-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“يديرها الفرطاس وتحصل في بولقرون” !

جمال لعلامي
  • 2763
  • 0
“يديرها الفرطاس وتحصل في بولقرون” !

عيد الأضحى هذا العام، ليس عاديا ولا اعتياديا، بالنسبة للكثير من الأضاحي السياسية، على غرار عبد العزيز بلخادم، الذي وجد نفسه خارج أسوار الرئاسة ومعاقبا داخل الأفلان أيضا.في وقت تشتت فيه شمل عائلة “جبهة التغيير”، بعدما فقدت دعم بعض رؤساء الحكومات السابقة، وكذا تأييد الأفافاس.

 عيد الأضحى كان سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وتربويا، وبين الأضاحي والضحايا، تردّدت على مسامع هؤلاء وأولئك “مذبوحة في العيد أو عاشوراء”، ولذلك حدث ويحدث ما يحدث على الجبهة السياسية، التي يدفع فيها بعض “أبناء السيستام” فاتورة “التمرّد والعصيان”، أو ارتكاب “خطايا” لا تـُغتفر، فيما تدفع بعض أطياف “المعارضة” ثمن التهوّر والمغامرة غير المحسوبة العواقب وتلك التحالفات الغريبة والعجيبة.

اقتصاديا، كان الإعلان عن قرار إلغاء المادة 87 مكرّر، عيد صغير وكبير بالنسبة لآلاف العمال والموظفين، خاصة الزوالية والكحيانين منهم، لما لهذا الإجراء من انعكاسات على أجورهم التي ظلت ترفع يافطة “سمينة ورخيصة” في مواجهة انهيار القدرة الشرائية والتهاب الأسعار بما في ذلك المواد الغذائية المدعمة والواسعة الاستهلاك.

اجتماعيا، “عيدت” معشر النساء بعد إقرار بنود قانونية ضمن قانون العقوبات وقانون الأسرة، تجرّم عنف و”اعتداء” الرجال على زوجاتهم، كما عيدت المطلقات والحاضنات، بموجب قرار إنشاء صندوق النفقة، وهو العيد الذي رقصت له النساء اللاتي رفعت تهديدا ووعيدا كتبت عليه: “أيها الرجال ياو خلات عليكم” !

تربويا، كان الدخول المدرسي الجديد ساخنا ومتعبا، بسبب الاكتظاظ وأقسام التحضيري و”ندرة” الأساتذة بالنسبة للعديد من المواد، لكن سرعان ما تبدّدت هذه المتاعب، بإعلان وزيرة التربية عن قرارات هامة، كان أهمها على الإطلاق، إلغاء عتبة الدروس واعتماد البطاقة التركيبية للتلاميذ، وتأخير امتحانات شهادة البكالوريا، وإلغاء الدورة الثانية لشهادة التعليم الابتدائي، وهي البُشرى التي دفعت التلاميذ والأولياء، إلى “التعياد”، حتى وإن عادت النقابات إلى التلويح بخيار العودة إلى الاحتجاجات، وكانت البداية بإضراب المقتصدين.

هي أعياد في السياسة والاقتصاد والاجتماع والتربية، لكن الفلاحين قطعوا عيدهم بسبب الحمى القلاعية التي نقلت الرعب من الأبقار إلى الأغنام وكلّ المواشي، مثلما نقلت الهلع إلى آلاف الموّالين والفلاحين وأيضا المستهلكين، الذي “لم يعيدوا” رغم الإشاعات التي نقلت أنباء عن انهيار أسعار اللحوم ومنافستها لبورصة “السلق” في الأسواق !

العيد لم يكن حتما مقضيا، على الخطوط الجوية الجزائرية ومعهم الطيارين والمضيفين وكلّ الركاب والمسافرين، فقد تحوّلت الرحلات الجوية خلال أسابع متتالية، إلى رعب في السماء، ولم تعد الطائرة مأمونة وآمنة، وتعرّض الجزائريون إلى الفوبيا والهيستيريا وهم في بيوتهم أمام التلفزيونات يتابعون الأخبار العاجلة التي كانت تنقل مشاهد طائرات محطمة أوشهادات مسافرين نجوا من موت محقق بأعجوبة !

عيد الأضحى هذا العام بالنسبة لآلاف المعذبين في جيوبهم، كان ضربة موجعة للباقي المتبقي من البقية الباقية لبقايا “مصروف الجيب” الناجي من مقصلة المصاريف اليومية التي أثقلت كاهلهم وقدراتهم المالية، فبعد ميزانية شهر رمضان، وبعده عيد الفطر، وبعدهما فترة العطل وموسم الأعراس، حلّ عيد الأضحى، ليوجه الضربة القاضية بالملايين التي يتطلبها هذا الكبش سواء كان أقرنا أو أحدبا أو حتى من النطيحة والمتردية وما أكل السبع !

بالفعل، “يديرها الفرطاس وتحصل في بولقرون” أو في “بوشعور”، فالتسيير الخاطئ والعشوائية والفوضى، وقبل ذلك، نشاط السماسرة والبارونات والعصابات، وفق مبدأ “ما نقنع ما نشبع”، زاد الطيلة بلّة، وجعل الأغلبية المسحوقة رهينة تجار “عديمو ذمة” ومنهم من “لا يحلّل ولا يحرّم”، وهو ما جعل الجزائريين يخشون عودة الأعياد والمناسبات، ارتعاشا من النفقات التي لم يعودوا قادرون على التعايش معها.

العيد هذا العام يتزامن كذلك، مع الحديث عن انطلاق العدّ التنازلي للشروع في الجولة الثانية محاكمة عبد المومن خليفة في “فضيحة القرن”، حيث يُنتظر استدعاء العشرات من المتهمين والشهود، وبينهم مسؤولين ووزراء ومتورطين ومتواطئين وغمّاسين وشحامين، لكن البعض يتخوّف من “خرجة مجنونة” للملياردير المسجون، في إطار بحثه عن “كبش فداء” يُنقذه من العقوبة المشدّدة، أو على الأقل “خروف” أو حتى “جدي” يخفّف عليه الصدمة ويجنـّبه ما لا يطيق !


هو العيد يعود، فبأي حال عدت يا عيد؟ ومن سيدفع ثمن الأضحية؟ ومن هو الضحية هذه المرة؟ ومن سيتعلّم النحر ليأخذ الأجر ويتجنـّب الاتكال في كلّ عام؟..أسئلة لا تهمّ “الكبش” بقدر ما تهمّ “الجزار” و”الموّال” والوسيط و”المكاس”، وبين هذا وذاك لسان حال القدماء يقول: “وين كنتم يا خرفان لمّا كنـّا جزارة”؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!