-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
كلماتها في انحطاط مستمرّ

أغاني الملاهي تغزو المهرجانات وحفلات الأعراس

الشروق أونلاين
  • 3793
  • 0
أغاني الملاهي تغزو المهرجانات وحفلات الأعراس
ح.م

كما جرت العادة مع حلول صّيف كلّ عام، ها هي المهرجانات الغنائية تفتتح في تيمڤاد وجميلة وسيدي فرج وغيرها من الأماكن، وها هي القنوات العامّة تنقل أخبارها أولا بأوّل، وكثير من القنوات الخاصّة تتنافس في عرض سهراتها التي يحييها مغنون عُرف كثير منهم بطيشهم وعبثهم ومغامراتهم في الحانات ونوادي اللّيل؛ مغنون كانت أسماؤهم إلى وقت قريب يُستحى من ذكرها في المجالس العائلية، أصبحوا نجوما لسهرات تستمرّ إلى فروع الفجر، تدفع بعض العائلات أموالا طائلة لحضورها والتفاعل معها بالتصفيق وربما الرّقص.

لو أنّ مثل هذه الأغاني بقيت حبيسة الحانات وبعض المهرجانات لربّما هان الخطب، لكنّها مع كلّ أسف صارت تسمع في سهرات الأعراس، التي أصبح إحياؤها بالأغاني الصّاخبة سُنّة لا يكاد يحيد عنها إلا من رحم الله؛ وصارت المنكرات التي تصاحبها في ازدياد عاما بعد عام؛ سهرات ترتفع فيها أصوات المغنّين الماجنين والمغنيات الماجنات، أرباب الخمور وأحلاس الملاهي والحانات، بكلمات يكسف لها الحياء خجلا، وتتقطّع لها القلوب المؤمنة وجلا.

فلا حول ولا قوة إلا بالله، يوم تحوّلت ساحات أعراسنا إلى ملاهٍ مفتوحة على الهواء، ترتفع فيها الكلمات التي تحوم حول التغني بالخمور ووصف الخدود والشّعور، ويتنادى إليها بعض الشّباب العابثين من كلّ حدب وصوب ليستمتعوا باحتساء المسكرات وتجرّع السّموم والمخدّرات.

لا حول ولا قوة إلا بالله، يوم يجمع العبد المؤمن في عرسه وبمحض إرادته أرباب الخمور والحشائش والمخدّرات من شبابنا الذين تاهوا في هذه الحياة، يدعوهم إلى بيته حيث زوجته وأخته وأمّه وعمّته وخالته، يدعوهم بنداء”الديسك جوكي” هلمّوا هلمّوا، ليجتمعوا في ساحة بيته ويرفعوا أصواتهم بالضحك والقهقهة والصراخ والكلمات البذيئة!.

لا حول ولا قوة إلا بالله، يوم تصبح ساحة العرس مليئة بزجاجات الخمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله يوم يصبح أبناء في سنّ الخامسة والسّادسة والسّابعة يردّدون تلك الكلمات التّافهة التي سمعوها في حفلة العرس!…

أما وجدنا ما نعلن به الفرح غير هذه الكلمات الهابطة التي سجّلت في الملاهي والحانات وعلب اللّيل؟ أهانت علينا بيوتنا إلى هذا الحدّ؟ أبلغت بنا الاستهانة بالذنوب والمعاصي إلى هذا الدّرك؟ أنسينا عظمة الله؟ أنسينا جبروته؟ “مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”. رحماك رحماك ربّنا.

لا شكّ أنّنا جميعا قد لاحظنا أنّ منكرات سهرات الأعراس تتعاظم عاما بعد عام، حتى فوجئنا في الأعوام الأخيرة بعباد لله مؤمنين لا يراعون حرمةً لأذان ولا لمسجد ولا لصلاة، المؤذّن يؤذّن بل والصّلاة تقام وأصوات السّكارى لا تزال تشقّ عنان السّماء، صار العبد المؤمن لا يهنأ بفتح مصحف ولا بذكر في بيت الله، فلا حول ولا قوة إلا بالله، نصارى عقلاء في بلاد الغرب يحترمون المساجد، ويراعون خصوصيات المسلمين، ومسلمون في بلاد الإسلام خلت قلوبهم من خشية الله، وصاروا يحادّون الله جلّ في علاه، ولا يراعون حرمة لمسجد ولا لصلاة، أما سمع إخواننا هؤلاء قول الله جلّ في علاه: “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ”؟. أما سمعوا قول العدل الحكم سبحانه: “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً”؟.

الطّامّة الكبرى أنّه ما عاد بيننا من ينهى عن هذا المنكر الوبيل إلا من رحم الله، بل قد أصبح بعضنا يعينون عليه؛ إذا أراد أحد الشّباب أن ينزّه عرسه عن هذه المنكرات، جاءه شياطين الإنس والجنّ من كلّ حدب وصوب ووسوسوا له قائلين: ما هذا يا فلان؟ أتريد أن تجعل عرسك جنازة ومأتما؟ أتريد أن تحرمنا السّهر في عرسك؟ ما هي إلا ليلة وتمضي.. أنت لست الأوّل ولا الأخير الذي يفعل هذا.. وربّما يأتيه من أصحابه وخلانه من يعرض عليه أن يدفع عنه تكاليف استقدام الفرقة الموسيقية، بل ربّما يهدّده بعض أصحابه بعدم حضور عرسه إن هو رفض استقدام “الديسك جوكي”.

إنّنا لا ندعو إلى البكاء والحزن في الأفراح، وإنّما ندعو إلى إعلان الفرح بما أباح الله، البديل الخيّر والطيّب موجود في الأناشيد الإسلاميّة التي تدعو إلى الخير وتدخل البهجة والسّرور على النّفوس بكلمات طيّبة، وعبارات موزونة، في سويعات من ليل أو نهار، من غير مبالغة في رفع أصوات مكبّرات الصّوت، ومن غير مبالغة في السّهر إلى ما بعد منتصف اللّيل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!