-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عارٌ عليكم.. القدسُ في ذمة متصهين!

عارٌ عليكم.. القدسُ في ذمة متصهين!

إسناد رئاسة لجنة القدس بمنظمة التعاون الإسلامي إلى ملك المغرب منذ عام 1979 كان خطأ فادحا، لأنّ مَهمَّتها الرئيسة في التصدي للمشروع الصهيوني الرامي إلى طمس الطابع العربي الإسلامي للمدينة لا تنسجم إطلاقا مع علاقات المملكة التاريخية مع الكيان الإسرائيلي، إلا إذا أغلقنا أعيننا على الحقائق الثابتة، باعتبار المغرب أكبر حاضنة للجالية اليهودية في العالم الإسلامي قبل 1948، بكل ما يترتب لاحقا من نفوذ وتأثير في القصر الملكي لصالح الاحتلال الصهيوني، ولا أدل على ذلك من خيانة التجسس على قادة العرب في قمة 1965 بالرباط.
لكن قادة الدول الإسلامية والعربية، ومثلها كثير من النخب الصامتة، لم يستدركوا القرار الخطأ طيلة 44 عاما، لأنهم في الحقيقة يتشابهون مع استثناءات قليلة من زعامات الأمة، ولاعتبارات سياسوية ضيقة على حساب المصلحة الفعلية للقضية المركزيّة.
اليوم لم يعد قطّ مسموحًا بمزيد من السكوت على التواطؤ والخيانة العلنية للقدس، فهل يقبل عاقلٌ واحد من المحيط إلى الخليج، بائتمان أكبر عميل حاليا للكيان الصهيوني على وديعة محمد صلى الله عليه وسلم عندنا وأمانة عمر في ذمّتنا، وعهد الإسلام في أعناقنا، كما قال سيدي البشير الإبراهيمي رحمه الله؟
حان الوقت لإنقاذ القدس وتطهيرها من دنس العميل المتصهين، بعد ما تجاوز النظام المغربي في علاقته بالاحتلال الإسرائيلي كل حدود التطبيع العربي منذ نهاية 2020، حتى صار عرّابه الأول في المنطقة المغاربية وقارة إفريقيا وكواليس المجتمع الدولي، ما يجعل استمرار أعضاء منظمة العالم الإسلامي في صمتهم المطبق بخصوص بقائه على رأس لجنة القدس دعما صريحًا للخيانة ومشاركة في الاعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني، لأنّ الساكت عن الحق كفاعل الباطل سواء.
ومثل هذه الدعوة المشروعة واجبة في حق كل أنظمة العالم الإسلامي ونخبها السياسية والفكرية والأهلية، بينما لا نسمع اليوم صوتا عاليًّا لتحرير لجنة القدس من قبضة العمالة العربية الصهيونية إلا في الجزائر، كأن الآخرين لا يعنيهم الأمر، وكيف تقبل منهم الشعوبُ المسلمة ذلك؟ وقد سلّموا الرئاسة طواعية لملك المغرب على أساس الالتزام بالعمل لحماية القدس الشريف، لكنه اليوم أول حليف للصهيونية في العالم الإسلامي، بل يستقوي بها على أكبر نصير للقضية المركزية، خدمة لأجندته التوسعية في الصحراء الغربية.
لقد تمثلت الأهداف الأساسية للجنة القدس منذ تأسيسها في متابعة تنفيذ قرارات “المؤتمر الإسلامي”، ومختلف الهيئات والمحافل الدولية، زيادة على الاتصال بالمنظمات الأخرى التي قد تساعد على حماية القدس، وتقديم مقترحات للبلدان الأعضاء ولكل المنظمات المعنية، لضمان تنفيذ القرارات لمجابهة تطورات الوضع في القدس.
لكن إذا عدنا إلى الواقع خلال السنوات الأخيرة، فإنّ نظام المخزن لم يعد فقط في موقع العاجز عن تقديم أي خدمة للقضية الفلسطينية، ولو في صورة بيانات إدانة شكلية للممارسات الإسرائيلية المتغطرسة، بل هو محاربٌ شرس لمصالحها في كل مكان، ضمن مقايضة رخيصة مع الكيان الصهيوني لدعم أطروحته الاستعمارية في الصحراء الغربية، وقد تابع العالم أجمع المعركة الدبلوماسية الفاشلة التي خاضها المغرب لإقحام “إسرائيل” مجددا في هياكل الاتحاد الإفريقي ولو بصفة مراقب.
ومن المهمّ بهذا الصدد تقييم حصيلة الرئاسة المغربيّة الجوفاء للُجنة القدس، إذ عقدت لقاءين خلال 20 عاما، بعد ما تمكنت المملكة من خنقها بشكل كامل وإرادي، موظفة تعطيلها من أجل الحفاظ على علاقات جيدة مع الكيان الصهيوني، ناهيك عن استغلالها في إضفاء الشرعية الدينية الزائفة على نظام ملكي احتكاري للسلطة وبعيد كل البعد عن مُثل الإسلام، ليجعل القضية الفلسطينية ريعًا دائما بجني فوائدَ غير مستحقة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، بتعبير الدبلوماسي الجزائري، عمار بلاني، في وقت سابق.
إذا كانت معظم الأنظمة العربية والإسلامية متواطئة أو ترى نفسها غير معنية بواجب تحرير لجنة القدس من شريك الصهيونية، فإن من مسؤولية النخب والقوى الحية في الأمة تصعيد الموقف الاحتجاجي للضغط على أعضاء المؤتمر الإسلامي بغية تصحيح الوضع المختلّ في أقرب وقت، لأنّ استمراره لا يعني سوى الاستخفاف بضمير الشعوب وإسقاط لأي شرعية عن المنظمة في تمثيلها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!