-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد نكبة الزلزال حلّت كارثة السيول!

وفاة طفل إثر أمطار طوفانية في ميلة

نسيم عليوة
  • 910
  • 0
وفاة طفل إثر أمطار طوفانية في ميلة
ح.م

اهتزت بلدية عين البيضاء احريش 30 كلم غرب عاصمة الولاية ميلة، في حدود الساعة الرابعة والنصف من مساء الإثنين، على وقع فاجعة أليمة حلت بعائلة بالي، التي فقدت ابنها “وسيم” البالغ من العمر 8 سنوات، والذي يدرس بالسنة الثانية ابتدائي بمدرسة البلدة وسط المدينة غرقا في الوادي.

ذكرت مصادر محلية أن الضحية كان رفقة والده بالقرب من المسكن العائلي بصدد تهيئة مسار مياه الأمطار “شعبة” تقع بالقرب من المسكن العائلي، عقب الأمطار الرعدية التي بدأت في التساقط في الثالثة من زوال الاثنين، إلا أن منسوب المياه ارتفع بشكل سريع ومفاجئ، الأمر الذي أجبر الوالد على الدخول إلى المنزل، رفقة ابنه، لكن سيول الأمطار جرفته، وقد حاول الضحية التمسك بشجرة قريبة من المكان، إلا أن سيول وادي أم الشرك، والذي يصب في سد بني هارون، جرفته إلى وجهة بعيدة.

وقد تدخل أحد المواطنين، من الذين كانوا يشاركون في عملية البحث عن الطفل الغريق، حيث لمح الضحية وسط الماء، بالقرب من منطقة أكديان، أين قام بإلقاء نفسه داخل الوادي، وتمكن من انتشال الطفل، وإخراجه إلى اليابسة، حيث كان الضحية على قيد الحياة، وتم تحويله من قبل الحماية المدنية، التي شاركت 4 وحدات منها في البحث، نحو مصلحة الاستعجالات بمستشفى محمد مداحي بفرجيوة، إلا أنه لفظ أنفاسه قبل وصوله، نتيجة ابتلاعه كميات معتبرة من المياه الممزوجة بالطين، وأمر وكيل الجمهورية بتشريح الجثة، ومباشرة التحقيق من طرف مصالح الدرك الوطني لكشف ملابسات الحادث.

“أين السكنات التي وعدتمونا بها؟”

“عندما تمطر السماء تمطر أعيننا وقلوبنا.. نعم يا أخي تمطر أرواحنا”، هكذا كان رد العائلات المنكوبة بحي الخربة والقاطنين بما صار يعرف بالمخيمات بملعب بلقاسم بلعيد والمحطة ومارشوا، فقد عاشت العائلات المنكوبة القاطنة بالخيم أول أمس، ليلة بيضاء لا نوم فيها بعدما غمرت سيول الأمطار الرعدية، خيم العائلات وجرفت ما تبقى من أثاثهم وباتوا في العراء.

يقول “عبد الله” أحد المتضررين للشروق اليومي: “والله يا أخي لم أفهم شيئا، شهر بالتمام والكمال ونحن في الخيم. وإلى حد الساعة لا أمل ولا شيء تحقق، هل فعلا عجزت السلطات عن التكفل بحي واحد فقط، تضرر من الزلزال فماذا لو تضررت مدينة بأملها، حسبي الله ونعم الوكيل”. وأكمل جاره: “لدينا رب نرفع له دعواتنا، وهو القاضي نحن نعيش أوضاعا صعبة للغاية خصوصا، بعد الاضطرابات الجوية لنهار أول أمس، المياه والسيول من كل جانب، وأطفالنا وخاصة الرضع يبكون والبرد ليلا، لم نستطع أن نخلد للنوم بسبب بكاء الرضع والأطفال، الذين تبللت ثيابهم. وحتى الثياب التي كانت في الحقائب تبللت كلها بفعل الأمطار، ولم نتمكن من تغييرها وقضينا الليل كله ونحن نرتدي ثيابا مبللة لا أغطية ولا أفرشة، فماذا تريد أن أقوله لك بعد هذا؟”، وانفجر بالبكاء.

وغير بعيد عن المكان، وجدنا السيدة فاطمة من قاطني المخيم، بصدد سحب المياه من داخل الخيمة، التي تقطنها رفقة 5 أطفال أكبرهم 14 سنة. تقول والدموع تخنقها: “أين السكنات التي قالوا إنها جاهزة لاحتضان العائلات المنكوبة، بحي فرضوة عند زيارة وزيري الداخلية والسكن؟ قالوا حينها بأن 352 سكن اجتماعي أصبحت جاهزة، وستوزع على العائلات المتضررة خلال الأيام القليلة القادمة لقد مر على زيارة الوزيرين أسبوع كامل ولاشيء من الوعود تحقق”. وتضيف فاطمة: “نحن نبيت في العراء لا في الخيام. ماذا تنتظر من خيمة في فصل الرعود والأمطار، المياه التي تتساقط من السقف أكثر من التي في الخارج، ربي يجيب الخير يا وليدي”.

توجهنا إلى مخيم المحطة، أين كانت السيول قد اجتاحت أثاث وأفرشة العائلات المنكوبة، والجميع منهمك مع مصالح الحماية المدنية في سحب مياه الأمطار من داخل الخيم التي وصل منسوبها إلى 20 سنتيمترا، أوقفنا إحدى السيدات لنسألها عن حالها فانفجرت في وجهنا: “ألا ترى بعينيك، وهل يوجد وصف أكثر مما تراه، نحن في أسوأ حال، لا الكلمات تستطيع الوصف ولا الكاميرات ترصد معاناتنا نحن نموت يا أخي من الداخل، لدي أطفال، الأول يجتاز امتحان شهادة التعليم المتوسط وقد عاد إلى البيت، ولم يكمل امتحانه بعد التساقط الكثيف للأمطار الرعدية، وعاد من أجل أن يساعدنا في محنتنا مع السيول، والثانية مقبلة على شهادة البكالوريا وقد انهارت نفسيتها تماما رغم أنني أرسلتها عند أخوالها للتحضير للبكالوريا لكن ما باليد حيلة صبرنا لله”.

تساؤلات عن دور نواب البرلمان

أثناء عودتنا استوقفنا السيد حبيب الله، قائلا “أين أهل الخير في هذه الولاية؟ أين أصحاب المال والأعمال؟ أين ممثلو الشعب بالبرلمان أين أصحاب الفنادق بهذه الولاية؟ في لبنان عندما تضررت العائلات من انفجار المرفأ قام العديد من أصحاب الفنادق بإسكان العائلات، التي تضم أطفالا صغارا، ومسنين في الفنادق إلى أن يتم التكفل بهم أما نحن فكل الفنادق وحتى الإقامات شاغرة، الأطفال والشيوخ والرضع يسبحون في برك من المياه والكل متضرر، لكن ولا أحد تدخل في مبادرة إنسانية، الكل يركز على الوجبات من أكل وشرب. لكن الجرح ليس في البطن بل الجرح في القلب نحن كنا قبل شهر نسكن بيوتنا معززين مكرمين، واليوم بتنا بلا مأوى ولا سقف يقينا من تساقط الأمطار”.
وتابع حبيب الله قائلا: “رسالتي إلى السلطات، هي أننا نحن نموت في كل يوم ألف مرة فهل من حل حقيقي؟ نريد أن نسكن بيوتا تقينا الحر والبرد، إلى أن تجدوا لنا حلا نهائيا والشتاء على الأبواب”. غادرنا المنطقة، تاركين سكانها يواجهون محنة السيول، التي فاقمت مأساتهم التي تسبب فيها الزلزال، وهم بانتظار تكفل جدي بهم في أقرب الأوقات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!