-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أبي بشرايا البشير للشروق أونلاين: استفتاء تقرير المصير كان وسيبقى الحلّ الواقعي الوحيد للقضية الصحراوية

حاوره ماجيد صرّاح
  • 1614
  • 0
أبي بشرايا البشير للشروق أونلاين: استفتاء تقرير المصير كان وسيبقى الحلّ الواقعي الوحيد للقضية الصحراوية
لقطة شاشة
أبي بشرايا البشير، على هامش أشغال الندوة المنعقدة في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، حول "سيادة الشعوب على مواردها الطبيعية في سياق الاستعمار؛ حالة الصحراء الغربية"، يوم 27 فيفري 2024.

يحيي الشعب الصحراوي يوم 27 فيفري ذكرى إعلان الجمهورية العربية الصحراوية. في هذا الحوار مع الشروق أونلاين، يعود السفير الصحراوي ممثل جبهة البوليساريو بسويسرا ولدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، أبي بشرايا البشير، إلى تطورات القضية الصحراوية وما تحقق خلال هذه الـ48 سنة، وعن نضال الصحراويين من أجل تمكينهم من حقهم في تقرير المصير عن طريق استفتاء حر في إطار الشرعية الدولية.

الشروق أونلاين: ما الذي تحقق طيلة الـ48 عاما منذ إعلان الجمهورية العربية الصحراوية؟

أبي بشرايا البشير: كمدخل، يجب أولا وضع قرار حركة التحرير الوطنية الصحراوية جبهة البوليساريو إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية 27 فبراير 1976 ضمن سياق الأحداث المتسارعة في تلك الفترة والتي طبعها تراجع إسبانيا عن التزاماتها للشعب الصحراوي وللأمم المتحدة بتنظيم استفتاء خلال سنة 1975 وتوقيعها اتفاقية مدريد الثلاثية اللاشرعية وبالتالي البدء في اجتياح الإقليم من الشمال والجنوب.

لقد تم إجهاض مسار تقرير المصير من طرف إسبانيا والمغرب وموريتانيا حينها، من خلال تجاوز الشعب الصحراوي والقفز على حقوقه. لكن البوليساريو بقيادة الزعيم المؤسس الولي مصطفى السيد، وفي قراءة ذكية، سريعة وقانونية للتطورات، وبعد انسحاب آخر جندي اسباني من الإقليم يوم 26 فبراير وحصول الفراغ القانوني، فيما يتعلق بالسيادة في ظل إجهاض مسار تقرير المصير، قررت إعلان الجمهورية لملء ذلك الفراغ بسيادة الشعب الصحراوي صاحب الحق المتأصل بالأمس واليوم وغدا، وتجسيدا عمليا لتقرير المصير من طرف الشعب على الأرض في انتظار أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في ذلك.

وبالإضافة إلى المكسب القانوني الكبير فيما يتعلق بملء الفراغ القانوني المترتب عن انسحاب إسبانيا دون تصفية الإستعمار، والمكسب السياسي الذي أظهر للجميع الهدف النهائي للكفاح الوطني الذي تقوده الجبهة ألا وهو الإستقلال الوطني وبسط سيادة الشعب الصحراوي على كامل تراب الصحراء الغربية، فثمة مكسبان كبيران آخران هما: المكسب الدبلوماسي، والمتمثل في العدد الكبير من الاعترافات الدولية المحصلة بالجمهورية الصحراوية عبر العالم والتي تجسد الانضمام لمنظمة الوحدة الإفريقية 1984 وبعدها المشاركة كعضو كامل الحقوق في تأسيس الإتحاد الإفريقي 2002 أبرز تجلياتها. بالإضافة إلى ذلك، هناك المكسب المؤسساتي العملي، والمتمثل في إتاحة إعلان الجمهورية، الفرصة للبوليساريو في الشروع في وضع القواعد القوية للدولة الصحراوية العصرية التي يطمح لها الشعب الصحراوي وإقناع العالم بأنها، بالفعل، دولة ليست قابلة للحياة فحسب، بل هي ضرورية للحفاظ على أمن واستقرار منطقة شمال غرب إفريقيا.

قال الرئيس إبراهيم غالي في تصريح صحفي على هامش القمة الـ37 للإتحاد الإفريقي أن استفتاء تقرير المصير هو الحل الأمثل لقضية الصحراء الغربية. لماذا تأخر تنظيم هذا الاستفتاء؟

استفتاء تقرير المصير، كان وسيبقى هو الحل السياسي الواقعي المتفق عليه والوحيد الذي ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة، كما تنص على ذلك جميع قرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة. المغرب يحاول أن يقدم تلك الصيغة المتكررة في قرارات المجلس الأخيرة كما لو كانت تعني مقترحه المولود ميتا المتعلق بالحكم الذاتي، والأبعد ما يكون عن الواقعية، وعن أن يكون متفقا عليه وهو في تناقض صارخ مع ميثاق الأمم المتحدة الذي يتأسس على مبدأ تصفية الإستعمار. فالاستفتاء هو الحل السياسي الواقعي لأنه بمعزل عن موقف الجبهة المتمثل في الإستقلال التام وموقف المغرب المتمثل في ضم الإقليم بشكل تام، يتيح للشعب الصحراوي المالك الحصري لحق إقرار الوضع النهائي للإقليم، إتخاذ القرار الديمقراطي المناسب له. والاستفتاء هو الحل الوحيد المتفق عليه والموقع بين الطرفين بموجب إتفاق السلام الأممي الإفريقي سنة 1991، وهو بعد ذلك الصيغة الوحيدة التي تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة في تقرير المصير والحق في الإختيار. ما يسمى بالحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب والمدعوم من بعض الدوائر الغربية النافذة ليس سوى مصادرة لحق تقرير المصير من خلال إعطاء الإحتلال سيادة دون الرجوع للشعب الصحراوي وتكريسا للأمر الإستعماري الواقع.

الندوة المنعقدة في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، التابع لمنظمة الأمم المتحدة، حول “سيادة الشعوب على مواردها الطبيعية في سياق الاستعمار؛ حالة الصحراء الغربية”، يوم 27 فيفري 2024. (ح. م)

الاستفتاء، بالرغم من كل ما سبق، وبالرغم من أن الأمم المتحدة أنجزت حوالي 80 بالمائة من التحضير لتنظيمه، لم يتم لحد الساعة لأن المغرب يعرف ما هي نتيجته، ولأن مجلس الأمن الدولي لا يمتلك الإرادة لفرض تطبيقه. أحيانا، يبدو كما لو أن المغرب لم يكن مستعدا في أي يوم من الأيام لتنظيم الاستفتاء، وإنما تم قبوله كمناوره لربح الوقت للتخلص من عبء الحرب نهاية الثمانينات ومواصلة مشروعه الإستيطاني البعيد المدى، والذي يبدو من الواضح اليوم أنه يراهن على تعميقه من خلال جملة الاستثمارات الإقتصادية الاستراتيجية في المدن المحتلة وتوريط الدول والشركات والمستثمرين الأجانب.

المغرب بمحض إرادته لن يذهب إلى الاستفتاء، بل ولن يذهب إلى أي حل أيا كان، دون حصول واحد من عاملين: الأول، ضغط دولي كبير، وهو مستبعد الآن، لأن المخزن باع روحه بالجملة وبالتقسيط للدوائر النافذة في العالم، وبالتالي حجز لنفسه مع إسرائيل مقعدا في عربة المؤمن عليهم من كل ضغط أو مساءلة. الثاني، رفع وتيرة الفعل الوطني الصحراوي خاصة فيما يتعلق بانتفاضة الشعب الصحراوي السلمية في المدن المحتلة من الصحراء الغربية ومناطق واد نون لإجهاض مسار الإستيطان والاستثمار وزعزعة الصورة التي يبيعها المخزن للعالم كخطوة ضرورية للفت انتباه العالم لكي يمارس ضغطا على المحتل.

بالرغم من أن هيئة الأمم المتحدة تعتبر الملف الصحراوي كملف تصفية استعمار، إلا أننا لا نرى تحركات جدية لحله. ما السبب ؟

بالتأكيد، الوضعية القانونية للإقليم كإقليم غير مستقل ذاتيا، وطبيعة النزاع كنزاع تصفية استعمار، وخارطة الطريق الشرعية لحله عن طريق تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير عن طريق استفتاء حر، كلها أمور واضحة لا خلاف عليها، وإلى عهد قريب، لم يكن حتى المغرب يعترض عليها. لكن، للأسف الشديد، الشرعية ليست هي المقياس بالنسبة لمن يتحكمون في إدارة العالم، وليس هناك من دليل أكبر مما يجري في غزة وفلسطين عامة هذه الأيام.

لم يتم تنظيم الاستفتاء إلى حد الساعة لأن المغرب المحسوب على الغرب تقليديا، والذي ازداد قربا منه مع اتفاقيات آبراهام لا يريد الاستفتاء، لأنه سيخسره بالتأكيد. ومجلس الأمن الدولي، وإن لم ولن يستطيع تغيير طبيعة النزاع، لكنه لا يمتلك الإرادة الحقيقية للتوجه نحو فرض التسوية العادلة، ويراهن على استمرار تسيير النزاع بتوالي المبعوثين واستمرار التمديد للمينورسو وهو تماما ما يحتاجه المغرب للاستمرار في مخططه الإستيطاني الاقتصادي الهادف إلى فرض الأمر الواقع.

بعد جلسات الاستماع أمام المحكمة الأوروبية شهر أكتوبر الماضي حول الاتفاقيات التجارية بين الإتحاد الأوروبي والمغرب، ما هو القرار الذي تنتظرونه وماذا ستكون نتائجه؟

في البوليساريو نتطلع بتفاؤل لقرار جديد من محكمة العدل الأوربية ينتصر لحق الشعب الصحراوي وسيادته على ثرواته الطبيعية. أسباب التفاؤل عديدة لكن أبزها أن نفس هذه المحكمة هي التي أصدرت قرارات تاريخية بما فيها قرار ديسمبر 2016 وفبراير 2018، وهي لا تستطيع أن تتناقض مع نفسها. من ناحية أخرى، فالقرار محل الطعن الصادر عن المحكمة العامة سبتمبر 2021، شكل نقلة نوعية كبيرة في الموضوع من خلال إلغاء الاتفاقيات الموقعة مع المغرب بسبب شموليتها للصحراء الغربية، ومن خلال تأكيده على الشخصية القانونية لجبهة البوليساريو ورفضها لأي مشاورات تجريها المفوضية كبديل عن شرط موافقة الشعب الصحراوي عن طريق ممثله الشرعي والوحيد. الطرف الآخر، المفوضية ومجلس الاتحاد الأوربي هو من يوجد في موقف دفاع، وقد بدا ذلك واضحا من خلال الجلسات العلنية للمحكمة أكتوبر الماضي، حيث عجز عن تقديم حجج جديدة مخالفة للتي تم على أساسها إلغاء الاتفاقات.

نتائج القرار المرتقب ستكون هامة بالنسبة للشعب الصحراوي، وستشكل عنصرا إيجابيا في موازين القوى مع الاحتلال. فالنتائج ستكون سياسية من خلال تكريس الحق في تقرير المصير وتمثيل جبهة البوليساريو وأهليتها للترافع على المستوى الدولي، ودبلوماسية من خلال ما سيعقبها من أزمة دبلوماسية بين المغرب وشركائه في الاتحاد الأوربي ولكن الأهم أيضا هو أنها ستشكل ضربة قوية لاقتصاد الاحتلال المغربي للصحراء الغربية الذي يتغذى من الأموال الأوروبية ويفتح بابا للتضييق قانونيا على الاستثمارات الأوروبية في الإقليم. أيضا ستشكل عائقا كبيرا أمام سياسة الاستيطان المغربية التي تتم بسبب الإغراء الاقتصادي الذي تقدمه هذه الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية بالنسبة لمواطني المملكة المغربية لإقناعهم بالاستقرار في الصحراء الغربية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!