مهاجرون وفرنسيون فقراء يغزون الأسواق الشعبية في الجزائر
أحدث التواجد القوي لمختلف السلع المستوردة في مختلف المدن الجزائرية، خاصة من غرب آسيا ومن سوريا وتركيا، الكثير من التغيرات، خاصة بالنسبة لحركة مهاجرينا، وتعاملهم مع الوضع الاقتصادي والتجاري الجديد في الجزائر، فبعد أن كانوا هم من ينقل البضاعة الموجودة في فرنسا، لأجل بيعها في الجزائر..
-
صاروا يأتون فارغي الأيدي، ويعودون مثقلين بالقناطير من مختلف الأسعار، ليس من باب أخذ ما خفّ وزنه وثقل سعره من هدايا وتذكاريات من صناعات تقليدية، وإنما من الكماليات والضروريات، خاصة المأكولات واللباس، ناهيك عن الأواني المنزلية، وحتى الأجهزة الكهرومنزلية.. وكما قال أحد المغتربين: فإن المهاجرين لم يبق أمامهم سوى السيارات التي لم ينقلوها من الجزائر إلى فرنسا..
-
السلع المستوردة من شرق آسيا، والتي يسميها الجزائريون بالتايوان، صارت تدهش بأسعارها كل القادمين إلى الجزائر وتسيل لعابهم، وهي التي جعلت في السنوات الأخيرة الجزائريين القاطنين في فرنسا يعودون بقوة إلى أرض الوطن، رغم أن غالبيتهم هذا العام أجلوا سفريتهم إلى الجزائر إلى غاية شهر أوت القادم، من أجل أن يقضوا أياما روحية واجتماعية مع الشهر المعظم، ومنهم من قرر أن يبدأ رمضان، ويعيّد أيضا في الجزائر ويعود إلى بلاد المهجر، أما الذين انقضت أيام عطلتهم وعادوا منذ منتصف الشهر الحالي، فعادوا محملين بالطناجير والمواد الغذائية التقليدية، مثل الكسكسي والتريدة والفريك والتوابل والفلافل ومختلف أنواع الزيتون وزيت الزيتون، لأجل أن يعيشوا رمضانا بريحة الجزائر.. كما تطوّرت وتنوّعت الأشياء المنقولة إلى فرنسا إلى الأواني المنزلية، بما في ذلك الأدوات الكهرومنزلية، مثل الخلاطات وحتى المطابخ، وهذا بسبب أسعارها الزهيدة، مقارنة بما هو موجود في فرنسا، رغم أنه يحمل نفس الماركة..
-
المهاجرون لم يعودوا يتنقلون لوحدهم إلى الجزائر، إذ صار البعض منهم يصطحب أصدقاءه من الفرنسيين، خاصة مع تحسّن الأوضاع الأمنية، وأيضا بسبب الثورة التونسية، إذ أصبح تواجد النساء والرجال الفرنسيين من الفقراء بالخصوص في المساحات التجارية الكبرى، وأيضا في الأسواق الشعبية لافتا، وهم بجوار مجموعة من المهاجرين توجّه لهم النصيحة لأن يشتروا بعض الآلات الكهرومنزلية، بالتأكيد أن ثمنها أضعاف ما هو موجود في فرنسا، وتطوّر الأمر ليشمل كل بلدان العالم التي يتواجد فيها الجزائريون، الذين لا يلبسون إلا ما يشترونه من لباس من الجزائر، ويُجهزون مساكنهم في المهجر بالمقتنيات القادمة من الجزائر، وحتى العروسات المقبلات على الزواج في المهجر في المدن الفرنسية والبلجيكية، صرن يجهزن أنفسهن من الجزائر، ليس في القندورات التقليدية فقط، وإنما في الأفرشة والمطارح والمعدن الأصفر.. وإذا كان التنقل إلى الجزائر من فرنسا عبر السيارة مازال منتشرا، فإن ظاهرة 2011 التي لاحظها الجميع هو أن الكثير من المهاجرين يأتون عبر الخطوط الجوية خفيفي الحقائب والهندام ويعودون عبر الباخرة، لأجل نقل أطنان من السلع المختلفة ذات الاستعمال الشتوي والصيفي، وهناك من صار يقتني حتى الأدوية والكتب والسيديهات الفنية والدراسية وأجهزة المعلوماتية، ويجمعون على أن أسعارها الرخيصة، وطبعا ليس على فعاليتها وجودتها، التي فيها اختلاف كبير.. المواد التجميليية أخذت نصيبا من اهتمام الجزائريين من مزدوجي الجنسية، وأيضا من الفرنسيين، خاصة أن الماركات هي نفسها التي يتعدى سعرها العشرة أضعاف مما هو موجود في الجزائر..
-
وإذا كان التونسيون والليبيون قد غزوا الأسواق الجزائرية، فإن القادمين من فرنسا هم من جعل كل المحلات في عين فكرون والعلمة والمسيلة وتيارت لا تغلق هذا العام أبوابها، ولا يدخل أصحابها في عطلة، بسبب كثرة الطلب على السلع المستوردة طبعا.. وتغيرت بذلك الصورة القديمة التي كانت تقدم مغتربين عائدين من فرنسا محملين بالحقائب، التي يقدم من خلالها هدايا لأهله، ويبيع البقية إلى مهاجرين أيديهم في جيوبهم، وعودة معجونة بالحقائب، حيث يجد في الضفة الأخرى من ينتظره أو من ينتظر هديته؟