طغيان.. فساد.. مرصاد

الطغيان، والطّغوى، والطاغية، والطاغوت من طغى يطغى، أي جاوز الحد في الظلم وبالغ فيه.

والفساد من فسد يفسد أي اضطرب الأمر واختل النظام، وأفسد جعل الأمر فاسدا، واستفسد سعى في الفساد وطلبه من عدة أوجه.

لقد تحدث القرآن الكريم – وهو كلام الله عز وجل، “ومن أصدق من الله حديثا”، تكلم عن أقوام وأفراد طغوا في بلدانهم وأكثروا فيها الفساد، حتى جعلوها غير صالحة للحياة.. وقد أكد الله – عز وجل-  في القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أنه – عز وجل لهؤلاء الطغاة والفاسدين والمفسدين لبالمرصاد عاجلا أو آجلا.

إن حالات الطغيان والفساد والإفساد في الأفراد والجماعات ليست خاصة بزمان أو مكان، بل هي ملازمة لضعاف الإيمان وعديميه في كل عصر ومصر. ولذلك نبّه إلى خطر هذا الطغيان والفساد وعاقبتهما الوخيمة على الأفراد والجماعات، وأمر بتجنبهما والإنكار على المتصفين بهما..

وقد عانت الجزائر والجزائريون في الثلاثين سنة الأخيرة من رهط طغوا في البلاد، وأهلكوا الحرث والنسل، وعتوا عتوا كبيرا، وفسدوا وأفسدوا، حتى صيّروا الجزائر “عاصمة للفساد” و”ناديا للمفسدين”..

ومدّوا أيديهم وأعينهم إلى كل ما يحرم عليهم من دماء وأموال وأعراض وقيم.. وقالوا ما قال الفاسدون المفسدون والطغاة “من أشدّ منا قوة”، و”نحن أكثر أموالا”، رغم أن تلك الأموال ليست مما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، وليست من عمل أيديهم وكدّ جبينهم..

ثم بيّضوا تلك الأعمال السيئة والأموال المتسخة عن طريق وسائل إعلام مقروءة ومرئية، وأوهموا السّذج من الناس أنهم “هم الصالحون”، وسخّروا “علماء ضالين” و”شيوخ زوايا منحرفين” و”أئمة فاسدين” فباركوا أعمالهم، ورفعوا بهم خسيستهم، وتقارض بعضهم ببعض، وأنساهم الشيطان الذي استحوذ عليهم أن من خفضه الله لن يرفع، و”من يهن الله فماله من مكرم”، ومن اعتز بغير الله أذلّه الله.. لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.. فذوقوا المهانة والذلة يا من استعليتم بغير الحق. وهل وجدتم ما أوعدكم الله حقا؟ وهل من مزيد، خاصة لمن استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ممن آتاه الله آياته فانسلخ منها.