-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تفعيل المادة 88 أم تداول الحكم؟

حسين لقرع
  • 3687
  • 2
تفعيل المادة 88 أم تداول الحكم؟

تُهدر المعارضة الكثيرَ من الجهد والوقت وهي تدعو إلى تطبيق المادة 88 من الدستور، من خلال اجتماع المجلس الدستوري، وإعلان عجز الرئيس عن مواصلة مهامه، وبالتالي فتح المجال لإجراء انتخابات رئاسية بعد 45 يوماً من الإعلان.

 

وإذا كان هذا المطلبُ من حق المعارضة، بعد أن تجاوزت فترة مرض الرئيس بضعة وثلاثين يوماً دون أن تظهر في الأفق مؤشراتٌ جدية لقرب تعافيه، وعودته إلى البلد لاستئناف مهامه، فإن الأهمّ منه هو الحرص على أن تكون الانتخابات القادمة بمثابة انطلاقة حقيقية نحو إقرار الديمقراطية الحقيقية، وتداول الحكم، من خلال انتخاب الشعب رئيسَ الجمهورية القادم بكل حرية وسيادة، بدل أن ينتخِب “صناعُ القرار” بدله، كما تعوّدنا منذ نصف قرن إلى الآن.

مربط الفرس يكمن هنا تحديداً وليس في تطبيق المادة 88؛ فماذا يفيد تطبيقُها إذا كان “كبارُ الناخبين” وعددهم بالعشرات فقط، قد حضّروا بديلهم للرئيس الحالي، وأصرُّوا ككل مرة على إجراء انتخابات مغلقة، يُدعى إليها أكثر من 21 مليوناً من “صغار الناخبين” لتزكيته، لا أكثر، في انتخابات شكلية يكثر فيها الأرانب؟ 

المشكلة أن بعض قادة المعارضة يعتقدون أن ذهاب بوتفليقة يفتح أمامهم البابَ واسعاً للوصول إلى الرئاسة، فقد كانت له شعبية جارفة دفعت بعضهم ـ ممن نافسوه في الانتخابات الرئاسية السابقة ـ إلى الإعلان صراحة أنهم لن يدخلوا رئاسيات أفريل 2014 إذا ترشح لها الرئيسُ الحالي، وهذا ليأسهم مسبقاً من منافسته، وقد استعادوا الآن بعض الأمل بمرضه الطويل، في إمكانية تحقيق حلمهم بالرئاسة، وكانوا قد طالبوا من قبل بحلّ جبهة التحرير وإحالتها إلى المتحف، بعد أن تبيّن أن وعاءها الانتخابي التقليدي الذي لا يتزعزع، يقلص حظوظ أي حزب في منافستها في أي استحقاق انتخابي. 

ومن هنا، فإن مطالبة المعارضة بحل جبهة التحرير وتطبيق المادة 88 من الدستور، يجعلها تبدو وكأنها تبحث عن “الحلول السهلة” للوصول إلى الحكم، بدل أن تصل إليه عن طريق منافسة الأقوياء والإطاحة بهم عن طريق صناديق الاقتراع.

وإذا كان الرئيس بوتفليقة وجبهة التحرير قد تفوَّقا على المعارضة في مختلف المواعيد الانتخابية السابقة، فإن جزءاً من هذا الإخفاق تتحمّله المعارضة أيضاً، وليس فقط النظام الذي يهيئ الأجواء لهذا الفوز للحفاظ على مكاسبه وريوعه التي يجنيها من خلال احتكار الحكم منذ 51 سنة كاملة.

المعارضة لا تبذل قدراً كافياً من الجهد الميداني لتوسيع شعبيتها، وإقناع الشعب ببدائلها وخياراتها، وبعضها لا يتحرك إلا أثناء اقتراب مواعيد مختلف الاستحقاقات الانتخابية، وهي تقدِّم خطاباً غير مؤثر، لا يجعلها تبدو في نظر الناخبين بديلاً مقنِعاً، كما تعاني التشرذم وغياب تصوّر واضح لديها عن كيفية إجبار هذا النظام المغلَق على فتح الحياة السياسية والإعلامية على مصراعيها، وإقرار الديمقراطية الحقيقية وتداول الحكم، وبالتالي فإن المطالبة بتفعيل المادة 88 وخوض معركة سياسية وإعلامية لتحقيق هذا الهدف، قد لا يكون بالضرورة في مصلحتها، إذا لم تنجح في حمل النظام على إجراء انتخابات رئاسية مفتوحة تقود أحد رموزها إلى سدة الحكم.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • بدون اسم

    و هل تؤمن يا سيدي بان هناك معارضة حقيقية حتى تطالبها بالتغيير انت تعلم جيدا ان المعارضة الحقيقية لن تكون فمصيرها السجن و القتل و التشرد و التهمة بالخيانة و النفي وراء البحار فلتجرب انت ادا و تنشأ حزبا .

  • عبدالكريم السائحي

    يبني الكاتب تحليلاته على النتائج الرسمية للإنتخابات كأنها نزيهة و تعكس حقا الواقع السياسي للبلاد. و الحقيقة التي يتفق عليها الجميع هي عزوف الأغلبية الساحقة عن المشاركة في المواعيد الانتخابية بسبب عدم الثقة و الخيبة الكبيرة بعد تكرار السطو على اختيارها. و الحقيقة الأخرى أن الأمور لم تتغير في التسيير على جميع المستويات في غياب الرئيس كما لم تتغير من قبل في غياب الحكومة، و هذا يدل على غياب كلي للسياسة في الجزائر و أننا نحكم بحكومات تصريف أعمال لا أكثر و قد تكون أقل.