الإسلاميين بالمشاركة في الحكم عكس نظامك الدي لم يمنح لهم يوما واحدا كما فعلوا مع الفيس ...باختصار مقالك بعيد عن الحقيقة و الواقع