-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وزارة بلا وزير!

وزارة بلا وزير!

أخبرنا السيد عبد الحكيم بلعابد، حامل حقيبة التربية والتعليم، عن أمور كثيرة تم تجهيزها، تخصّ الموسم الدراسي الجديد، الذي نتمناه أن يكون ناجحا ومختلفا عن سنوات سابقة عجاف، وأعطى أرقاما كثيرة، لخصت الدور الكبير الذي بذلته الدولة من أجل أن يكون التلميذ في أحسن وضع، لأخذ زاده الفكري، وأن يكون المعلم في المرتبة التي وصفه بها أمير الشعراء أحمد شوقي، ويكون الأولياء جميعا مطمئنين على مستقبل أبنائهم وعلى مكانة التربية والتعليم في بلادنا.

لكن ما يعلمه الوزير كما يعلمه جميع الجزائريين، هو تلك المنظومة الموازية، التي باشرت عملها قبل التواريخ المعلنة من طرف وزارة التربية، والتي عرفت هذا الموسم انتشارا رهيبا، وهي الدروس الخصوصية، وأفرادها هم نفس التلاميذ الذين منحتهم الدولة حق التعليم المجاني، ونفس أساتذة وزارة التربية الذين يتقاضون مرتباتهم من الدولة، والذين سيباشرون تعليمهم وتعلّمهم النظامي في التاسع عشر من الشهر الحالي، بعد أن باشروا تعليمهم غير النظامي خارج المدارس والإكماليات والثانويات، التابعة لوزارة التربية، قبل التاريخ المعلن بأيام معدودات.

صحيح أن اللمجة الساخنة والنقل المدرسي والمدافئ ورفع أجور الأساتذة والعمال، وتسقيف أسعار الأدوات المدرسية والكتب، ضرورية في الرحلة التعليمية، في كل الأطوار، ولكن رفع المستوى التعليمي والتربوي يبقى الهدف الأول، من خلال الرقي بالأستاذ إلى مكانة تجعله ناقلا للعلم و”فلاحا” حقيقا يرى انتاجاته علماء يطيرون بالجزائر كما طار بها الجيل الباديسي الذي كان فيه فطاحل العلم يبذلون من دون ملل الغالي والنفيس في تحدي الجهل والاستعمار، إلى أن صنع النهضة العلمية والفكرية الجزائرية، من زمن جمعية العلماء المسلمين إلى جيل بلقاسم نايت بلقاسم وعبد الرحمان شيبان ومالك بن نبي، وما شابههم من مهندسين وقضاة وأطباء وسياسيين ورياضيين وفنانين، قبل أن يظهر فيروس الإهمال الذي تحوّل إلى جائحة مزمنة، لم تجد بعد دواء، ووصل الأمر إلى أن تعلن الحكومة ما يشبه حالة الطوارئ كلما حلّ امتحانٌ دراسي، خوفا من الغش ومن جماعات الغشاشين، وهو ما سمح بظهور الكثير من المظاهر التي أساءت إلى المنظومة التربوية وأضرّت بالمجتمع، الذي وجد نفسه مع مرور الوقت أمام أمر واقع أو شرّ لا بدّ منه، تمثل في تشكيل مدرسة موازية خارج الأطر القانونية، بنفس تعداد المدرسة القانونية.

تستحق الجزائر نهضة علمية تتماشى مع ما تطمح إلى بلوغه على المديين القريب والمتوسط في كل المجالات الحيوية، لأن المادة الأولية لتحقيق كل الفتوحات الاقتصادية والعلمية هي ثمار المدرسة الجزائرية، مع قليل من التضحية من خلال عملية جراحية تنتزع الكثير من الأورام التي زُرعت في الجسد التعليمي، ومنها هذه “الوزارة” الهجينة التي هي من دون وزير!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!