-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يا أهل الخير: إلا تفعلوه تكن فتنة!

سلطان بركاني
  • 745
  • 0
يا أهل الخير: إلا تفعلوه تكن فتنة!

حملة شرسة يخوضها أهل الباطل والمفسدون في الأرض في السنوات الأخيرة، على الدّين والفطرة، سخّروا لها جلّ أوقاتهم، واستفرغوا فيها كلّ طاقاتهم، وتكاتفت فيها جهودهم بتناغم عجيب يوحي بأنّ غرفة التحكّم والتّخطيط واحدة، وهي بالفعل كذلك، قائدها الأعلى إبليس، يعضده أعوان من الإنس يرون المعركة ضدّ الحقّ قضية وجود، جنّ فيها جنونهم وهم يرون الإسلام ما يزداد إلا قوة وصلابة في المواجهة، ويرون العلماء والباحثين والمنصفين وحتى المشاهير يعتنقونه.

كَمُّ الشبهات التي تثار وتنشر وتصاغ بعبارات مغرية، وأصبحت وسائل الإعلام ومواقع التواصل ساحة لها؛ لم يسبق له مثيل في التاريخ، حتى ما عاد يسلم من شررها وشرّها أحد من المسلمين إلا قليلا. كثير من الحكومات الغربية التي اتخذت فيما سبق موقفا محايدا من انتشار الإسلام، دخلت المعركة ضدّه بشكل مباشر أو غير مباشر، وأشعلت الضّوء الأخضر للحانقين والحاقدين والمقعدين فكريا ليعبروا -بكل حرية- عن عدائهم للإسلام ويهاجموا كتابه ونبيه وشريعته في وسائل الإعلام والميادين العامّة.. الجهلة الذين كانوا يستخفون بجهلهم ويتستّرون بحنقهم على الإسلام، في بلاد المسلمين، أصبحوا يجهرون بمكنوناتهم، ويعبّرون عن عدائهم بعبارات صريحة تترجم ما كان يقوله المنافقون الأوّلون بكلمات مختلفة لكنّها تؤدّي نفس المضمون. وقد جنّ جنونهم وهم يرون القرآن يعلن حضوره بكلّ قوة في صفوف الطلبة المتفوقين في الامتحانات الرسمية في مختلف البلاد العربية والإسلامية.

هذه الحملة المركّزة، لو شنّت على أيّ ديانة باطلة، لأصبحت أثرا بعد عين، لكنّ الإسلام الحقّ، رغم ضعف أهله وبعد كثير من أتباعه عن معينه الصافي وجهل كثير من أبنائه بحقائق الدين؛ لا يزال يتحدّى، وأتباعه في ازدياد بفضل الله. وحتّى من يفتتنون بالباطل ويجرفهم التيار من أتباعه، لا يمثّلون رقما مهما أمام من يفرّون إليه ويعتنقونه في الشّرق والغرب.

من سخّروا أنفسهم للدّفاع عن الدّين وردّ الشبهات المثارة حوله، لا يكادون -عُدّة وعتادا- يمثلون عشر معشار من تجنّدوا للحرب على الدّين، ومع ذلك فإنّ كفّة الحقّ ترجح كفّة الباطل، ((إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُون)).. لكن رغم كلّ هذا فإنّ الحذر يظلّ مطلوبا واستنفار الجهود يظلّ واجبا ورصّ الصفوف يبقى حتما مؤكّدا، حتى لا تنقلب البشائر نذرا ويُنكب الدّين بأهله الذين يواجهون الباطل المنظّم بجهود كليلة مشتّتة، والله تعالى الذي وعد بنصرة دينه ولو كره الكافرون، قد حذّر من النّكوص عن نصرة الحقّ والاكتفاء بجهود القلّة القليلة، فقال سبحانه: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِير)).

الدّعاة إلى الله ينبغي أن يعطوا معركتهم الكبرى أهميتها وينظروا إليها على أنّها معركة وجود، ولا يغتروا بالبشائر التي تأتي من هنا وهناك، فالحقّ -سبحانه- ينصر دينه، لكن بعمل العاملين وثبات الثابتين: ((ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ))، كما لا ينبغي أن تشغل الدعاةَ المعارك الجانبية والداخلية عن المعركة الأهمّ، المعركة مع يستهدفون الإسلام كدين يحلُمون باجتثاثه من العالم كلّه لأنّه الدّين الأوحد القادر على مواجهة الباطل.

مؤسف غاية الأسف أن تجد بين المسلمين من ينشب معركة خاطئة ضدّ أئمّة الإسلام وعلماء المسلمين تصنيفا وتبديعا، في الوقت الذي تستعر فيه الحرب على الدّين كلّه.. ومحزن غاية الحزن أن تجد بين أبناء الأمّة من يجعل غايته أن يسقط الإمام النووي رحمه الله، ويرغب أبناء الأمّة عن كتبه المباركة التي ألقى الله لها القبول قرونا متطاولة.. ومحزن كذلك أن ينبت في الأمّة من يرى معركة إسقاط ابن تيمية هي المعركة الأهمّ التي ينبغي للمسلمين جميعا أن ينضمّوا إلى صفوفها!

والله لو كان ابن تيمية والنووي -رحمهما الله- في زماننا هذا، لكانا -على ما بينهما من خلاف في هوامش العقيدة- يدا واحدة في مواجهة الإلحاد والمذاهب الهدّامة كالعلمانية والإنسانية والنسوية، ولأبليا البلاء الحسن في المعارك الكبرى، ولأفتيا بتأديب من يفتح على الأمّة معارك خاسرة في المنعطف الخطير الذي تمرّ به.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!