-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بثٌّ تجريبي طال أمده!

بثٌّ تجريبي طال أمده!
ح.م

تشبه حال الحكومات المتعاقبة في الجزائر منذ عقود، حال البث التجريبي في الفضائيات التلفزيونية الجديدة، ولكنه بثّ طال أمده وامتدّ إلى مختلف الغرف التشريعية والجماعات المحلية والمجتمع والأفراد في أدائهم العام، حتى تخال الجزائري مجرّد ممثل هاو، يؤدي دورا في مسرحية من دون سيناريو قيل له بأنها عابرة، ولكن اتضح أن فصولها لا تنتهي، فلا هو عاد إلى واقعه، ولا المُخرج وجد مَخرجا لهذه الحكاية.
مطالبة النواب الحكومةَ بتوضيحات تفصيلية بالفواتير عن الثلاثين مليار دولار التي صُرفت في بضعة أشهر، والشرح المقدّم من الحكومة ببعض التفصيل الممل، هو فصلٌ تابعناه مع نواب سابقين وحكومات سابقة ومشاكل مشابهة، ضمن هذا البث التجريبي الذي طال أمده، فلا المال المهدور من دون حساب توقف عن التسرب، ولا النواب أوقفوا النزيف قبل حدوثه، ماداموا وُجدوا للسؤال الشكلي، بعد أن تكون الفاتورة قد اجتازت الثلاثين مليار دولار، ضمن مهنة التمثيل والدور الذي يتقمصونه بأمر من مُخرج هذه المسرحيات.
وقصة الخمسين ألف سكن بمختلف الصيغ التي وزعت تزامنا مع ذكرى الاستقلال، هي أقرب إلى المسكّن من السكن الذي تعاطته الحكومات وأدمنت عليه، فلم نعرف أبدا في عُرف برامج الحكومات في العالم، أن السكن مشروع، أو نموّ أو تطور، مادامت كل بلاد العالم تزخر بالسكنات ويستفيد منها الناس ضمن قانون العرض والطلب، لا تجرّهم إلى الاحتجاجات وشلّ البلاد عن الحركة، بعيدا عن هذا الكرنفال من الإشهار لما يُسمى عملا وإنجازات، والتشهير ببلد، منذ الاستقلال وهو يوزّع السكنات بالملايين، ولا أحد يعلم من يسكنها، بطريقة فجّرت نموا ديموغرافيا رهيبا في كبريات المدن، وتحوّل النزوح الريفي إلى برنامج حكومي قائم بذاته، أفرغ القرى من سكانها، وهرّب الفلاحين من أراضيهم، وجعل المدن مراقد لا صحو فيها.
لقد بلغت سن الجزائر أكثر من ست وخمسين سنة، وفاق تعداد سكانها 42.2 مليون نسمة، وزخرت مساحتها التي تزيد عن مليوني كيلومتر مربع، بكل الخيرات الباطنية والسطحية، واكتشفت نفسها في قلب العالم تسبح على ضفاف البحار والهضاب والصحراء، ومع ذلك مازالت تبحث عن حكومة تحدث الرجّة المرجوَّة أو تبعث مشروع أمة يخرجها من فخ الاتكال على ريع النفط الذي عليه تحيا الحكومات المتعاقبة وعليه تموت.
من غير المعقول أن تبقى البلاد رهينة في أيدي أشخاص عجزوا عن بعث تنمية حقيقية، فتسقط أحيانا بطعنة الخليفة وأخرى بطعنة “البوشي”.. من غير المعقول أن تبقى هذه الثروة التي تعلن نفسها في كل مكان في الجزائر عرضة للضياع، وأن تبقى الجزائر جاثمة أمام باب “أوبيب” تنتظر دولارات إضافية في سعر النفط عليه تحيا ومن دونه تموت، في بث تجريبي.. طال أمده!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • الطيب

    أي بث تجريبي يا رجل هذا هو المضمون الرسمي الذي نشاهده .... ياو هذا ما حلبت يا سي عبد الناصر !!
    حتى يخيل إليك أنه لا توجد و لا مورثة واحدة تربطنا بذلك الجيل الذهبي و كأنهم أناس نزلوا من السماء حرروا البلد ثم صعدوا !!........56عام عايشين غير هاك و كل 4 أو 5 سنوات يخرجنا عفريت جديد أو بوشي جديد ياكلنا دراهمنا و يركبنا الخلعة و يختفي .....!!؟