-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العابثون بأمة القرآن..يحرقون بيوتنا علينا

صالح عوض
  • 3189
  • 0
العابثون بأمة القرآن..يحرقون بيوتنا علينا

كتب لي مثقف عربي وهو يشير الى احداث غرداية التي شهدت اعمال عنف مؤخرا :” ان الامة التي تتحدث عنها في كل مقالاتك وتدعو لنهوضها وانتصارها لا وجود لها الا في كتب التاريخ ،واجدك تقاتل من اجل وحدتها وتماسكها وهذا هدف خيالي” وأخذ يعدد لي الوقائع في كل مكان واستفاض في السرد عن واقع لا يخفى على ذي عينين مشككا في امكانية وحدة الامة ساخرا بانه بدل ذلك هاهوالاقتتال الطائفي والقومي يمزقها شر ممزق.. وبلاشك كان لكلامه وقع سيئ في روعي لان كل ما ذكر له شواهده في حياة الناس.. والاكثر مرارة في مثل هذا الكلام انه يصدر عن مثقفين لا يمكن ان يطعن في وطنيتهم او ايمانهم بالاسلام.

 بلا شك معاناة شديدة ونحن نحاول الخروج من تحت وطأة هذا الواقع القاسي ويظل كلام صديقي “الواقعي” ماثلا بكل سطوته حتى تنفتح علينا طاقة التفاؤل التي تشع نورا على ارواحنا مستندة لاعمق خلجات الايمان فينا..وهكذا نجد في القران خطاب الله لنا حياة اخرى بشروط اخرى وثوابت اخرى وترتيب اولويات اخر..فلقد ضمن القران الكريم المحفوظ من رب العالمين للناس قواعد الوحدة بين المؤمنين به وابواب التعاون مع المخالفين لهم وابواب الدعوة للاخرين بحيث يظل السلام وحرمة دماء الناس واموالهم وحياتهم مقدسة ، ودعا المؤمنين به ان يقدموا الحسنى ويدفعوا السيئة بالحسنة لان ذلك هو اساس بناء المجتمعات المتحابة الموالية لبعضها البعض ، وان لا يجادلوا المخالفين لهم الا بالتي هي احسن ، وان تكون الحكمة والموعظة الحسنة هي سبيل الدعوة لمنهج الاسلام ورسالته..ووضع القران الكريم ضمانات استمرار التآخي الانساني والابتعاد عن التناحر والحروب وارسى في العقول والنفوس معانيه العظيمة في التسامح والتعاون وطرد نوازع الشر.. هذا فضلا عما يدعو اليه اتباعه في كيفية العلاقة فيما بينهم من خفض جناح ورحمة ونصرة.

لكن استهوى البعض من ادعياء التدين السطحي التعصب البغيض لاراء واجتهادات فتشرنق حول نفسه واصبح يرى في مخالفه خصما لابد من ازالته ورميه بكل التهم التي تبيح شتمه والطعن فيه وفي دينه وعرضه..وذهب هذا البعض ينفخ في ريح الفتن والنعرات الطائفية متحججا بالعلم والمعرفة لعقائد المخالفين ويستند لكلام رجال ضد رجال اخرين..وانشغل هذا البعض بالمصطلحات والمفاهيم والروايات والحكايات التي تشيطن الاخر..ومع الزمن اصبح لدعاة التفرقة الطائفية حضور في حياة المسلمين وجيشوا لذلك وسائل اعلام ومؤسسات مالية ضخمة ليس لها هم الا التشنيع بالاخر..وذلك يتضح في حجم العدد الكبير في الفضائيات التي تدعي دفاعا عن الشيعة فتحارب السنة اودفاعا عن السنة فتحارب الشيعة..ولا احد منها يتحمل مسئولية الدفاع عن الاسلام وتبيان رسالة القران..وشيئا فشيئا وضعت وسائل الاعلام هذه من خلال علماء السلاطين وعلماء  السوء والجهل من كلا الجانبين حدودا بين المسلمين..ووجد هذا العبث فرصته في ظل جهل معظم اهل لسنة بالشيعة وجهل معظم الشيعة باهل السنة وجهل معظم الاثنين برسالة الاسلام..و لا يقف الحد عند الفريقين الكبيرين بل انه يمتد الى فرق اسلامية اخرى وداخل الفريق نفسه دخلت نيران الفتنة تحرق كل مقدس من حقوق الاخوة والجيرة والمواطنة فهاهي الحرب داخل اهل السنة تتخذ وسائل الاعدام بالكلام والرصاص وداخل الشيعة ايضا باساليب القت والفتن والعمالة للاجنبي..

اين هم اولئك الجاهلون المنشغلون باقوال الرجال وتصنيفات الكلام وفذلكته,,والذين يتمظهرون بلبوس المشايخ وهم لا يراعون للامة حقا ولا للدين حرمة وتتقعر الكلمات المتفصحنة على السنتهم يجعلون حجبا ثقيلة بين الناس ودينهم..اين هم اولئك الذين طالما انتفخت اوداجهم واحمرت انوفهم وهم يتناطحون بفتنهم تمزيقا للصف وادعاء بالصواب وان غيرهم انما هو في عداد الفاسقين الفاسدين؟؟اين تلك الوجوه مما يجري الان في ازقتنا وفي شوارعنا ومدننا في بغداد ودمشق وطرابلس وتونس قبل ان نقول غرداية..

ان العابثين بوحدة امتنا انما هم في الحقيقة اعتدوا على اهم رسالة من رسائل القران انها وحدة الامة وتعاون الناس..ان اولئك العابثين هم رؤوس الفتن مهما تحذلقت السنتهم وحمحمت افواههم ..فهم لايستحقون احتراما ولا تقديرا لانهم لم يخشوا في الامة ربها ولم يراعوا قرانها ولم يراعوا في الناس انسانيتهم التي اكرمهم الله بها..

ليس امامنا الان الا اعلاء الصوت من جديد ..اننا نحتاج صحوة تنقذ انسانيتنا من التشويه و امتنا من الفتن وتحرر اسلامنا من التحريف وتمهد لقراننا ليقوم بدوره المبتغى في وحدة الامة وسلام الانسانية بلا عنصرية ولا اضطهاد ولاقهر..وهذا يعني بوضوح ان نعلن بكل جرأة وقوة وحزم وصرامة ان الفاحص لاقوال البشر انما هو الرحمة ..فمن كانت دعوته رحمة وتسامح فهو في سبيل الله ومن كانت الشقوة والعنف والاقصاء والتعنت في خطابه فهو في درب الشيطان ..من دعا لوحدة الامة فهو في سبيل الله ومن حرك ادوات السوء ليفسد ذات بينها فهو اسوأ الاعداء ..وعلينا التصدي له وابعاده من مركز التوجيه.

اننا نحتاج الى صحوة دين ويقظة امة وهمة رجال مخلصين يضربون بيد من حديد على يد كل متعيلم يدعي علما يفرق فيه بين المسلمين وبين المواطنين الذين وحدهم الوطن وجمعهم التاريخ اللهم انا نعوذ بك من علم لاينفع ونبرا اليك من علم يفرق..وهذه الصحوة حقيقية لا لعب فيها تحتاج منا جميعا القيام بالواجب كل في ميدانه رجال الامن في مجالهم ليكشفوا الايادي الخفية التي تؤز الجهلة في حروب الفتن ونحتاج الى رجال السياسة لتحبط المكائد بالحكمة ونحتاج الى رجال العلم ليفندوا الحجج الفاسدة بيقين الحق ونحتاج الى كل صاحب خبرة وهمة ان ينهض لنكون صفا واحدا امام الجهلة المسلحين بالجريمة والتعصب….فاما ان تقوم امة القران بهذا والا فان الافاقين المشعوذين المتسلحين بكلمات متقاطعة من علماء متناثرين يملاون المشهد فيفسدون علينا ديننا ودنيانا..

امة واحدة والناس جميعا اخوة اخوة في الخلق والمصير الانساني .. وان الله رب العالمين ورب العباد اجمعين وهو لايريد بهم ولهم الا السلام والخير وكل منهم حر فيما يعتقد او يجتهد وما يعبد ولا اكراه في الدين وعليهم ان يلتقوا للتعاون فيما بينهم من اجل حياة كريمة للانسان..انها ليست دعوة مثالية او اخلاقية فاما ان نقوم بها جميعا والا فان بيوتنا ستنحرق علينا جميعا..تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!