أعصاب بلا أوتار!
من يشاهد الأعمال التلفزيونية المعروضة على الشاشة الوطنية، بعد الإفطار، وحتى ساعات متأخرة من الليل، يكتشف أن تلك المسلسلات والسكاتشات في واد والمشاهد الجزائري في واد آخر، وهما لا يلتقيان إلا ساعة الفطور جسديا لكنهما مفترقان حسّيا منذ سنوات طويلة.
-
بعض من يكتبون ويؤلفون ويخرجون ويمثلون في هذه الأعمال، يعتقدون أنهم يخاطبون من خلالها جمهورا غير الجمهور الجزائري، أو كأنّ المواطنين أنهوا كل المشاكل وتخلصوا من كل الهموم، وحلّوا جميع الأزمات، ولم يعد أمامهم سوى مشاهدة “تشاراك” المستورد في الجمعي فاميلي!
-
الملايير التي تم صرفها على هذه الأعمال الفقيرة، تجعل الواحد يفطر في نهار رمضان من كثرة الغضب على هدرها دون حسيب ولا رقيب، ولا حتى فائدة، والدليل أننا فشلنا حتى الآن في تسويق أعمالنا المحلية بين الجمهور الجزائري المصدوم من ثرثرة “هو وهو” وسماطة المفتش فاهم، ومغامرات حيدو ميدو!
-
عندما نرى السوريين والمصريين وهم يبدعون في زمن الثورات وغياب الاستقرار، ونقف بالمقابل على الجفاف الفني الذي أصاب الجزائريين حتى وهم في راحة وهدوء بال، نكتشف أن الأمر لا علاقة له دوما بالظروف المحيطة بالإبداع بل يرتبط بتوفر الإبداع في حد ذاته، فالمخ الحابس لا يمكن أن تتوقع منه إلا الفشل والظلام، لكن المشكلة الأساسية عندنا أن هذا الفشل تتم مكافأته بالملايير بدلا من تعليق صاحبه من الرِجلين.
-
أحيانا كثيرة، نسمع ونقرأ هنا وهناك أن البرابول نعمة كبيرة، تضاهي أحيانا أهمية الأكل والشرب، خصوصا عندما تكون لديك قناة وطنية يتيمة وبائسة كالتي ابتلينا بها، ولاشك أن المواطن الذي اقترح حلّ هذه القناة، أو تعليق برامجها نهائيا وبث سلسلة توم وجيري بدلا منها، كان محقا، خصوصا أن القط والفأر الشهيرين، يُضحكان الناس مجانا ولا يَضحكان على الناس ”بالفلوس”!
-
أخفقت اليتيمة مجددا في رهان رمضان، وظهر جليا أن هذه القناة لا تصلح لا في رمضان ولا في شعبان، والدليل أن الكثير من المشاهدين الذين صبروا عليها طيلة السنوات السابقة، وقد كانت سنوات كبيسة في الإبداع، راحوا اليوم يطلّقونها بالثلاث، بعدما بات الفشل فيها كائنا حيّا يمشي على قدمين ويقول ”ها أنا ذا”!