هل يوجد كذب حلال؟

بعيدا عن سمكة أفريل أو الكذبة التي يتداولها الكثير من الأشخاص في هذا الشهر، والتي تحولت إلى مأساة أوقعت الكثير منهم في مواقف محرجة وحتى مميتة نتيجة الصدمة التي يتلقونها من جرائها، نعالج في موضوعنا هذا، كذبة أخرى إن صح القول، يقال عنها أنها مباحة بين الأشخاص، لكن في حالات فقط، يتداولها الكثيرون لتبرير أفعالهم خاصة الأزواج، وقد أصبحت منفذا للهروب من ذكر الحقيقة المؤلمة حفاظا على بقاء العلاقة بينهما.

هل يجوز الكذب لتبرير التواجد في مكان محرم؟

يحدث أن يتواجد أحد الطرفين في مكان مشبوه أو محرم، لذا يتخذ الكثير من الأزواج الكذب للحفاظ على العلاقة الزوجية في زعمهم، فهل يجوز الكذب من أجل تغطية الإثم بمختلف أنواعه؟ للاستفسار أكثر في هذا الموضوع، اتصلنا بالشيخ “علي عيه”، الذي أنكر هذا الفعل جملة وتفصيلا بقوله: “أولا، الشخص واقع في الحرام لتواجده في الأماكن المشبوهة التي لا يجوز أصلا التواجد فيها مهما كانت الظروف، وحتى وإن كان لا يمكن الكذب لإخفاء هذا الذنب كما يعتقد البعض، بل ويدعي أن بهذه الكذبة البيضاء أو المباحة يستطيع بموجبها الحفاظ على استقرار الأسرة، فهو واقع في ذنب ويلحق به إثم أكبر منه وهو الكذب، وهذا لا يجوز شرعا”.

لا يوجد كذب بين الزوجين وإنما توجد تورية

في المقابل، أقر الشيخ “علي عيه” على أنه توجد بعض الحالات تبيح التورية وليس الكذب بين الزوجين، والتورية هي عدم الإخبار بالواقع وعدم الكذب من جهة أخرى، يتخذ بها الزوجان بعض الأسباب لتهدئة الوضع بينهما في حالة الغضب مثلا، أو للتصرف بعقلانية لتحقيق بعض المطالب، ويعطي الشيخ أمثلة عن كيفية تعامل أحد الطرفين في حالة إصرار طرف على أمر ما وهو غير قادر على توفيره في الحين، كطلب الزوجة مثلا السفر أو شراء سيارة، وليس بإمكان الزوج تحقيق هذا على الأقل في الظرف الحالي، هنا يباح للزوج أن يقدم لها عروضا وليس أكاذيب، كقوله إن شاء الله، في هذا الشهر لو تكون زيادة في الأجر أو دخلا أخر سوف نقوم بالسفر أو نبدأ في تخزين المال من أجل شراء سيارة مناسبة تتماشى مع وضعنا، ولا يحق له أن يكذب عليها كقوله هذا الشهر أو الشهر القادم سوف نقوم بهذا، وهو يدرك أن هذا الأمر لن يتحقق، بل مجرد كذب من أجل تهدئة الوضع فحسب، لذلك فهو أمر محرم عامة وبين الزوجين خاصة.

 الكذب للإصلاح بين ذات البين وبين الزوجين

يجوز للمصلح بين الزوجين، ذكر محاسن أحدهما أو حب الطرف للطرف الآخر للحفاظ على استقرار الأسرة، حتى وإن لم يكن الأمر كذلك، وهي الأمور المحببة من أجل خلق المودة بين الطرفين، كما أنها تلين القلوب وتزيل الكره والغضب، وتعيد مجاري الحياة الزوجية إلى وضعها الأصلي، وحتى بين الزوجين نفسهما يجوز هذا الفعل، لأن الغرض منه هو إظهار المحبة وليس من أجل ضياع حق أو غيره، وهذا ينطبق كذلك على الإصلاح بين المتخاصمين، لأن الهدف منه هو الوصول إلى فضل أو حسنة، وليس كما أشرنا في الشطر الماضي الكذب لتغطية إثم أو عمل محرم.