-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة تتحدث عن قسنطينة والمالوف:

“أبحث عن لحن جزائري.. وهذا جديدي مع أحلام مستغانمي”

زهية منصر
  • 1245
  • 0
“أبحث عن لحن جزائري.. وهذا جديدي مع أحلام مستغانمي”
أرشيف
الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة

وقفت الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة، مؤخرا، على منصة مهرجان المالوف حيث قدّمت أشهر أغنية قسنطينية “قسنطينة هي غرامي” واكتشفت المدينة التي عرفتها عن طريق أحلام مستغانمي عن قرب، في هذا الحوار، تعود وهبة إلى جولتها القسنطينية حيث عبّرت عن أملها في إيجاد تعاون جزائري، لبناني يثمر أغنية بصوتها في المالوف القسنطيني، كما عادت جاهدة وهبة إلى موقفها في موجة التمييع التي تجتاح الأغنية العربية اليوم، مؤكدة أنه لا يستهويها الانتشار السريع ونجومية السوشيل ميديا، بقدر ما يشدها الشعر الذي تعتبره طريقا للخلود الفني الجاد.

هذه أول مرة تغني جاهدة وهبة قسنطينة، كيف وجدتها؟
عرفت قسنطينة من كتابات أحلام مستغانمي ومالك حداد لكنها أجمل مما كتب، أجمل من الأدب وأجمل من المجاز. هذه أول مرة أزور فيها قسنطينة وأول مرة أغني المالوف في جزء من السهرة، وكانت أغنية قسنطينية مشهورة ولكني أطمح في المستقبل أن تكون لي أغنية مسجلة بصوتي أتعاون فيها مع موسيقيين جزائريين أو أصوات جزائرية. سعيدة أن أكون بينكم ونرجو الاستمرارية لهذا المهرجان وأن يساهم في الإضاءة على هذا الموروث الحضاري لقسنطينة وفي الجزائر عامة. إن شاء الله، ستكون لي زيارات مستقبلية إلى قسنطينة وأقدّم فيها حفلات مطوّلة.

كيف اختارت جاهدة وهبة أن تتمسك بغناء الشعر في زمن يغيب فيه الشعر؟
أكاد أقول أن الشعر هو الذي اختارني ولست أنا من اختاره. منذ صغري وأنا أغوص في الأدب العربي والعالمي، قمت بغناء العديد من الشعراء العرب سواء القدماء منهم أو المحدثون.
أحب الشعر والشعر يسكنني ووضعت نعمة الصوت التي حباني بها الله في خدمة الشعر. أشعر بمسؤولية في إيصال هذا الشعر إلى المستمع وأصبغ عليه بعض الدهشة وبعض الموسيقى التي تجعله أقرب إلى الناس. وفي عصر السرعة وعصر السوشيل ميديا، أجد أن الشعر هو الحقيقة الباقية، هو ملاذنا نتمسك به لكي نكون أفضل وأرقى وأخصب وأجمل. الشعر هو المنطقة الرحبة في حياتنا، آمل أن أكون واحدة من الأصوات التي تساهم في جعل الشعر مثل الخبز جزءا من يوميات وحياة الناس.

بدأت علاقتك بقسنطينة انطلاقا من علاقتك بأحلام مستغانمي، حدّثينا عن تلك العلاقة؟
أحلام صديقة منذ زمن بعيد، كنت قد قرأت لها وعندما عرفتها وتقربت منها، نشأت بيننا هذه الثنائية وفاجأتها بألحان لنصوص نثرية بامتياز وكانت سعيدة بها، وقالت لي أن صوتي يصيبها بالذهول الجميل عندما تستمع إلى نصوصها بصوتي، وتقول إنني ورطتها لكنها سعيدة بورطتي.
أحلام كاتبة جماهيرية بامتياز ولديها مقروئية عالية، وأعتقد أن صوتي أدخل نصوصها بشكل أحن إلى قلوب المستمعين.

هل يمكن أن يربطك مشروع جديد مع أحلام؟
نعم، أنا بصدد تحضير ألبومين، واحد منهما من كلمات أحلام مستغانمي وتلحيني ومن توزيع مايك ماسي، هي قصائد قدّمتها لسنوات عديدة خلال حفلاتي السابقة. أما الألبوم الثاني، فيضم قصائد من الأدب العالمي تمت ترجمتها إلى العربية مع سالي وعياض خليفة.

هل لجاهدة وهبة علاقة بالموسيقي الجزائرية؟
عادة، أنا أستمع لكل الأنماط الموسيقية التي تأتيني من الوطن العربي لأنني شغوفة بالتعرف واكتشاف أنواع وأنماط موسيقية مختلفة. على الفنان أن يعمّق مداركه بالتعرف ودراسة أنواع مختلفة من الموسيقى، لأن هذا الأمر يوسّع أفقه المعرفي والصوتي ويجعل إمكانياته أوسع. لذا، فأنا أحاول دائما الإطلاع على أنواع موسيقية مختلفة من كل بقاع العالم.

وهل يمكن أن نرى جاهدة وهبة مستقبلا في تعاون فني ضمن مشروع جزائري؟
نعم ممكن وهذا يشرفني ويسعدني، لديّ رغبة في تقديم أغنية جزائرية بحتة مع ملحن أو صوت جزائري، وسيكون من دواعي سروري لو تحقق هذا الحلم أو المشروع.

جاهدة وهبة تؤدي الموشحات، ماهي العلاقة بين ما تقدمينه وبين المالوف؟
التقارب نلمسه في المقامات المستعملة في الإيقاعات. في المالوف، نجد تلك التلوينات المقامية التي لم نتعود عليها كمشرقيين ونعتبرها جديدة بالنسبة إلينا. أثناء التدريبات في الحفل، كنت أسأل الموسيقيين عن أسماء الإيقاعات والمقام المتحور الذي لم نتعود عليه في المشرق وأجد أنه جميل.
أوجه الشبه لمستها في الموضوعات الغنائية التي يقدّمها المالوف وهي تتشابه وتتقارب مع الموشحات الأندلسية التي تعنى بالعذب من الغناء والزجليات، لكنها تختلف في التقطيع الموسيقي للقصيدة. في المالوف، يستعمل الغناء المحكي والموشحات معروفة أنها تقوم على قصائد بالفصحى وتقطيع الموشح يختلف عن المالوف، وبالطبع، هذه خصوصية جميلة في النهاية.

الجمهور اليوم تغير كثيرا عن جمهور الستينيات والسبعينيات، لمن تغني جاهدة وهبة؟
أحيانا نحن إلى زمن الجمهور الذي كان يستمع إلى هذه الطربيات، نحن في زمن “الفاست فود” الغنائي والاستعلائي والأشياء التي تشبه الفقاعات تأتي بسرعة وتنطفئ بسرعة. الأغاني العربية اليوم تستنسخ الغرب بجملة واحدة تبنى عليها الأغنية ويتم التركيز على الريتم والتوزيع والهرولة لتقديم الأغنية بما يقال إنه يتماشى مع لغة العصر. هذا النوع من الغناء لا يغريني، أنا أحاول أن أقدّم ما أعتقد أنه يشبهني وأقدّم للجمهور ما أظن أنه أصيل وغني وكثيف.
عملت على الشعر لأنني أعتقد أن الشعر يعني لي كثيرا ومنذ أن ابتعدت الأغاني عن الشعر والكلمة الأصيلة فقدت أسباب خلودها، وأعتقد أن الأغاني القديمة بقيت تعيش بيننا ونعيش بينها ونرددها، لأنها تحمل في مضامينها أسباب خلودها.
أغاني هذا العصر هي أغان سريعة لكنها لا تدوم ولا تخلد ولا تصمد. الفنانون يهرولون لتقديم المغنى بشكل مستمر وكأن الأغنية التي قدّموها منذ شهر لن تعيش أكثر من شهر، هذا كله لا يعنيني ولا يغريني وأنا أحاول تقديم أغنية تخلّد وترقى بأذن ووجدان المتلقي.
أنا واقعية ومنطقية، فكل فنان يحب أن يكون مشهورا وله متابعون خاصة من شريحة الشباب لأنني أعتبر الشباب مستقبل ومشروع استمرار كل شيء بما في ذلك الفن والمغنى ويهمني كفنانة أن يصل ما أقدّمه لأكبر شريحة ممكنة من المستمعين، لكن هذا لا يجرني لتقديم ما لا يشبهني. أنا إنسانة متأنية جدا أدرس كل ما أريد تقديمه من الكلمات إلى الألحان والإيقاعات، أنا استثمر فيما أعتقد أنه باق وهو بنمط الأصالة وليس بنمط المتابعين.
شباب اليوم ذوقه تراجع جراء الانجراف وراء ما تعرضه القرية العالمية من سلع ووجهات تواصلية عديدة تجذب هؤلاء الشباب، الشباب اليوم ضحية الرداءة التي لا يمكننا الانفكاك منها بسهولة، فهي تقفز إليك من الراديو ومن التلفزيون والهاتف والمواقع. ونحن كأمة عربية ضحية هذا الانسياق وراء التسليع لأننا ضعفاء ولم نحسّن أرشفة تراثنا والتسويق له، الغرب تمكّن من نقل تراثه وحضارته إلى الذاكرة الإلكترونية ونحن، رغم ثراء وتنوع وجمال موروثا، لكننا لم نحسّن ولم نتمكن من تقديمه والحفاظ عليه وهذه مشكلة حضارية عويصة.

على ذكر تقديم الموروث، نلاحظ اليوم أن برامج النجوم تنطلق من الاستثمار في الموروث، لكنها لا تنتج إلا “الفاست فود”، لماذا؟
هذا التصور يدخل ضمن الموجة التي تحدثنا عنها إجمالا، لأننا نعتبر أن الفنان الجيّد هو من يكون لديه عدد المتابعين بالملايين ومن تحقق فيديوهاته على مواقع التواصل أرقاما قياسية وهذا منطق تسليعي للأفكار. نحن في عصر انقلبت فيه المعايير واختلفت عمّا كانت عليه في السابق، المعيار اليوم ليس أن يكون لديك صوت وأن يكون لما تقدّمه قيمة وجمالية فنية ومعنى، المعيار اليوم هو الطريقة التي تصعد وتقفز بها فوق المسرح والحركات التي تؤديها وكيف يتم التعامل معها، منطق الفيديوهات على “السوشيل ميديا”.
لكن، للأسف، اليوم دخلنا مرحلة التسليع في كل شيء بما في ذلك صورة المرأة. كنت آمل أن تقودنا فترة “كورونا” بكل مآسيها والتغيير الذي حملته في النظرة الوجودية إلى تغيير نظرتنا وطريقة حساباتنا، خاصة في موضع الثقافة والفن وأن يعود الإنسان إلى نفسه، أن يذهب إلى عمق الأشياء.
لكن، للأسف، نحن اليوم نعيش موجة مضادة غير مفهومة ضد كل ما هو قيمة جمالية بشكل غير مفهوم، وكأن الإنسان يريد أن يجن وأن ينتقم من المجهول.

جاهدة وهبة لها علاقة جد خاصة بالشعر الصوفي تحديدا، ما هو سر هذه العلاقة؟
منذ صغري وأنا أقرأ لشعراء الصوفية، قرأت لشعراء كثر المشهورين منهم في التراث والمغمورين، قرأت للشنفرى وعمرو بن كلثوم والمعري والحلاج وابن رشد وابن الفارض وغيرهم. مؤخرا وقبل “كورونا”، قدّمت ألبوم “الغجر” وكان يحتوى على 25 قصيدة منها قصائد صوفية لشعراء معروفين وغير معروفين. أحس أن الشعر الصوفي حاجة في نفسي، يغنيني ويحميني من هذا الاغتراب الذي نعيشه ويأخذني إلى مساحة من السلام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!